في الجزء الثاني من حواره مع « اليوم24»، يكشف عزيز رباح، وزير النقل والتجهيز، عن الأزمة التي تعيشها شركة الطرق السيارة التي تفاقمت ديونها، وعن إصلاح قطاع المقالع، ووضعية النقل البحري، وإصلاح قطاع الأشغال العمومية، ويكشف عن مصير استغلال مقلع الغاسول. { بعد عدم تجديدكم لعقد الامتياز مع شركة الصفريوي التي كانت تستغل مقالع الغاسول، أطلقتم إعلان طلب إبداء الاهتمام في هذا القطاع، ما نتيجة ذلك؟ وهل هناك شركات جديدة ستدخل الميدان؟؟ لابد من الإشارة في البداية إلى أننا نتحدث عن أرض مساحتها 19 ألف هكتار. وبعد انتهاء مدة آخر رخصة استغلال، تم تشكيل لجنة مشتركة بين الوزارات تعمل تحت إشراف رئاسة الحكومة، للمصادقة على نظام طلب إبداء الاهتمام لمنح الامتياز من أجل البحث والاستخراج والمعالجة والتقييم والمتاجرة في مادة الغاسول بهضبة القصابي ملوية بإقليم بولمان، والإعلان عن طلبات العروض الخاصة بطلب إبداء الاهتمام. وقد تم تخصيص قطعة من هذه الأرض لطلب إبداء الاهتمام لمنح الامتياز قصد البحث والاستخراج والمعالجة والتقييم والمتاجرة مع تجزئتها إلى عدة قطع، لتمكين المستثمرين الذين يرغبون في الاستثمار وفي التثمين من مساحة كافية، حيث يمكن للمستثمر الواحد أن يحدد عدد القطع التي يتطلبها استثماره، وذلك حسب البرنامج الذي يقترحه. في حين تم استثناء قطعة من الرسم العقاري نفسه، والتي تصل مساحتها إلى 2084 هكتارا من طلب إبداء الاهتمام، وسيتم تخصيصها فقط للراغبين في البحث والاستخراج والمتاجرة، دون التثمين مع تجزئتها إلى عدة قطع صغيرة لتمكين الشركات المحلية من المشاركة في طلب المنافسة. وقد تم قبول العروض المقدمة من طرف ثلاث شركات، كما أن ملف طلب العروض لفائدة المتنافسين الذين تم اختيارهم في مرحلة إبداء الاهتمام جاهز ومصادق عليه من طرف اللجنة، وسيتم الإعلان عنه بعد مصادقة السيد رئيس الحكومة. { ما هي وضعية شركة الطرق السيارة، كم حجم ديونها والإصلاحات التي تعرفها، ومخطط الطرق السيارة المقبل؟ يبلغ حجم ديون الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب إلى حدود منتصف سنة 2014 ما يفوق 37 مليار درهم موزعة بما يقارب 35% كقروض سندية و65% كديون امتياز. ويصل معدل خدمة الدين، على سبيل المثال، بالنسبة إلى السنوات السبع المقبلة 2.8 مليار درهم في السنة، منها 1.7 مليارا فقط لتسديد الفوائد، مقابل معدل رقم معاملات يفوق بقليل 2 مليار درهم، ما يجعل من عجز الشركة مسألة بنيوية تستدعي من جهة إعادة جدولة الديون، ومن جهة أخرى البحث عن حلول إبداعية للحفاظ على التوازنات المالية للشركة. فيما بخص مخطط الطرق السيارة المقبل، فإن الوزارة منكبة على إعداد المخطط الجديد للطرق السيارة بالمغرب، والذي سيتم إدراجه ضمن مشروع العقد البرنامج بين الدولة والشركة الوطنية للطرق السيارة. وبالنظر إلى الوضعية المالية التي تعرفها الشركة الوطنية للطرق السيارة، فإن الوزارة ستعمل على إنجاز بعض المحاور في إطار الشراكة مع القطاع الخاص. ومن بين المقاطع التي ستتم دراستها، نذكر مدارات المدن الكبرى كالدار البيضاء ومراكش وأكادير، والمقاطع التي تهم ربط الموانئ الجديدة، وكذلك تلك التي تهم المناطق الجنوبية. رباح: لم تسلم أية «كريمة» في ولايتي.. وسنراجع بعض بنود قانون السير { ما هي الإجراءات التي قمتم بها لتأهيل قطاع البناء والأشغال العموميةّ، وما الهدف منها؟ يعتبر قطاع البناء والأشغال العمومية من بين القطاعات الحيوية التي تساهم في الاقتصاد الوطني، حيث تبلغ مساهمته في الناتج الداخلي الخام حوالي %6، علاوة على أن القطاع يشغل يد عاملة مهمة تزيد عن مليون و100 ألف نسمة. لقد بدأنا منذ تشكيل الحكومة في إعطاء الأولوية لتأهيل قطاع البناء والأشغال العمومية، وكان أول إجراء اعتمدناه في الوزارة تطبيق مبدأ الأفضلية الوطنية لفائدة المقاولات المغربية في الصفقات العمومية عبر تفضيل العروض المقدمة من طرف الشركات الوطنية على حساب نظيراتها الأجنبية بنسبة %15، والتي كانت مسطرة منذ 1998 في مرسوم الصفقات العمومية، لكنها لم تكن مفعلة. وفي إطار دعم المقاولة الوطنية، عملت الحكومة على إخراج المرسوم الجديد الخاص بالصفقات العمومية الذي كرس الشفافية ومبدأ تكافؤ الفرص، علاوة على تخصيص نسبة%20 من الصفقات لفائدة المقاولة الصغرى والمتوسطة، كما تم خلال السنة الجارية اعتماد المرسوم الخاص بالتسبيقات الممنوحة للشركات، ما يُمكنها من الاستفادة من جزء مهم من السيولة التي تخولها الأشغال دون اللجوء إلى الأبناك، أو الاعتماد على الموارد الذاتية. ومن بين الإجراءات المهمة التي قامت بها الوزارة في مجال تنظيم وتأهيل قطاع البناء والأشغال العمومية، إصلاح نظام تكييف وتصنيف مقاولات البناء والأشغال العمومية، حيث ارتأينا، من خلال هذا النظام الجديد، إعطاء الأهمية للموارد البشرية والخبرة الميدانية ونسبة التأطير داخل الشركة، موازاةً مع تحديد رقم المعاملات ولائحة بحد أدنى من الآليات، حسب نوعية القطاع والدرجة المطلوبة. ومن بين الفوائد المهمة التي جاء بها هذا الإصلاح، إلزام الشركات بالتصريح بحد أدنى من كتلة الأجور للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي حسب نوعية القطاع ورقم المعاملات. { هل هناك إصلاح لقطاع المختبرات ومكاتب الدراسات في الأشغال العمومية؟ في مجال تنظيم عمل مختبرات البناء والأشغال العمومية، قامت الوزارة خلال سنة 2013 بإعداد وإخراج قرارات تطبيق مرسوم تصنيف وتكييف مختبرات البناء والأشغال العمومية، والذي يرجع تاريخ اعتماده إلى سنة 2000. وقد شُرع في تطبيق هذه القرارات منذ 17 ماي 2014. وتروم هذه الإصلاحات تأهيل عمل المختبرات والرفع من جودة الأشغال بما يضمن سلامة واستدامة المنشآت العامة. أما فيما يخص مكاتب الدراسات والمراقبة، فنحن ننكب بتشاور مع الجامعة المغربية للاستشارة والهندسة، وجمعية مكاتب المراقبة على إعداد نظام جديد خاص بتكييف واعتماد هذه المكاتب. { بخصوص الصفقات، كان هناك نظام معمول به لقياس الأثمنة، لكن تم توقيف العمل به؟ للأسف، تم توقيف العمل بهذا النظام سابقا، ونحن نعمل اليوم على إعادة العمل به، ونعترف بوجود تأخر في إخراجه، علما أن هذا النظام كان معمولا به لتحديد تقديرات الأثمان بالنسبة إلى الصفقات بناء على مرجعيات. مع الإشارة إلى أننا استطعنا، بفضل مجموعة من الإجراءات المرتبطة بالحكامة والشفافية، تخفيض كلفة مجموعة من المشاريع، خاصة الطريقية منها. { ما هي وضعية قطاع النقل البحري، وماذا عن مشروع إدخال شركات مغربية جديدة، خصوصا بعد مشاكل كوماناف وكوماريت؟ لابد أن نسجل في البداية أن النقل البحري بالنسبة إلى المغرب يشكل تحديا استراتيجيا كبيرا نظرا لموقع المغرب الجغرافي، إضافة إلى كون أكثر من 95% من حجم مبادلاته الخارجية يتم نقلها بحرا عبر الموانئ التجارية. كما نسجل أن الشركات الوطنية التي تشتغل في مجال النقل البحري تراجعت بشكل كبير جدا. ففي مجال نقل البضائع، تساهم فقط بنسبة 5% من حجم المبادلات، أما في مجال نقل المسافرين فهناك شركتان مغربيتان مقابل ست شركات أجنبية. وهناك وعي كبير عند المغرب بضرورة العمل