بينما يقبع التعاون الأمني بين المغرب وفرنسا في وضع الجمود منذ عام، تكسب إسبانيا أرباحا متراكمة من تعاونها الوثيق مع المملكة في الشؤون الأمنية. فقد فاخر الوزير المنتدب في الداخلية، الشرقي الضريس، بنتائج التعاون بين المغرب وإسبانيا وفعاليته في مكافحة الإرهاب والاتجار في البشر، والجريمة المنظمة، وحماية الحدود. ويحس الفرنسيون وهم تحت تأثير صدمة حادث "شارلي إيبدو" في باريس، بأن الحلقة المفتقدة في تنسيق التعاون الأمني بينهم وبين المغرب، أضرت بشكل كبير، كما أعلن الوزير السابق في الداخلية هناك، بمقدرة الأجهزة الفرنسية على حماية بلادها من هجمات إرهابية. غير أن الإحساس بالخذلان بسبب "تجميد" التعاون بين استخبارات البلدين، وأيضا التعاون القضائي عند الفرنسيين، يقابله شعور بالاطمئنان المتزايد عند الإسبان من حسن استثمارهم للتعاون المستمر بينهم وبين المغرب. وكي تُقدم هذه المشاعر في أشكال محسوسة، فقد أعلن الضريس أول أمس الأربعاء، خلال المنتدى البرلماني المغربي الإسباني، عما ربحته إسبانيا من تعاونها مع المغرب. ففي عام 2014، نجحت السلطات المغربية في تفكيك 97 شبكة إجرامية لتهجير البشر بصفة غير قانونية عبر الحدود المباشرة مع إسبانيا. كما تمكنت من إحباط 80 عملية تسلل واقتحام جماعي لمهاجرين ينحدرون من دول جنوب الصحراء لحدود مدينتي سبتة ومليلية. وأوقفت تبعا لهذه العمليات، نحو 37 ألف مهاجر بدون أوراق سليمة. وقدم أنيس بيرو، الوزير المكلف بالهجرة، قدم الوجه المقابل لعمليات مكافحة الهجرة غير المشروعة، وأعلن عن تسوية حكومته لوضعية 7000 شخص من الناحية القانونية؛ أغلبهم من النساء، وجميعهم تقريبا ينحدرون من دول إفريقيا-جنوب الصحراء، وكان مخططهم الأصلي هو الوصول إلى الإسبان، بينما 3000 شخص آخرين في طور إجراءات التسوية. ويتوقع بيرو أن تشمل تسوية الأوضاع القانونية للمهاجرين في المغرب ما بين 13 ألفا و14 ألف مستفيد. وإذا كانت السلطات المغربية قد نجحت في إيقاف زحف 37 ألف شخص على الأقل في عام واحد نحو المدينين اللتين تحكمهما إسبانيا في شمال المغرب، فإن نجاحا ثانيا حققته السلطات المغربية على مستوى مكافحة الإرهاب. وكما تشير بيانات الشرطة الإسبانية، فإن المديرية العامة للدراسات والمستندات، "لادجيد"، ساهمت من خلال تبادل حيوي للمعلومات حول المقاتلين المغاربة في تنظيمات متطرفة في سورياوالعراق، وأيضا من خلال تعقب خلايا محلية لديها علاقات جوهرية بأعضاء متطرفين يقيمون في إسبانيا، (ساهمت) في تحديد مسار ما لا يقل عن 70 مغربيا مقيما في إسبانيا، كما أن الشرطة الإسبانية أقرت بأن تعاون السلطات المغربية مكنها من رصد عودة جهاديين إسبان من سوريا إلى أراضيها، وحتى قبل وصولهم. وبلغ التعاون بين الجانبين مستوى غير مسبوق في عام 2014، عندما أعلن المدعي العام عن وجود عناصر من المخابرات الخارجية المغربية فوق الأراضي الإسبانية لمساعدة السلطات هنالك على تعقب جهاديين ومرشحين للالتحاق بتنظيم "الدولة الإسلامية" في العراقوسوريا. وتجد الأيادي البيضاء للسلطات المغربية موقعا كبيرا في إسبانيا في قضية مكافحة الإرهاب، لأن أغلب الجهاديين الإسبان ينحدرون من المغرب. وقال الضريس: "إن العمليات الجديدة التي تم إرساؤها لضمان تبادل المعلومات بين المصالح الاستخباراتية بالبلدين، مكنت من تفكيك العديد من الشبكات الإجرامية خلال السنوات الأخيرة". وتنسق سلطتا البلدين دوما في عمليات توقيف الجهاديين، خصوصا في محور سبتة-الفنيدق، حيث نجحت شرطتا البلدين في دجنبر الفائت، في تفكيك خلية تجنيد النساء وإرسالهن إلى سوريا، عبر عملية مشتركة، وفي وقت متزامن، مابين سبتة ومليلية وبرشلونة والفنيدق. ويرى الضريس في هذه النتائج علامة على "النموذج الجيد لمستوى الشراكة الناجح بين الطرفين.. وهو ضمانة لفعالية تدبير التحديات الأمنية المتعلقة على الخصوص، بالجريمة العابرة للحدود والمخاطر الكبيرة لمراقبة الحدود المشتركة". ورحب رئيس مجلس النواب الإسباني، خيسوس بوسادا، في كلمته، بالتعاون الأمني بين بلده والمغرب، وفعاليته في مكافحة الإرهاب، وقال: "إن ما جرى في باريس، يجعلنا واثقين من أن التعاون بيننا يجب أن يستمر بهذه الطريقة وبهذه الفعالية". وبينما يبقى "الجمود" سمة التعاون الأمني بين المغرب وفرنسا، نقلت صحف إسبانية عن وجود خطة لدى سلطات بلادها لتقريب وجهات النظر بين فرنسا والمغرب بشأن إعادة العلاقات بينهما –على المستوى الأمني- إلى دفئها المعتاد.