اعتبر الدكتور محمد جبرون، الباحث في الفكر الإسلامي أن الفقهاء المعاصرين استشعروا الحرج في تطبيق الحدود (العقابية) في الشريعة، وهو ما جعلهم يجتهدون في هذا المجال في ظل صعوبة إثبات الشهود فيما يعتبرونه "زمن الفساد". وقال أستاذ التعليم العالي في جامعة تطوان، الذي كان يتحدث، مساء الأحد الماضي، في مداخلة له ضمن فعاليات الملتقى الوطني السادس للباحثين في العلوم الشرعية، الذي نظمته حركة التوحيد والإصلاح في مدينة طنجة "إن تطور ثقافة العقاب عبر التاريخ تعبر عن الحاجة لتجديد الفهم في هذا المجال"، واعتبر أن "ثقافة العقاب الجسدي كانت تلائم سياقات تاريخية معينة لم تعد تنطبق في العصر الحالي، فهناك أحكام حدودية انقرضت مع التاريخ والواقع"، بحسبه. وسجل جبرون وجود رأيين بخصوص الثقافة العقابية في علم أصول الفقه؛ رأي "نصي" يرى بضرورة الالتزام بقوانين النص الشرعي في تطبيق الحدود، مقابل رأي "تاريخي" يرى أن عقوبات النص قاسية، والزمن له تأثيره في الثقافة العقابية. ويرى جبرون أن الرأي الثاني يقوم على اعتبار الحدود ليست مقصدا في حد ذاتها، بل في قيم عليا في الإسلام على رأسها العدل، خصوصا أنه نادرا ما تُطبق الحدود كما هي عبر التاريخ، حسب قوله. واعتبر المفكر الإسلام أن كل ما يقوم به يصب في اتجاه " كيف نعيش مؤمنين في القرن 21 دون عقدة نقص"، مشيرا إلى أن تطبيق الحدود كغاية في حد ذاتها فهم خاطئ، وهو ما يجعل نمودج "داعش" المتطرف يقدم صورة سيئة عن الإسلام.