نزار الفراوي (و.م.ع) يلبس المشهد الوطني ثوب الحداد وهو يتلقى بصدمة نبأ رحيل الممثل محمد بنبراهيم، الذي انتقل الى عفو الله في الساعات الأولى من صباح أول أمس الأربعاء، بعد معاناة طويلة مع المرض. «خسارة فادحة».. تلك كانت العبارة المأثورة التي تناقلها الفاعلون في الحقل الفني، من ممارسين ونقاد، وهم يعزون بعضهم البعض بفقدان رائد للكوميديا في المسرح والسينما والتلفزيون. وقد عانى الراحل، الذي رأى النور عام 1949، من آلام المرض على مدى سنوات، إلا أنه حافظ على حضوره اللامع في الوسط الفني المغربي، مؤكدا مكانته كأحد نجوم الفن التمثيلي في البلاد. اشتهر بنبراهيم بأدوار الرجل البدوي، بتلقائيته الطبيعية، وتقاسيم وجهه المحببة، إلا أنه استطاع في مراحل متقدمة من مساره الحافل الخروج من جلباب هذا التصنيف وتمرد على النمطية ليحلق في فضاءات تشخيصية أرحب، عبر تقديم أدوار متنوعة، جلها كوميدي، لكن بأسلوب أكثر احترافية وذكاء. وتوج الفقيد هذه الانعطافة الفنية بفوزه بجائزة أحسن دور ثانوي، في المهرجان الوطني للفيلم بطنجة عن فيلم «كازانيغرا» للمخرج نور الدين الخماري، من خلال دور فاجأ به الجميع، يجمع بين الدراما والفكاهة. في فبراير من السنة الجارية، كما لو أن الحقل السينمائي والفني أبى إلا أن يختم على مسار الراحل بطابع الوفاء والاعتراف بموهبة فطرية نادرة أضفت البهجة على أعمال فنية عديدة وزرعت بسمة صافية في وجوه أجيال من المشاهدين المغاربة، فجاء تكريم بنبراهيم عنوانا للدورة ال14 من المهرجان الوطني للسينما، الى جانب عائشة ماه ماه وعبد الله العمراني. حينئذ، ظهر بنبراهيم على منصة سينما روكسي، وقد أوهنه الداء وسرق قدرا من نور بصره، ليقف له الجمهور مصفقا بحرارة أبكت الكثيرين، كما لو في لحظة وداع مسبق لرائد الكوميديا العفوية بامتياز، الفنان الذي أضحى اسمه رديف فن تمثيلي قوامه التلقائية ونسغه روح بدوية مرحة، ظلت لصيقة بمخيلة المشاهد المغربي لسنوات، حتى لم يعد يتصور الجمهور أنها منفصلة عن حقيقة بنبراهيم الانسان، الذي لم تغير أضواء الشهرة كثيرا من نمط حياته وبساطته. على الرغم من الظرف الممزوج ببداهة رجل البادية، نجح هذا الفنان في خلع جلباب النمطية وتجريب أدوار خارج نمط الكوميديا الشعبية، على غرار الدور المتميز في فيلم «كازانيغرا» ودوره الصغير، لكن المميز، في فيلم «زيرو»، لنفس المخرج. عن مسار فني فريد، يقول مسعود بوحسين، رئيس النقابة المغربية لمحترفي المسرح، إن الفقيد من الممثلين الذين بصموا الذاكرة المغربية بأدواره الكوميدية، فضلا عن جولاته الكثيرة التي جاب بها أنحاء المغرب، بمدنه وقراه، لتقديم عروضه الفكاهية، قريبا من أوسع شرائح الجمهور المغربي. «لم يكن بنبراهيم فكاهيا فحسب بل ممثلا قويا متكاملا، سبق لي أن استمتعت بالعمل معه والوقوف على إبداعيته المنطلقة»، يضيف بوحسين في شهادة خص بها وكالة المغرب العربي للأنباء. وأوضح مسعود بوحسين أن الراحل كان من الفنانين القلائل الذين أبانوا عن قدرة على التأقلم مع الأساليب والاتجاهات، الأمر الذي مكنه من العمل مع أجيال مختلفة من المخرجين. «تقنيا كان ممثلا يبلغ درجة الصدق الفني بحدسه»، ليخلص نقيب المسرحيين الى أن وفاة بنبراهيم خسارة فادحة للمشهد الفني الوطني. وقبل رحلته مع التلفزيون والسينما، كان الفنان بنبراهيم قد رسخ اسمه كمسرحي محنك، فقد ارتبط اسمه بالمسرح منذ سنة 1965 ، وراكم تجارب في إطار فرقة عبد العظيم الشناوي، ثم فرقة البدوي وكذا فرقة محمد التسولي. وشارك الفنان الكوميدي في أعمال سينمائية متميزة منها عدد من الأفلام الطويلة من قبيل «بيضاوة» للمخرج عبد القادر لقطع و»فيها الملح والسكر أو مابغاتش تموت - الجزء الأول» لحكيم النوري و»قصة وردة» لعبد المجيد ارشيش و»نظرة» لنور الدين الخماري و»الطريق الى كابول» لابراهيم شكيري. **** فنانون في تشييع جثمان زميلهم الممثل محمد بنبراهيم كان مثالا للفنان العصامي الذي أثرى بعمله الساحة الفنية المغربية بأعمال خالدة جرت عصر أول أمس الأربعاء بالبير الجديد (إقليمالجديدة)، مراسيم تشييع جثمان الفنان المغربي محمد بنبراهيم ، الذي وافته المنية في الساعات الأولى من صباح نفس اليوم عن سن يناهز 64 عاما، بعد معاناة طويلة مع المرض. وبعد أداء صلاتي العصر والجنازة، نقل جثمان الفقيد إلى مثواه الأخير في موكب حضره عديد من الفنانين وأصدقاء الفقيد وأقربائه إلى مقبرة سيدي مخلوف بالبير الجديد بإقليمالجديدة. وأجمع العديد من الفنانين المغاربة، أن الفنان المغربي الراحل محمد بنبراهيم، مثال للفنان العصامي الذي أثرى بعمله الساحة الفنية المغربية بأعمال خالدة. وأبرز هؤلاء الفنانون، في تصريحات لوكالة المغرب العربي للأنباء، إثر مراسيم تشييع جثمانه، أن الراحل كان متعدد المواهب وكوميدي من الدرجة الرفيعة. وفي هذا الإطار، وصف الفنان المغربي محمد الصعري، الراحل بأنه متعدد المواهب وأدى باحترافية أدوار مختلفة في التلفزيون والمسرح والسينما، مشيرا إلى أنه تقلب في العديد من الأعمال التي بصمت تاريخه الفني. وأضاف الفنان الصعري، أن الراحل بنبراهيم، الذي شارك معه مؤخرا في فيلم «كازا نيجرا»، خلف العديد من الأعمال الفنية المتنوعة التي لاقت إقبالا كبيرا لدى الجمهور المغربي. من جانبه، وصف الفنان عمر السيد، في تصريح مماثل، الراحل بأنه فنان شامل يؤدي أدواره بمهنية واقتدار كبيرين، الدرامية منها والكوميدية، مضيفا أنه شارك مع الفقيد في العديد من الأعمال منها «جنب البير». واعتبر الممثل الكوميدي حسن فولان، رحيل بنبراهيم، خسارة كبيرة لهرم من أهرامات الفن المغربي، مضيفا أن محمد بنبراهيم ، الذي شارك معه في العديد من الأعمال الفنية، كان يحب عمله ويتفانى في أداء أدواره على أكمل وجه. من جهته، اعتبر الكوميدي عبد الخالق فهيد، فقدان شخصية فنية من طينة بنبراهيم، خسارة للساحة الفنية المغربية، مضيفا أن الاشتغال إلى جانبه «يعد شرف وإغناء لتجربة كل مبدع». ***** النقابة المغربية لمحترفي المسرح تنعي المشمول برحمة الله الفنان محمد بنبراهيم تلقت النقابة المغربية لمحترفي المسرح صباح يوم الأربعاء 08 ماي 2013 ببالغ الحزن والأسى نبأ وفاة الفنان محمد بنبراهيم (حبرمان) الممثل المسرحي والعضو في النقابة، وأحد أهم الوجوه الكوميدية في الدراما المغربية، وذلك على إثر مرض ألم به وألزمه الفراش. وإذ تنعي النقابة للشعب المغربي وإلى عموم أصدقائه وفناني المسرح والدراما نبأ وفاة هذا الفنان المبدع، تتقدم أمام هذا المصاب الجلل بأحر التعازي إلى أسرة الفنان الصغيرة والكبيرة، وإلى كل أصدقائه وزملائه وعموم محبيه. تغمد الله الفقيد محمد بنبراهيم بواسع رحمته، وأسكنه فسيح جنانه وألهم ذويه الصبر والسلوان. «يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي» (صدقم الله العظيم). إنا لله وإنا إليه راجعون