لم تكد تهدأ عاصفة الجدل الذي خلقته المشاهد المسربة من الفيلم الأخير للمخرج نبيل عيوش "الزين اللي فيك" قبل أسابيع حتى تلاها بث القناة الثانية لسهرة المغنية الأمريكية جنيفر لوبيز بموازين، واندلاع موجة من الانتقادات بسبب لباس المغنية.. أحداث خلقت نقاشا واسعا في الساحة الوطنية، اختلفت فيه مواقف الأحزاب السياسية بين أحزاب "صامتة" وأخرى تنوعت مواقفها بين الوضوح و"اللاموقف". ولعل أحدث رد فعل لحزب سياسي كان لحزب الأصالة والمعاصرة، والذي جاء في أعقاب اجتماع مكتبه السياسي يوم أمس الخميس حيث حذر مما أسماه "الوصاية الإيديولوجية على حرية التعبير" و"محاولات الحجر على فكر المغاربة"، متفاديا التعبير عن أي موقف واضح تجاه القضيتين اللتين شغلتا الرأي العام المغربي، ومكتفيا بالحديث عن ضرورة "تفادي الأحكام المتسرعة" في ما يتعلق بهذه المواضيع، في انتظار "إبداء أهل الاختصاص لآرائهم فيها". موقف البام "المتأخر" هذا، جاء عقب أيام من خروج حزب التقدم والاشتراكية المشارك في الائتلاف الحكومي، ليدعو إلى "نقاش هادئ ورصين" في المواضيع التي أسالت الكثير من المداد في المنابر الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي، معبرا عن "أسفه للتقاطب غير السليم " الذي عرفه التفاعل مع شريط سينمائي وعرض موسيقي، ول "ما يتم التعبير عنه من تعارض مطلق بين خطاب المغالاة في الأخلاق، وخطاب لا يأخذ بعين الاعتبار واقع المجتمع"، حسب ما جاء في بيان لرفاق نبيل بنعبد الله. وعلى صعيد آخر، كان موقف البيجيدي واضحا وحاسما، بحيث أكدت أمانته العامة أن إقدام القناة الثانية على بث سهرة لوبيز "سلوكا متهورا"، لتضمن الحفل ل" مشاهد مخلة بالحياء ومستفزة للشعور الديني والأخلاقي للمجتمع المغربي ومتعارضة مع قيمه وتقاليده الأصيلة"، داعيا إلى " فتح تحقيق حول هذا الانزلاق الخطير ومحاسبة المسؤولين عنه". إلا أن الحزب الذي يقود الائتلاف الحكومي لم يعبر عن موقفه بخصوص فيلم عيوش، الذي أصدرت وزارة الاتصال قرارا بمنع عرضه في القاعات السينمائية المغربية، بينما كانت شبيبة الاتحاد الاشتراكي سباقة إلى التعبير عن إدانتها لما أسمته ب" الاستغلال السياسوي المقيت لبعض الأطراف السياسية ضد الفيلم الأخير للمخرج نبيل عيوش"، واستيائها من "الطريقة المتطرفة في التعاطي مع الفيلم من أجل تمرير أطروحات محافظة ورجعية تضرب في العمق حرية الإبداع والفن في بلادنا"، لتكون بذلك عبرت عن موقف منظمة موازية لحزب الوردة، الذي لم تصدر هياكله القيادية إلى حدود الساعة أي بلاغ يوضح موقفا رسميا من الفيلم والسهرة، في ما عدا تصريحات صحافية متفرقة لقياداته. وانتهج حزب الاستقلال تقريبا نهج حزب الوردة، إذ إن المواقف الواضحة صدرت عن شبيبته التي خرجت إلى الشارع للاحتجاج ضد فيلم عيوش وبث سهرة لوبيز، بينما اختار حزب الميزان قبة البرلمان للحديث عن سهرة المغنية الأمريكية المثيرة للجدل بتعريها ورقصها الإباحي يوم الجمعة الماضي على منصة السويسي، من خلال سؤال شفوي آن لوزير الاتصال مصطفى الخلفي، كان من المفترض أن يطرحه النائب عادل بنحمزة خلال جلسة الأسئلة الشفوية، يوم الثلاثاء الماضي، قبل أن يتم تحويله إلى سؤال كتابي، جاء فيه أن السهرة "تضمنت استعراضا إباحيا لا يمت بصلة لقيم المجتمع المغربي"، مسائلا الوزير عن "التدابير والإجراءات التي يعتزم اتخاذها لمنع تكرار ما جرى هذا العام والعام الماضي"، في إشارة إلى بث سهرات مماثلة خلال العام الماضي على قنوات عمومية.