تتراجع مؤشرات السياحة بالمغرب تدريجيا منذ شهور، إذ فقدت الأعمال السياحية نحو مليار درهم على الأقل من مداخيلها المعتادة في الشهور الثلاثة الأولى لهذا العام. ويعود السبب الأساسي في ذلك إلى الانهيار المفاجئ لسوق السياح الفرنسيين الذين مازالت أعداد الوافدين منهم على المغرب في تناقص منذ حادث «شارلي إيبدو». ومع ذلك، فإن وزارة السياحة تتمسك بحس التفاؤل، وكما يعلن وزيرها لحسن حداد، في تصريح ل»أخبار اليوم»، فإن «العاملين في قطاع السياحة لا يجب أن يُصوروا الوضع وكأنه كارثة حلت بالبلاد، لأن ما يحدث لا يدعو إلى القلق البالغ، ونحن نعمل جميعا على أن تطوى صفحة هذه الأزمة بسرعة». وقال وزير السياحة، إن ما تمر به السياحة بالمغرب «يمكن تسميته بتراجع ملفت، لكنه ليس وضعا يدعونا إلى القلق الشديد»، موضحا أن «جميع المؤشرات توحي بأننا سنستعيد قوتنا في وقت قريب». وانهارت مؤشرات دخول السياح إلى المغرب بنسبة 0.5 في المائة، وعدد ليالي المبيت ب 9 في المائة، فيما تراجعت المداخيل ب5.5 في المائة في الشهور الثلاثة الأولى من عام 2015. وكشفت أرقام عرضتها الجمعية الوطنية لوكلاء الأسفار الفرنسيين Snav، عن انهيار عدد حجوزات السياح الفرنسيين ب42 في المائة، فيما تقلصت الأعمال السياحية الفرنسية المرتبطة بالسوق المغربية ب46 في المائة. غير أن وزير السياحة يؤكد أن «مؤشرات تراجع السياحة بالمغرب ليست أمرا كنا نخفيه، بل كنا نعرضها باستمرار عبر مرصد السياحة، ولكننا كنا نبين أنه بقدرتنا مواجهة هذا المنحى التراجعي». ويلاحظ وزير السياحة أن الأرقام المعروضة من لدن Snav لا يجب أن تؤخذ وكأنها المقياس الرئيسي لفهم هذا التراجع في السياحة المغربية، ويقول: «لا تشكل الأعمال التي يقوم بها وكلاء الأسفار الفرنسيون بالنسبة إلى السياح الفرنسيين الوافدين على المغرب سوى 12 في المائة، وحينما تتراجع حجوزاتهم بنسبة 42 في المائة، فهي لا تعني أن عدد السياح الفرنسيين تراجع بهذه النسبة، وإنما من تلك ال12 في المائة فحسب، وهو ما يعادل 5 في المائة من نصيبهم من السياح الفرنسيين». وأظهرت الأرقام أن عدد ليالي المبيت تراجعت بشكل ملحوظ في كل من مدينتي مراكش وأكادير، وهما المركزان الرئيسيان للنشاط السياحي في المغرب، بنسبة 11 في المائة و12 في المائة على التوالي. كما فقدت مدن أخرى كطنجةوالدارالبيضاء بعضا من نصيبهما في ليالي المبيت، فقد تراجعت في طنجة ب10 في المائة، فيما تقهقرت في الدارالبيضاء ب2 في المائة. ويرى وزير السياحة أن تراجع ليالي المبيت في بعض المدن السياحة يمكن تفسيره بالتراجع العام لعدد السياح الوافدين على المغرب، لكن «في طنجةوالدارالبيضاء، لا يمكن إصدار الحكم نفسه كما هو الحال بالنسبة إلى مراكش وأكادير، لأن تلك المدينتين تصنفان ضمن مدن العبور Transit، بالنسبة إلى السياح، وليستا وجهتين سياحيتين نهائيتين». ويعتقد وزير السياحة أن التركيز التاريخي على السوق الفرنسية لجلب السياح، كان العامل الرئيسي وراء تراجع مؤشرات البلاد في السياحة، وعن هذا يقول: «هنالك صعوبات حقيقية حاليا في السوق الفرنسية، وهنا لا يمكنك ببساطة أن تقنع الفرنسيين بالقدوم إلى المغرب، لأنهم منذ حادث شارلي إيبدو، يظهرون نوعا من التمنع من زيارة البلدان الإسلامية جميعا، ونحاول أن نبذل جهودا حثيثة لقيادة حملات إعادة الثقة لدى السياح الفرنسيين، وستظهر النتائج في آخر العام». ولا تقف وزارة السياحة عند حدود الحملات الموجهة إلى السوق الفرنسية، بل وأيضا تحاول الانعطاف نحو ما تسميه أسواقا بديلة، وبحسب وزير السياحة، فإن «خطتنا هي أن نلتفت إلى أسواق بديلة، ونتمعن فرصنا بالهدوء المطلوب، ولقد وجدنا فرصا صالحة للاستغلال في السوق الألمانية، وسيظهر أثرها على مؤشرات السياحة بالمغرب قريبا». وما يهم وزير السياحة، حاليا، هو ألا تنهار مداخيل القطاع السياحي بشكل مدو، وكما يشرح لنا، فإن «الانهيار الحقيقي هو أن تتقلص مداخيل السياحة بشكل كبير، وحتى الآن، فإن نسبة 5.5 التي تراجعت بها المداخيل يمكن تحملها قليلا، لكن يجب علينا أن نتحرك كي لا تتقلص أكثر». وكانت مداخيل السياحة المغربية في الشهور الثلاثة الأولى من عام 2014 تقدر ب 12.24 مليار درهم، بينما تراجعت إلى 11.56 مليار درهم في الفترة نفسها من عام 2015.