اعتبر تاج الدين الحسيني أستاذ العلوم السياسية، أن اللغة التي طبعت خطاب الملك في الذكرى التاسعة والثلاثين، للمسيرة الخضراء، كان واقعية وبرغماتية، سما فيه الملك كل شيء بمسمياته، مضيفا أنه حمل رسائل واضحة للأطراف المتدخلة في النزاع. وقال الحسيني في اتصال مع "اليوم24″ إن حديث الملك عن الجزائر، ودورها في القضية، كان واضحا، مع التعبير عن الاحترام اللازم للشعب الجزائري، فهي من يستضيف جبهة البوليسارو منذ نشأتها، كما أنها لعبت الدور الأساسي في التسليح، وتعاكس المصالح المغربية في المنتديات الدولية، وتقوم باستقبال انفصاليي الداخل، وغيرها من الأدوار التي اعتبرها الحسيني، أساسية في الصراع، ولهذا وجب أن تكون طرفا يتحمل المسؤولية. من جهة أخرى، قال الحسيني إن الموقف الأمريكي من قضية الوحدة الترابية المغربية، لطالما اتسم بنوع من الغموض، وأمسك العصا من الوسط، مؤكدا أنه يحقق نوعا من التوازن، ففي "الوقت الذي تشيد فيه الإدارة الأمريكية، بالتقدم الذي حققه المغرب في مجال حقوق الإنسان، واعتباره نموذجا يحتذى في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، نجدها تقدم مقترحا بتوسيع صلاحيات قوات المينورسو لتشمل حقوق الإنسان في الصحراء". هذه النقطة بحسب أستاذ العلوم السياسية، كانت منعطفا تاريخيا في علاقات المغرب والولاياتالمتحدةالأمريكية، وهذا ما جعله يعتبر أن هذا الموقف غير مقبول، وأن السيادة على الصحراء يجب أن لا تكون محط تفاوض. وتابع ذات المتحدث في تعليقه على بعض مضامين الخطاب الملكي، أن الولاياتالمتحدة احتفظت بعلاقات متميزة مع الطرفين، حيث جعلت من المغرب حليفا قديما منذ أيام الاستعمار الفرنسي في المغرب، وبالرغم من أن الجزائر كانت في حلف الإتحاد السوفيتي سابقا، كانت الاستثمارات التي قامت بها بعض الشركات الأمريكية في مجال الصناعات البترولية والغازية في الجزائر سببا في تطوير العلاقات بين البلدين. ولهذا يقول الحسيني، من المرتقب أن ينفتح المغرب على الصين وروسيا، عبر زيارة ملكية منتظرة لهذين البلدين، من أجل تطوير حلفائه على الساحة الدولية، والدفاع عن مصالحه، والمرافعة عليها بالشكل الذي يضمن له تحقيق أهدافه. أما في ما يخص، وضعية الأقاليم الجنوبية للملكة، وحديث الملك عن الريع، والامتيازات التي تتمتع بها بعض الأطراف على حساب ميزانية الدولة، قال الحسيني أن هذا الخطاب يمثل منعطفا جديدا، حيث أكد على ضرورة فتح حوار وطني من أجل خلق نموذج اقتصادي جديد يضع حدا للريع، ويدخل نوعا من الحكامة الاقتصادية التي ترتبط بتوصيات التقرير الأخير للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي عن التنمية في الصحراء، مضيفا أن هناك فئات واسعة من المجتمع لا تستفيد من هذه الامتيازات.