لدى مرور جثمان ملفوف بالعلم الكويتي ارتفعت عشرات الأيدي من وسط الجموع للمساعدة في حمل النعش إلى المقبرة الشيعية حيث ووري الثرى اليوم السبت معظم ضحايا هجوم شنه تنظيم الدولة الإسلامية يوم الجمعة على مسجد. وبين آلاف المعزين الشيعة في المقبرة الجعفرية بمنطقة الصليبخات في مدينة الكويت خيمت مشاعر الصدمة والحزن على الوجوه وكذا شعور بالاستسلام بعدما وقع أخيرا هجوم على طائفتهم ظلوا يخشونه لفترة طويلة. وتميزت العلاقات بين السنة والشيعة في الكويت بأنها أقل حدة عنها في بلدان خليجية أخرى. لكن المعزين يقولون إن تلك العلاقات تأثرت بصعود التيار السلفي وسط السنة وهو تيار يصف الشيعة بانهم روافض بالإضافة لاندلاع حروب في العراقوسوريا من وراء تلك الكراهية الطائفية. وأعلن تنظيم ولاية نجد التابع للدولة الإسلامية مسؤوليته عن هجوم الجمعة الذي قتل فيه 27 شخصا وأصيب ما يزيد على مئتين في مسجد الإمام الصادق بوسط مدينة الكويت. وولاية نجد هو التنظيم نفسه الذي فجر الشهر الماضي مسجدين للشيعة في السعودية مما أدى إلى مقتل 25 شخصا. وقال مناف البهبهاني وهو أستاذ لعلوم الأحياء البحرية بجامعة الكويت وهو يقف وسط المشيعين بينما تتابع مرور الجثامين باتجاه المقبرة "توقعت حدوث هذا. ما الذي يميزنا كي لا نكون مستهدفين¿ من الواضح أنه لا يوجد بلد محصن." وأضاف "الطائفية موجودة قبل سوريا. هناك أمثلة.. حتى في البرلمان.. في اللغة التي أصبحت قوية جدا. لدينا توترات لكن لم يحدث من قبل أعمال عنف. لم تقع هجمات ولا تفجيرات." وبين أعلام الكويت ورايات الحداد التقليدية التي ميزتها الألوان الحمراء والسوداء والخضراء والتي تحمل أسماء أئمة الشيعة الأوائل ارتفعت لافتات حملها شيعة سعوديون أو بحرينيون أتوا للتضامن. ووصل ثلاثة شبان من القطيف بشرق السعودية صباح اليوم ووقفوا وقد اتشحوا بملابس سوداء يشاهدون مرور الجثامين. وقال أحدهم بعدما رفض التصريح باسمه كاملا وهو يشير للمخاطر التي تستهدف الشيعة في بلدان الخليج العربي بعد ثلاث تفجيرات في شهر واحد "لا نخاف. سنكون أقوياء.. لا يهم إن استشهدنا." ووقف المشيعون وعددهم بالآلاف في طريق وسط الأشجار يؤدي من مسجد الحاج إبراهيم حسين معرفي إلى المقبرة. ورفع البعض أيديهم في الهواء أو ضربوا بها على صدورهم وهو يستمعون للهتافات. وهتف الرجال وهم يسيرون في الجنازة "لا سني ولا شيعي.. إسلامنا واحد." وبعدها هتفوا "يسقط داعش.. يسقط داعش." ومن بعيد طغى نحيب النسوة على هتافات الرجال. وفي النعش التالي رقد جثمان صغير ليذرف الرجال الدمع بلا توقف. كان الطقس شديد الحرارة في منتصف نهار التاسع من شهر رمضان. وفي أحد الأركان سقط رجل مغشيا عليه وهو جالس في مقعد بلاستيكي نتيجة حرارة الجو ومشاعر الحزن بينما حاول مسعف إنعاشه. ونقلت الجثامين عبر أرض ترابية إلى المقبرة حيث تم دفن الضحايا واقامة الصلوات. وبجوار صف ممتد من القبور المفتوحة وقف حفارون بأزياء صفراء كاملة وقد احتموا بالظل. واصطفت سيارات لمسافة طويلة على الطريق الذي يشطر المقبرة إلى جانبين.. واحد للشيعة في الغرب وآخر للسنة في الشرق. وقال البهبهاني مشيرا للانقسامات الطائفية "الموتى لا تفصلهم إلا الجدران فوق الأرض. أما تحتها.. فلا جدران." ومع وصول الجثامين للمقابر ارتفع صوت الهتافات فصار الهمس ضجيجا يملأ الهواء.