داخل المدينة القديمة لسلا، أزقة ضيقة يدلف بك الواحد منها إلى الآخر، ويتشعب بعضها وسط البعض، حتى تصل إلى منزل مُتواضع سكنه الفنان المغربي محمد بسطاوي، لسنوات عديدة، ووسط باحته تجمهر حول نعشه الذي وُضع فوقه غطاء أخضر، العشرات من زملاء المهنة ومعهم أهل الحي وبعض المُحبين ممن قطعوا طريقا طويلة لتقديم العزاء، في وفاة بسطاوي. لا حديث هُنا إلا بلغة الدموع التي تنهمر بغزارة من عُيون طالما تابعت المرحوم في أدوار كوميدية، وأخرى اجتماعية، ذاك الرجل الذي طالما أضحكهم وكثيرا ما أبكاهم الواقع الذي يتحدث عنه في أفلامه. وسط المُشيعين، ارتمت ابنة بسطاوي في حضن أمها سعاد النجار التي التحفت البياض، وصامت عن الكلام، إلا من الترحم على زوجها الذي جمعتها به أسرة وأبناء قبل أن يجمعهما الفن والشهرة.