على تكثيف الجهود من أجل الزيادة في القدرة التنافسية للشركات الوطنية، أولا: تعزيز السيادة الوطنية، تحقيق الاستقلال الاقتصادي، توفير المرونة اللازمة خلال الأزمات الجيوسياسية، (على سبيل المثال لإعادة المغاربة المقيمين في الخارج). ثانيا، الشركات الوطنية هي أداة لتحقيق توازن ميزان المدفوعات، وأداة لتنظيم السوق وحماية المنافسة. وثالثا هي الضمان لتوفير الحد الأدنى من الخبرات في القطاع البحري والأنشطة ذات الصلة، بالإضافة إلى اضطلاع الشركات الوطنية بدور حيوي في عبور المغاربة المقيمين بالخارج، ومساهمتهم في الرواج التجاري البحري الذي يسجل تطورا مهما سنة بعد أخرى، البالغ لحدود شهر دجنبر 2013 نسبة 9 في المائة مقارنة مع الفترة نفسها من سنة 2012، كما بلغت الحمولة المنقولة ما يعادل 100,6 مليون طن بما في ذلك رواج المسافنة بميناء طنجة المتوسط، مقابل 92,3 مليون طن، و ارتفاع عدد المسافرين المنقولين بمعدل 9,5 في المائة مقارنة مع الفترة نفسها من سنة 2012. وفي هذا الإطار، اعتمدت الوزارة مسطرة طلبات إبداء الاهتمام للترخيص لاستغلال خطوط بحرية لنقل المسافرين، موجهة للشركات المغربية بهدف خلق شركات بحرية مغربية ترفع العلم المغربي، وتخلق فرص شغل لرجال البحر المغاربة، أي إن هذه المسطرة تسعى إلى فتح المنافسة في وجه الفاعلين الاقتصاديين المغاربة من أجل منحهم تراخيص لاستغلال نصيب المغرب من رواج النقل البحري لنقل المسافرين، وَفق الاتفاقيات الثنائية المبرمة مع دول الجوار. { ما هي استراتيجيتكم في مجال الموانئ؟ انخرط المغرب في إنجاز عدد من المشاريع البنيوية المهيكلة المبرمجة في إطار الاستراتيجية الوطنية للموانئ، والتي سيتيح تفعيلها التدريجي في أفق سنة 2030، تحقيق مجموعة من الأهداف، أهمها بلوغ تدبير أمثل لرواج البضائع، وتحفيز التنمية الجهوية لعموم التراب الوطني، وتعزيز تنافسية الفاعلين الاقتصاديين المحليين. والاستراتيجية التي أطلقها المغرب، تروم استكمال مختلف المشاريع المينائية المبرمجة أو الموجودة قيد الإنجاز، حيث سيتم تقسيم الخريطة المينائية للمغرب إلى 6 أقطاب مينائية متباينة من حيث الخدمات والمميزات، إلى جانب الاستجابة لتوقعات نمو حجم الرواج المينائي إلى نحو 370 طن سنة 2030، حيث ستتيح هذه الاستراتيجية الطموحة للمغرب التوفر على سياسة مينائية شاملة تأخذ بعين الاعتبار تشييد البنيات التحتية، وتأهيل الموارد البشرية، والنهوض بقطب صناعة البواخر وتقوية قدرات الفاعلين في مجال النقل البحري، وتهدف إلى تطوير الرواج المينائي بالدار البيضاء، وإنشاء موانئ جديدة، لاسيما بآسفي والقنيطرة والناظور غرب- المتوسط الذي سيخصص لمعالجة رواج المحروقات في مرحلة أولى، وكذا ميناء الداخلة الأطلسي، علاوة على توسيع ميناءي الجرف الأصفر وأكادير، وفتح بعض الموانئ الحضرية في اتجاه المدن، وتأهيل الميناء النهري للقنيطرة. وتتوزع الكلفة المالية لهذه الاستراتيجية، التي من المنتظر أن تتم تعبئتها من طرف الدولة والوكالات المينائية، وعبر شراكات بين القطاعين العام والخاص، ما بين 20 مليار درهم بالنسبة إلى المشاريع المينائية في طور الدراسة والإنجاز. ويتعلق الأمر بموانيء طنجة المتوسط الثاني، وطنجةالمدينة، وآسفي الجديد، وتوسعة موانئ الجرف وأكادير وسيدي إفني وطرفاية والداخلة، و60 مليار درهم لتنفيذ المشاريع المينائية الجديدة. وسيواكب تفعيل هذا الورش البنيوي المهيكل، الكفيل بجعل المغرب ينفتح على العالم انطلاقا من سواحله، افتتاح قطب لصيانة البواخر في أفق تطوير صناعة السفن، كما