حقائق جديدة ومثيرة كشفها كتاب جديد أصدره أحد المسؤولين السابقين في المخابرات العسكرية الإسرائيلية، عن محاولات الدولة العبرية شقّ الصفوف العربية واستمالة بعض الدول، وكسب تعاون بعد الزعماء من خلال مقايضتهم ببعض المصالح والخدمات التي تستطيع الدولة الإسرائيلية تقديمها. ومن أهم المعلومات الجديدة التي كشفها الكتاب الجديد لصاحبه (يوسي ألفر)، هو الدور الإسرائيلي المباشر في الحرب الأهلية التي عاشتها اليمن في الستينيات، والتي تحوّلت إلى مواجهة غير مباشرة بين مصر والسعودية، وبين المعسكرين الشرقي والغربي في سياق الحرب الباردة، حيث كانت إسرائيل تنقل أسلحة مصرية استولت عليها عام 1956، إلى القوات اليمنية المدعومة من طرف السعودية لمحاربة جيش عبد الناصر. المغرب بدوره نال نصيبا من فقرات الكتاب الجديد للمسؤول الاستخباراتي الإسرائيلي، حيث أكد معطيات سابقة عن دور الملك الراحل الحسن الثاني في الترتيب للزيارة الشهيرة التي قام بها الرئيس المصري الراحل أنور السادات إلى القدسالمحتلة وإسرائيل، والتي أفضت إلى التوصّل إلى اتفاقية (كامب دايفد) الشهيرة، وهي اتفاقية سلام بين مصر وإسرائيل. يوسي ألفر كشف تفاصيل الدور المغربي للترتيب لتلك الزيارة الشهيرة، حيث قال إن العلاقات المغربية الإسرائيلية كانت واحدا من أعمدة العلاقات التي سعت إسرائيل إلى إقامتها مع دول المنطقة العربية، إلى جانب تحالفها مع كل من إيران (في عهد الشاه) وتركيا لتبادل المعلومات والتخطيط المشترك. المسؤول الاستخباراتي السابق، قال في كتابه «بحث إسرائيل عن حلفاء في الشرق الأوسط»، إن إسرائيل سعت في البداية إلى تقديم مساعدتها للمغرب في تكوين فرقة من الحرس الشخصي، مكلفة بحماية الشخصيات الهامة. في المقابل، يقول صحاب الكتاب، كانت إسرائيل تحصل على معلومات هامة هي في حاجة إليها. تجربة تودّد إسرائيلي مبكّر، سوف تتحوّل بعد 12 عاما إلى دور مغربي كبير في ترتيب زيارة أنور السادات إلى إسرائيل، إذ بدأ ب»لقاء بين الملك الحسن الثاني ومدير الموساد إسحاق حوفي أفضى إلى لقاء ملكي آخر مع الوزير الأول الإسرائيلي إسحاق رابين، والذي حلّ بالمغرب بشكل سري ومرتديا باروكة شعر أشقر». بعد هذه الاجتماعات المغربية الإسرائيلية، احتضنت المملكة لقاءات سرية بين مسؤولين إسرائيليين وآخرين مصريين، حيث يأتي الكتاب على ذكر لقاء بين كل من مدير المخابرات الإسرائيلية، الموساد، ونائب الرئيس المصري حسن التهامي، وهو اللقاء الذي فتح الطريق أمام لقاء آخر بين نائب أنور السادات ووزير الخارجية الإسرائيلي موشي ديان. هذا الأخير قام أيضا بزيارة المغرب بشكل سري وبهوية غير حقيقية، حيث كشف صاحب الكتاب أنه قام بنزع العصابة الشهيرة التي كانت تغطي عينه اليسرى التي فقدها في الحرب بسوريا، وارتدى قبّعة من نوع «بورسالينو» الإيطالية، ليتغيّر شكله تماما. يوسي ألفر قال في كتابه إن مسؤولي الموساد أنفسهم لم يستطيعوا التعرّف عليه حين شاهدوا صورته في جواز السفر الذي سافر به إلى المغرب بهوية مزوّرة. أبرز ما كشفه الكتاب الجديد حول محاولات إسرائيل المبكرة لبناء تحالفات داخل المنطقة العربية والإسلامية، هو تشكيلها حلفا ثلاثيا سريا مع كل من إيران وتركيا، حيث كان لهذا التحالف الاستخباراتي مقرّ مركزي في إسرائيل، والذي كانت تنعقد فيه اجتماعات دورية وبشكل دائم. ويضيف صاحب الكتاب أنه قام شخصيا بأدوار في عملية نقل أسلحة مصرية استولت عليها إسرائيل في حرب العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، إلى اليمن وتسليمها لقوات الإمام بدر المدعوم من طرف السعودية، لمواجهة جيش جمال عبد الناصر المصري. وأوضح الكاتب أن السعوديين طلبوا دعما بريطانيا في تلك الحرب، وهو الدعم الذي فوّضت لندن مهمة تقديمه لإسرائيل، حيث كانت طائرة شحن إسرائيلية تقوم ب14 رحلة خلال سنتين، لنقل أسلحة مصرية إلى اليمن. المهمة كانت تتم تحت مراقبة مسؤولين بريطانيين، وكان الهدف منها إنهاك الجيش المصري في اليمن لكون تل أبيب كانت تعرف أن حربا أخرى مقبلة حتما مع مصر. وأوضح صاحب الكتاب أن المعلومات التي قام بكشفها حصلت لأول مرة على ترخيص برفع السرّية عنها.