عانت مدينة فالينسيا الإسبانية، الليلة الماضية، من فيضانات مدمرة أسفرت عن أكثر من 95 وفاة وعشرات المفقودين، نتيجة للعاصفة "دانا" التي تضرب عدة مناطق حول العالم. وقد أدت هذه الكارثة إلى انتشار واسع للشائعات على وسائل التواصل الاجتماعي، تتناول نظريات مثيرة للجدل حول أسباب الفيضانات، حيث تروج بعض المنابر الإعلامية لفرضيات تربطها بتأثيرات محتملة لعمليات الاستمطار الصناعي التي يزعم أن المغرب يقوم بها. وفي هذا الإطار قال مصطفى بنرامل، خبير في المناخ، ورئيس جمعية المنارات الإيكولوجية، في تصريح ل"رسالة24″، إن الحديث عن مسألة الاستمطار الصناعي في ظل التقلبات المناخية المتزايدة وحالات الطقس المتطرفة التي يشهدها العالم، ومن بينها ما شهدته الولاياتالمتحدة وأجزاء من جنوب أوروبا، خاصة في إسبانيا والبرتغال وفرنسا. وقد عانت منطقة فالنسيا الإسبانية بشكل خاص من أمطار غزيرة تسببت في فيضانات ضخمة، حيث سجلت معدلات هطول وصلت إلى 420 ملم خلال 24 ساعة. وفيما يتعلق بتأثير الاستمطار الصناعي على الفيضانات التي شهدتها إسبانيا، أكد الخبير أن هذه الفيضانات لا ترتبط بعمليات الاستمطار، بل تعود إلى ظاهرة النينيا. تعد النينيا مرحلة مناخية تتبع انحسار ظاهرة النينيو، وتحدث عندما تنخفض درجات حرارة سطح المحيط الهادئ بشكل ملحوظ، مما يؤدي إلى اضطرابات مناخية شديدة في مختلف المناطق حول العالم. ويشرح بنرامل قائلا:" تؤدي هذه الظاهرة إلى تحولات كبيرة في التيارات الهوائية، مما يعزز تكوين العواصف الشديدة والأمطار الغزيرة كما شهدتها إسبانيا، وتنتج عن تفاعل النينيا مع تيارات هوائية باردة ودافئة، مما يؤدي إلى ارتفاعات سريعة في معدلات الأمطار على مدى فترات قصيرة، وهذا ما يسبب فيضانات مدمرة كتلك التي شهدتها منطقة فالنسيا." ويؤكد بنرامل، أنه نظرا لمحدودية الموارد التقنية والمالية، لا يمتلك المغرب الوسائل اللازمة للقيام بعمليات الاستمطار الصناعي، مشيرا إلى أن تداول مثل هذه الأنباء قد يكون مصدره بعض المنابر الإعلامية الأجنبية. وفي تفسيره للعاصفة التي ضربت جنوب إسبانيا، أوضح بنرامل أن "عاصفة دانا" تكونت نتيجة التقاء كتلتين هوائيتين: الأولى باردة ومنخفضة قادمة من الشمال، محملة بكميات كبيرة من الأمطار، والثانية دافئة متصاعدة من المناطق المدارية. تفاعلت الكتلتان فوق المحيط الأطلسي، وأدت إلى نشوء عاصفة قوية استمرت في الدوران لتضرب جنوب إسبانيا، ورغم أنها كانت متجهة نحو الجزائر، إلا أن ضعف سرعتها وتلاشي قوتها حد من تأثيرها ليقتصر على منطقة فالنسيا والمناطق المجاورة. وعن التوقعات المناخية، أشار بنرامل إلى أن المغرب سيشهد هذا العام طقسا متطرفا، يتمثل في تساقط كثيف للثلوج على الجبال والمناطق المرتفعة، مما سيعرقل حركة التنقل ويؤثر على الأنشطة اليومية للكائنات الحية بشكل عام. كما أن البلاد ستشهد أمطارا طوفانية قد تؤدي إلى فيضانات في بعض المناطق، وخاصة في غرب سفوح الأطلس الكبير والمتوسط، ومناطق الهضاب الوسطى مثل عبدة ودكالة والشاوية. وستتعرض منطقة "الغرب، اللوكوس، طنجة، تطوان، والحسيمة" لفيضانات كبيرة قد تخلف أضرارا واسعة في البنية التحتية.