تم في السياق نفسه إعطاء انطلاقة إحداث قطب مندمج للتكوين، يرتكز على إحداث مدرسة عليا للتكوين في مجال المهن المينائية، ومعاهد جهوية تستجيب لحاجات مختلف البنيات التحتية المينائية. الاستراتيجية الوطنية للموانئ تنسجم مع مخطط آخر لا يقل عنها أهمية، ألا وهو الاستراتيجية الوطنية لتطوير الأنشطة اللوجستيكية التي تقوم بدورها على خمسة محاور رئيسة، تهم على التوالي، تطوير شبكة وطنية مندمجة للمحطات اللوجستيكية، وترشيد وتجميع أروجة البضائع، وتأهيل وتشجيع بروز فاعلين لوجستيكيين مندمجين، إلى جانب تنمية الموارد البشرية من خلال مخطط وطني للتكوين في مهن اللوجستيك وإحداث إطار لحكامة القطاع مع اتخاذ التدابير التنظيمية الملائمة. { ماذا عن ديون الشركات على وزارة النقل؟ منذ تحملي مسؤولية هذه الوزارة، حرصت على مواكبة الشركات الوطنية والعمل على حل مشاكلها. وفي هذا الإطار، عملنا على تصفية أكثر من %90 من مستحقات أكثر من 500 شركة لها ديون على الوزارة، كما وضعنا نظاما وآليات لتصفية ديون جميع الشركات وتسريع وتيرة الأداءات. { ما هي أبرز اختلالات قطاع المقالع؟ يعد إصلاح قطاع استغلال المقالع من أهم الأوراش التي تسهر عليها الوزارة، والذي يروم تنظيم وتطوير وتنمية هذا القطاع الذي يزود مشاريع البناء والأشغال العمومية بالمواد اللازمة بمختلف أنواعها وتوزيعها الجغرافي، حيث أصبح هذا القطاع يلعب دورا كبيرا في تحريك دواليب الاقتصاد الوطني بفضل ارتباطه بإنجاز برامج التجهيزات الأساسية كالطرق السيارة، والموانئ، والسكك الحديدية، والمطارات، والمناطق اللوجستيكية، وبرامج فك العزلة عن العالم القروي، إضافة إلى بناء السدود وبرامج السكن الاجتماعي والمدن الجديدة والمخطط الأزرق، ومختلف التجهيزات العامة. غير أن التشريع الحالي المتعلق باستغلال المقالع، والذي يعود إلى ظهير5 مايو 1914، لا يعطي أهمية كبيرة للجوانب البيئية المرتبطة بالاستغلال، ويتميز بسلطات محدودة في المراقبة وضعف الإجراءات الإدارية والزجرية. كما أن الممارسة المرتبطة بهذا القطاع الحيوي، أبانت بشكل واضح أن الإطار القانوني الحالي الذي أصبحت جل مقتضياته متجاوزة يتحمل نصيبه من المسؤولية في ما آلت إليه الوضعية بهذا القطاع الذي يعرف عدة اختلالات يتمثل أهمها في: عدم التزام المستغلين بإرجاع حالة المقالع إلى ما كانت عليه، وعدم القيام بالتدابير الكفيلة بمحو الأضرار اللاحقة بالمحيط البيئي. والاستغلال المفرط للموارد الطبيعية، وتملص مستغلي المقالع من تأدية الضرائب المستحقة على الكميات الحقيقية المستخرجة من المقالع. ولتجاوز الاختلالات التي يعرفها القطاع، عملت وزارة التجهيز، وبتوافق مع القطاعات الوزارية المعنية بالقطاع، وبإشراك المهنيين، على إعداد مشروع القانون الجديد المتعلق باستغلال المقالع الذي ينص على: الإبقاء على نظام التصريح بفتح واستغلال المقالع، والالتزام بالمقتضيات القانونية والإدارية المرتبطة بالبيئة، وتحديد الشروط التقنية لفتح واستغلال المقالع وإغلاقها وإقرار التزامات مالية اتجاه الجماعات المحلية والدولة. ولتعزيز وسائل المراقبة، عمل المشروع على التشديد من العقوبات الإدارية والزجرية، حيث خول للإدارة صلاحية التنفيذ المباشر بتوقيف وإغلاق المقالع المخالفة للقانون أو المضرة بالبيئة، إلى جانب التشديد في العقوبات الزجرية للمخالفات الأكثر خطورة، حيث سيمكن هذا الإصلاح، لا محالة، من استغلال المقالع في إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة انسجاما مع روح الدستور الجديد والتصريح الحكومي.