في سابقة من نوعها في تاريخ المخابرات الإسرائيلية، تستعد القناة الرسمية الأولى في الدولة العبرية، لبث شريط وثائقي غير مسبوق يوم الاثنين المقبل، يكشف أسرار وتفاصيل خطيرة متعلقة بعدد من العمليات التي نفّذها جهاز «الموساد»، وما تعتبره إسرائيل إنجازات دبلوماسية حققها ذراعها الأمني السري. ومن بين العمليات التي يتحدّث عنها الشريط المثير، كواليس التوصل إلى اتفاقية السلام بين كل من إسرائيل ومصر في عهد أنور السادات. والمثير أكثر في ما يكشفه الشريط الجديد، هو الدور السري الذي لعبه الملك الراحل الحسن الثاني في التوصل إلى هذا الاتفاق، والاتصالات السرية التي أجراها معه كبار المسؤولين السياسيين والاستخباراتيين الإسرائيليين بهذا الخصوص. الشريط الذي عُرض بعد زوال يوم الجمعة الماضي، في إطار العرض ما قبل الأول، وشاهدته شخصيات أمنية وسياسية إسرائيلية رفيعة، يتقدمهم إيهود باراك، وزير الدفاع الحالي، يتحدّث لأول مرة عن انتقال مسؤولين إسرائيليين كبار عام 1977، بشكل سري إلى المغرب، من أجل لقاء الملك الراحل الحسن الثاني. ويُظهر الشريط إحدى الصور النادرة لهذه الزيارات، لإسحاق رابين، رئيس الوزراء حينها، وهو يدخل إلى أحد قصور الحسن الثاني متنكرا عبر وضع باروكة فوق رأسه، وبرفقته إسحاق جوفي، رئيس جهاز «الموساد» آنذاك. هذا الأخير يتحدّث شخصيا في الشريط الذي يحمل عنوان «شفاه مغلقة»، في إشارة إلى موضوعه المتمثل في جهاز المخابرات الكتوم. ويوضح المسؤول السابق عن الجهاز السري الإسرائيلي، أنه وضع أسس اتفاقية السلام التي وُقّعت مع مصر، رفقة الملك الراحل الحسن الثاني.
الاتفاقية المقصودة هي المشهورة باتفاقية «كامب ديفيد»، والتي تم التوقيع عليها في 18 شتنبر من العام 1978، بين كل من الرئيس «محمد أنور السادات» محمد أنور السادات، ورئيس وزراء «مناحم بيجن» مناحيم بيغن. هذا الأخير كان قد خلف إسحاق رابين في رئاسة الحكومة الإسرائيلية في ماي 1977، ما يعني أن لقاء هذا الأخير بالحسن الثاني تم في الشهور الأولى من هذه السنة. وفيما تم التوصل إلى الاتفاق، حسب الروايات الرسمية، بعد 12 يوما من المفاوضات التي تمت في منتجع «كامب ديفيد» الموجود في ولاية «ميريلاند» الأمريكية؛ يكشف الشريط الوثائقي الجديد جزءا من الكواليس المعقدة للتحضيرات الأولى لهذا الاتفاق، والدور الذي لعبه الملك الراحل الحسن الثاني الراحل في تمهيد الطريق نحو هذه الاتفاقية التاريخية.
قصة دخول إسحاق رابين إلى قصر الحسن الثاني متخفيا عام 1977، كانت قد ترددت في روايات متفرقة، لكنها ظلت إلى اليوم مجرد حكايات شفوية دون وثائق رسمية تثبت ذلك. وكانت زيارة شمعون بيريز إلى المغرب ولقاؤه بالحسن الثاني عام 1986، أول استقبال رسمي لمسؤول إسرائيلي يُخرجه الملك الراحل إلى العلن، رغم ما أثاره عليه ذلك حينها من انتقادات وتوترات مع بعض الدول العربية. فيما تشير الكتابات المتعلقة بكواليس اتفاقية «كامب ديفيد»، إلى أن الملك الراحل خاض لقاءات ومشاورات عديدة مع مسؤولين إسرائيليين ومصريين، من بينها لقاء، اجتمع فيه كل من وزير الخارجية الإسرائيلي حينها، موشي ديان، مع أحد مبعوثي الرئيس المصري أنور السادات.
وعلاوة على كواليس اتفاقية السلام الإسرائيلية المصرية، يكشف الشريط الذي يعتبر سابقة من نوعه في إسرائيل، تفاصيل قيام الموساد الإسرائيلي باغتيال أربعة علماء عراقيين عام 1979، بهدف إحباط المشروع النووي العراقي؛ إضافة إلى قيام الموساد بتدبير عمليات أدت إلى قتل الآلاف من الجنود العراقيين عبر دعمها للأكراد في مواجهة الجيش العراقي، وذلك بتدريبهم وإمدادهم بالمعلومات. ويغطي الشريط الذي يرتقب أن يؤدي إلى إثارة زوبعة من ردود الفعل، فترة رئاسة إسحاق حوفي لجهاز المخابرات الإسرائيلي، والتي تمتد ما بين 1974 و1982.