تنغير : اليوم24 يعاني المئات من التلاميذ بمنطقة أوسكيس، الواقعة تحت النفوذ الترابي لجماعة أمسمرير بعمالة تنغير، من مشاكل كثيرة مرتبطة بالتنقل لمتابعة الدراسة في الثانوية التأهيلية يوسف بن تاشفين ،الإعدادية/الثانوية الوحيدة المتواجدة بالجماعة، والتي تقع في مركز أمسمرير، ذلك أن التلاميذ مجبورون يوميا على قطع حوالي عشر كيلومترات من أجل التعلم . جمعية على حافة الإفلاس ويعاني تلاميذ دواوير أيت إعزى وأيت أونبكي وأيت بويكنفن وتابولمانت وإيمي نوارك ،وتعدادات وتدريت، من بُعد المؤسسة عن مقر سكناهم . وأمام الغياب التام لوزارة التربية الوطنية عن تدبر أمر تنقل أبناء هذه المداشر والقرى وأمام غيرةُ السكان على مستقبل أبنائهم، وكذلك أمام إنتباههم إلى أهمية التعليم في حياة الفرد إستطاعوا تدبر أمر تنقل أبناءهم بأنفسهم بضم النقل المدرسي ضمن مهام جمعية تُعنى بتسيير الماء الصالح للشرب. هكذا وبمساهمة من السكان وبتبرعات من بعض المحسنين إستطاعت الجمعية منذ حوالي ثمان سنوات تأمين النقل المدرسي بشراء سيارتين وحافلة لنقل حوالي أربعمائة تلميذ بينهم حوالي مائة فتاة ، غير أن الجمعية ورغم تضحياتها ورغم تضحيات كل السكان أصبحت قاب قوسين او أدنى من الإفلاس، بسبب تراكم الديون عليها ،كالديون المتعلقة بالمحروقات وديون مرتبطة بثمن الحافلة المقتناة مؤخرا وقد قدّر مصدر من الجمعية قيمة متاخرات الجمعية للدائنين بحوالي 150 ألف درهم بما فيها متأخرات الكهرباء المقدرة بحوالي ثلاثين ألف درهم.ثم البنزين بالإضافة إلى مصاريف أخرى كثيرة وتعويضات السائقين الذين يشتغلون بدون أي تصريح في الضمان الإجتماعي كما أكد لنا أحدهم . وتتشكل مداخيل الجمعية من التكلفة التي يؤديها آباء التلاميذ المستفيدين ونسبة من الضريبة تُفرض على كل عدادات المنازل المرتبطة بالماء الذي تُسيره الجمعية وتؤَدى إلى جانب الكمية المستهلكة من الماء كدعم من السكان للنقل المدرسي. وتجدر الإشارة إلى أن هناك فئة مهمة من التلاميذ يتنقلون عبر الدراجات الهوائية للإلتحاق بالإعدادية ويقطعون عدة كيلومترات في ظروف مناخية صعبة تتسم بالبرد القارس في فصل الشتاء ،كما أن فئة أخرى خاصة في دوار تِدريت تعتمد على ما يصطلح عليه "الأوطوسطوب" للوصول إلى الإعدادية مع ما يترتب على ذلك من الوصول إلى الفصل متأخرين في أحيانٍ بل وعدم الوصول والغياب في أحيان أخرى. سيارة لنقل الفتيات بترقيم أجنبي وبدون تأمين و لعل أغرب ما عاينته اليوم24 خلال بحثها في الموضوع هو كون السيارة المخصصة لنقل الفتيات تقوم بمهمتها رغم أنها لاتتوفر على التأمين بل أكثر من ذلك لا تتوفر حتى على لوحة الترقيم المغربية ولازالت إلى حدود كتابة هذه السطور تحمل لوحة ترقيم هولندية. وقد دام هذا الوضع منذ اكثر من خمس سنوات)(!ولدى إستفسارنا في الموضوع قال مصدر من الجمعية بأن ملف الترقيم هو بيد نيابة وزارة التربية الوطنية بتنغير منذ مدة طويلة. وتنقل هذه السيارة (مرسيديس 207 بطاقة إستيعابية تقدر بحوالي 15 مقعدا ( وبشكل يومي ما يقارب مائة تلميذة في ظروف مزرية حيث الإكتضاض ،وحيث أن الفتيات ملزمات بالإلتزام بتوقيت الرحلات ولو كانت ساعة الدخول للمدرسة بعد الرحلة بساعات ، ما يجعلهن ينتظرن أمام باب المؤسسة حتى في أيام البرد عندما تهبط درجات الحرارة إلى ما دون الصفر. وذلك لغياب مرافق أو دور الشباب أو خزانات قد تأويهن في مثل هذه الظروف وهذا