توتر العلاقات بين المغرب والجزائر لها أكثر من سبب وليست الرسالة التي وجهها الرئيس الجزائري إلى مؤتمر نيجيريا إلا النقطة التي أفاضت الكأس ذلك أن السبب الرئيسي يكمن حسب الباحث مصطفى الناعيمي في كون المغرب أصبح يعزز حضوره في منطقة الساحل خاصة بعد الزيارة الملكية للعديد من الدول الإفريقية وهو ما يزعج الجزائر التي تريد الاستفراد بالمنطقة بعد سقوط نظام القذافي
هل يمكن اعتبار رسالة الرئيس الجزائري هي السبب في التوتر الحاصل بين البلدين أم أن هناك أسباب أخرى؟ أولا قضية رسالة الرئيس الجزائري سببا غير مباشر لتوتر العلاقة بين المغرب والجزائر، لأن هناك أسباب أهم وعلى رأسها أن المغرب مقبل على نقلة نوعية في علاقته مع الغرب الإفريقي ومنطقة الساحل على وجه التحديد، وهذه هي النقطة الحساسة التي تمس الجزائر، التي تريد كقوة جهوية أن تستغل انهيار نظام القذافي لكي تهيمن بصورة مطلقة على منطقة غرب إفريقيا، والمغرب يدخل إلى هذه المنطقة من خلال إعادة هيكلة العلاقات الروحية والصوفية المتمثلة في علاقة أمير المؤمنين بالزوايا الإفريقية لكي يفرغ جميع المجهودات الجزائرية من محتواها الاستراتيجي ويجد من رغبة الجزائر في السيطرة على المنطقة من دون منافس. إضافة إلى ذلك فإن الجزائر أصبحت تنظر بعين الريبة للحضور الفرنسي المكثف في منطقة الساحل والذي يمر عبر المغرب لأنها ترى في هذا التعاون المغربي الفرنسي تهديدا لمصالحها في المنطقة، لذلك لجأت الجزائر إلى ملف الصحراء وحقوق الإنسان في الصحراء من أجل الضغط على المجتمع الدولي وعلى الولاياتالمتحدةالأمريكية على وجه التحديد لتبني موقف معارض للمغرب، صحيح أن المغرب لم يرقى إلى المستوى المطلوب فيما يتعلق باحترام حقوق الإنسان لكن مشكل الجزائر أنها في موقع لا يسمح لها بأن تنتقد حقوق الإنسان بالمغرب لأنها أبعد ما تكون عن احترامها.
هل تتوقعون أن تزيد حدة التوتر خلال الأيام القادمة أم أن الأمور ستعود إلى طبيعتها؟ لا أعتقد أن مسألة استدعاء السفير يشكل أمرا خطيرا، كما أن مسالة التصعيد هي أمر مفتعل ومدروس والغرض منه هو تسجيل أكبر عدد من النقط مع المنظومة الأممية والولاياتالمتحدةالأمريكية، وأعتقد أن مسألة استدعاء السفير هي إضافة للاحتجاج على الموقف الجزائري هي أيضا للفت انتباه الرأي العام العالمي لعدالة قضية المغرب. كما أننا نلاحظ أن المغرب أصبح يقوم بعمليات مدروسة وخطوات محسوبة في كل ما يتعلق بقضية الصحراء والولاياتالمتحدةالأمريكية، لكن مازال له بعض الأخطاء على مستوى الملف الحقوقي في جنوب المغرب التي تؤثر على صورته لدى الرأي العام الدولي والإسباني بصفة خاصة، فيما عدى هذه النقطة فإن المغرب يسير بخط ثابتة فيما يرتبط بالتحركات الدولية المرتبطة بقضية الصحراء. لذلك فمن المستبعد أن يستمر هذا التصعيد الذي من المرجح أن ينتهي بالإعلان عن مضمون تقرير المبعوث الأممي كريستوفر روس وكذلك عندما تتم الزيارة الملكية إلى واشنطن.
الآن كيف تتوقعون المسار الذي ستأخذه قضية الصحراء في الأيام المرتقبة؟ أعتقد أن الزيارة التي سيقوم بها الملك إلى الأقاليم الجنوبية والتي من المرتقب أنها ستعلن عن قرارات جريئة في المناطق الجنوبية، إضافة إلى الإصلاحات التي ستقع على مستوى تدبير الشأن الصحراوي أعتقد أنها ستحطم ادعاءات البوليساريو، كما على المغرب أن يلعب ورقة حقوق الإنسان والديمقراطية بشكل جيد والتي ستؤهله لكسب قضية الصحراء، كما أنه على المجتمع المدني والسياسي أن يتحمل مسؤوليته في قضية الصحراء خاصة بعد الخطاب الذي الملكي الذي طلب من الجميع تحمل مسؤوليته في قضية الصحراء.