قاعة مملوءة عن الآخر، الواقفون في جنباتها أكثر من الجالسين، نقاش "ساخن"، وانتقادات لاذعة لمسودة مشروع القانون الجنائي الأخير، هكذا بدت أجواء الندوة التي نظمتها الجمعية المغربية لحقوق الانسان حول مشروع القانون الجنائي الأخير، إذ أجمع المُتدخلون على المسودة جاءت ب"تراجعات خطيرة" على مُستوى الحُقوق والحريات. ومن بين الانتقادات التي وجهت للمسودة خلال الندوة التي أطرها كل من القاضي محمد الهيني، والنقيب عبد الرحيم الجامعي والحقوقي سعيد بنحمادي. كونها جاءت بمجموعة من الفصول "الفضفاضة" التي يُمكن تأويلها و"تمطيطها"، حتى تخدم أجندات "انتقامية" ضد "المعارضين"، و"الحقوقيين". وفي هذا الصدد،عاب محمد الهيني على المُسودة تضمين جريمة "زعزعة ولاء المواطنين للدولة"، مُعتبرا أن وقاع هذه "الجريمة" فضفاضة جدا لدرجة أنه يُمكن إدراج مسألة انتقاد الإدارة في هذه الخانة. واعتبر المتحدث أن الأوجب كان هو مُعاقبة المسؤولين الذين يُزعزعون ولاء المواطنين وثقتهم في مؤسساتهمعبر خرقهم للقانون. من جهة أخرى عاب على المُشرع تجريم بعض الأفعال "البعيدة عن الواقع"، كجريمة عدم الاخطار العثور على كنز. إلى ذلك، اعتبر الحُقوقي سعيد بنحماني، أن مسودة المشروع تتضمن" تراجعات خطيرة وتضيق على الحريات والحُقوق". وأوضح المتحدث أن المسودة أعفت الدولة من المسؤولية الجنائية، موضحا أن المادة المتعلقة بالأمر جاءت فضفاضة ولم تحدد بشكل واضح ما المقصود ب"الدولة" هل الحكومة أو القصر أو الحاكمين أو المؤسسات، في حين أشار إلى أن إعفاء الدولة للمسؤولين من المتابعة الجنائية من شأنه أن يُشجع على انتهاك حُقوق الانسان. أما عبد الرحيم الجامعي رئيس المرصد المغربي للسجون، فقد وجه بدوره جملة من الانتقادات لمسودة القانون، خُصوصا في ما يتعلق بالابقاء على عقوبة الإعدام.