ينطبق على الذكور أيضا. وذكر أحد المكلفين بالقيام بعملية الإحصاء في المنطقة للجريدة بأنه لاحظ بأن نسبة الإناث المتوقفات عن الدراسة في المرحلة الإبتدائية كبيرة جدا والسبب يعود إلى كلفة النقل الباهضة وإلى تضحية الآباء بالإناث لتدريس الذكور. وقال لحسن خويا رئيس الجمعية المكلفة بالماء والنقل المدرسي المسماة "جمعية أوسكيس للتنمية" لجريدة أخبار اليوم أن الجمعية تشرف على الإفلاس أمام تراكم الديون عليها وبالتالي فإنها لن تستمر طويلا في القيام بمهامها ،لان الإستمرار في دعم النقل وتأمينه سيؤدي إلى نهاية الجمعية وبالتالي فالناس سيكونون مهددون بالعطش أيضا .يقول خويا :"تعاني الجمعية وضعا ماليا صعبا أمام تعدد مهامها وقلة مواردها فنحن ملزمون بتزويد الناس بالماء الشروب وبتامين النقل لتلاميذ المرحلة الإعدادية والثانوية ..نبذل مجهودات كبيرة لكن إذا إستمر الوضع على ما هو عليه فسنجد أنفسنا مضطرين للتوقف عن تامين النقل المدرسي لأن مصاريفه باهضة والدولة لا تساعدنا ولو بسنتيم واحد..العديد من الناس ونظرا لقلة ذات اليد لا يؤدون واجبات التنقل ولكننا لا نتجرأ على طرد أبنائهم ، فماذا عساك أن تفعل عندما تسمع أبا يقول لك : إنني أريد الدفع لكن الغالب الله". ساكنة تستغيث وفي الوقت الذي تؤكد فيه سياسات وزارة التربية الوطنية وتلح على ضرورة تشجيع التمدرس في العالم القروي وتشجيع الفتاة على ولوج فصول الدراسة ومحاربة الهدر المدرسي وعلى أنها تواجه صعوبات مرتبطة بالعقليات في البوادي نجد أنه في أوسيكيس إغلب الناس واعون بأهمية المدرسة ولا يمانعون في تدريس أبنائهم بل و بناتهم أيضا إلا أن الدولة هنا لا تساعدهم في ذلك. ذلك أن تدخلا بسيطا يكفي لتغطية كل مصاريف تنقل التلاميذ وجعلهم يتابعون دراستهم كحل أولي في إنتظار بناء إعدادية إو إعداديتين قريبتان من هاته الدواوير كحل نهائي تطالب به الساكنة ،وهذا مطلب ملح ومنطقي إذ يبلغ عدد التلاميذ الذين يتنقلون يوميا من دواوير بعيدة للدراسة بالإعدادية الوحيدة حوالي ألف تلميذ. والغريب في الأمر هو أن هذه المنطقة لا تستفيد نهائيا وقطعيا لا من برنامج "تيسير" ولا من برامج "المبادرة الوطنية للتنمية البشرية" رغم أن أغلبية الساكنة تعيش تحت عتبة الفقر بحيث أن العائلات الميسورة تعيش وتدرس أبناءها في المدن والمناطق الحضرية. سنة بيضاء تنتظر التلاميذ ورغم إنطلاق الدراسة بشكل رسمي فإن النقل لازال لم يوَفّر بعد كما عاينت ذلك أخبار اليوم ولازالت وسائل النقل لم تبرح مكانها ،هذا واعتمد التلاميذ في اليوم الاول على أقدامهم للوصول إلى المؤسسة التعليمية. وعبر مجموعة من آباء وأولياء التلاميذ عن عزمهم الدخول في أشكال إحتجاجية لإثارة الإنتباه إلى هاته الحالة الكارثية بل منهم من قال بأنهم سيدفعون أبناءهم إلى مقاطعة الدروس وإعلان سنة بيضاء أمام عجزهم عن أداء واجب النقل المحدد في حوالي 1000 درهم سنويا للتلميذ الواحد ،هذا وتزداد حدة المشكل بالنظر لكون أغلب الأسر متعددة العدد فكيف يمكن لمعيل أسرة دون دخل أداء واجب النقل لأربع أو خمسة من أبنائه .هذا وتعدّ الفلاحة وتربية الماشية بمثابة النشاط الرئيسي لأغلبية ساكنة المنطقة.وأمام توالي سنوات الجفاف وَجد أغلب الناس أنفسهم بدون دخل . وأمام هذا الوضع يقوم أرباب الأسر المتعددة بالتضحية بتمدرس الفتيات عند بلوغ مستوى السادسة إبتدائي والأبناء الكبار سنا من أجل تدريس الصغار.