استدعى وزير الشؤون الخارجية الجزائري مراد مدلسي الاثنين الماضي سفير الولاياتالمتحدةبالجزائر ليعرب له عن "الاحتجاج الشديد" للحكومة الجزائرية على قرار السلطات الأمريكية القاضي بإدراج الرعايا الجزائريين ضمن قائمة البلدان التي سيتم إخضاع مواطنيها لإجراءات مراقبة خاصة نحو أو من نقاط الدخول الجوية الأمريكية. ووصف بلاغ للخارجية الجزائرية الإجراء الأمريكي بالمؤسف وغير المبرر والتمييزي ، في الوقت الذي تحدثت مصادر إعلامية عن مساعي فاشلة بادر بها سفير الجزائر بواشنطن لتعطيل تنفيذ القرار بمجرد الإعلان عنه من طرف إدارة البيت الأبيض . وجاء التصعيد الدبلوماسي الجزائري الأخير ضد إدارة أوباما في الوقت الذي كانت مصادر إعلامية قد سجلت توافقا وتطبيعا غير مسبوق في العلاقات الثنائية بين الجزائر وواشنطن, مكن الحكومة الجزائرية من احتلال موقع متقدم في مجال الشراكة المتعددة الأوجه بين البلدين وضغطت الحكومة الجزائرية لتستفيد منه ضمن الحدود القصوى دبلوماسيا و عسكريا . ويعتقد خبراء و متتبعون لتطور العلاقات بين الجزائر وواشنطن إلى أن انتفاضة الحكومة الجزائرية ضد الإجراءات الأمنية الأخيرة للإدارة الأمريكية تعكس في العمق صيرورة العديد من القضايا الخلافية بين البلدين التي يظل موقف الإدارة الأمريكية من نزاع الصحراء المساند لمقترح الحكم الذاتي المغربي المتحكم الرئيسي في مؤشر العلاقات الثنائية بين البيت الأبيض وقصر المرادية . فنظام عبد العزيز بوتفليقة الذي ما زال لم يهضم التحفظات التي عبرت عنها الخارجية الأمريكية من تجديد انتخابه لولاية رئاسية ثالثة وحديثها عن خروقات انتخابية مست الاقتراع الرئاسي الجزائري أبدى انزعاجه الضمني من تصريحات سابقة لوزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون بمراكش ضمنتها التزام الإدارة الأمريكية بموقفها الدائم من قضية الصحراء و دعمها لمقترح المغرب وهو ما واجهته الحكومة الجزائرية برفض مطلق لمشروع الأفريكوم الأمريكي بمجرد إعلانه ثم مباركته ضمنيا بعد ذلك على أساس اعتراف إدارة أوباما بالريادة الجزائرية الاقليمية في مسلسل محاربة الارهاب، والموافقة على مضض على تنصيب نفسها من طرف واحد محاورا للتحالف الافريقي المناهض للارهاب بمنطقة الساحل الافريقي . ويعتقد المهتمون أن الانتفاضة الجزائرية ضد القرار السيادي الأمريكي المتعلق بتأمين معابره الجوية يشكل في واقع الأمر ورقة ضغط ومقايضة جديدة تلوح بها الجزائر لابتزاز الادارة الأمريكية مستقبلا في قضايا جوهرية أخرى و في طليعتها ملف الصحراء الذي تعتقد الحكومة الجزائرية أنها استطاعت خلخلة توازناته على مستوى الاتحاد الأوروبي بعد الزيارة الأخيرة لبوتفليقة لاسبانيا وفشله في إقناع حكومة ثاباتيرو بسحب دعمها لوجهة نظر الرباط .