تفاصيل صادمة ومثيرة توصلت إليها اليوم 24 بخصوص شبكة الكوكايين في مراكش. فقد كشفت المعطيات أن الشبكة تتوفر على أسطول حقيقي للنقل يتضمن بواخر وشاحنات، وأنها تقايض الحشيش بالكوكايين، وأنها تصدر الكوكايين إلى الخارج، بحيث هربت أزيد من 2400 كليوغرام. يوم الاثنين القادم سيُرفع الستار عن الفصل الثاني من قضية تفكيك شبكة دولية للاتجار في مخدر الكوكايين، حيث من المقرّر أن تشهد ابتدائية مراكش انطلاق أولى جلسات محاكمة 17 متهما، يشكلون ثلاث مجموعات تنتمي إلى الشبكة المذكورة، بعد أن انتهت، أول أمس الأربعاء، المرحلة الأولى من الأبحاث التمهيدية والتفصيلية التي أنجزتها المصلحة الولائية للشرطة القضائية، التابعة لولاية أمن مراكش، مع الموقوفين ال 21، والمتهمين بالانتماء إلى الشبكة الإجرامية المتخصصة في التهريب الدولي للمخدرات الصلبة (مخدر الكوكايين تحديدا)، ومخدر الشيرا(الحشيش)، والتي جرى توقيف المجموعة الأولى منها، حوالي الساعة الواحدة من صباح يوم الجمعة المنصرم بمنطقة «تامنصورت» بمدينة مراكش، وبحوزتهم كمية من المخدرات الصلبة يبلغ وزن حمولتها 226 كيلوغراما من مخدر الكوكايين معبأة بشاحنة تبريد لنقل الأسماك قادمة من مدينة أكادير في اتجاه مدينة العرائش، حيث يقطن الزعيم المحلي للشبكة ورأسها المدبر على الصعيد الوطني، والمعروف باسم «عمّي»، والذي لازال في حالة فرار، تطارده تهم ثقيلة تتعلق بالاتجار في المخدرات المحلية و الصلبة، حيث يقوم بتصدير حصة الأسد من الكوكايين إلى القارة الأوربية، بينما يوكل ترويج كميات قليلة منها، تتراوح بين 4 و5 كيلوغرامات في كل عملية، إلى بعض صبيانه بمدينة اتمارة. الشرطة القضائية أحالت، أول أمس الأربعاء، 17 متهما يشكلون ثلاث مجموعات تنتمي إلى الشبكة المذكورة، على النيّابة العامة بابتدائية مراكش، والتي قرّرت ضم جميع الملفات، وتحديد تاريخ الاثنين 15 شتنبر الجاري تاريخا لأول جلسة من المحاكمة، بعد أن تابعت أفراد المجموعة الأولى؛ المكونة من ستة أفراد، والذين يوجد على رأسهم «دينامو» الشبكة «ل .أ «، بتهم: «حيازة ومسك المخدرات الصلبة، ونقلها، والمشاركة في نقلها، وترويجها وتصديرها، والمشاركة في ترويجها واستيرادها وتصديرها، وخرق الأحكام المتعلقة بحيازة ونقل مواد معتبرة كمخدر داخل الدائرة الجمركية، وحيازة ونقل مخدر الشيرا وترويجه وتصديره، وحيازة سلاح بدون مبرر مشروع»، طبقا للمادة 303 مكرر من القانون الجنائي، والمواد 160 و273 و280 و281 و282 من مدونة الجمارك، والفصول 1 و2 و3 و5 من الظهير المتعلق بزجر الإدمان على المخدرات ووقاية المدخنين منها. كما تابعت المجموعة الثانية؛ المشكلة من 8 أفراد يوجد على رأسهم المتهم «ح.أ «، وهو المساعد الأول واليد اليمنى لزعيم الشبكة، (تابعتهم) بجنح: «المشاركة في ترويج مخدر الكوكايين، ونقله واستيراده، والمشاركة في نقل وترويج مخدر الشيرا وتصديره». أما المجموعة الثالثة؛ المكونة من 3 متهمين، فقد كانت الأخيرة التي تم تقديمها أمام النيّابة العامة، بتاريخ الأربعاء عاشر شتنبر الحالي، ويشكل أفرادها طاقم الباخرة المعروفة باسم «حجي 3»، التي كانت تستعملها الشبكة في تهريب المخدرات، حيث تابعتهم النيابة العامة بجنح: «حيازة ونقل مخدر الشيرا وتصديره والمشاركة في ترويجه، والمشاركة في حيازة مخدر الكوكايين واستيراده». العملية الأمنية النوعية وغير المسبوقة التي تمّت بتنسيق بين الإدارة العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، وأوكلت مهمة تنفيذها إلى المصالح الأمنية بولاية أمن مراكش، وإن لاقت استحسانا وتنويها، فإن مصادر مطلعة على القضية أكدت بأن الأبحاث الأولية والتفصيلية التي قامت بها الشرطة القضائية كشفت، في المقابل، عن نجاح هذه الشبكة في القيام بأكثر من 13 علمية تهريب للمخدرات الصلبة ومقايضتها بمخدر الشيرا المحلي في أقل من سنتين، ونسجها لشبكة علاقات أخطبوطية ومافيوزية، فضلا عن تسخيرها لإمكانيات لوجيستيكية وبشرية هائلة. وإذا كانت شبكات الاتجار الدولي في المخدرات قد لجأت، تحت ضغط التدخلات الأمنية التي حدّت من عمليات تهريب المخدرات، وإحكام المراقبة على نقط العبور الرسمية من موانئ ومطارات، (لجأت) إلى أعالي البحار، حيث تقوم بعمليات مزدوجة: تنقل المخدرات المحلية الإنتاج في شمال المملكة وتقايضها بالمخدرات الصلبة القادمة على متن «يخوت» من دول أمريكا اللاتينية، وتعمد بعد ذلك إلى تفريغها في قوارب بالسواحل الممتدة بين مدينتي أكاديروالداخلة، قبل أن يتم نقلها برّا إلى شمال المملكة، حيث يجري تهريبها نحو أوربا. وقد أماطت العديد من التقارير الأمنية اللثام عن الوضع الأمني القاتم، محذرة من الخطورة التي أضحت تشكلها هذه الشبكات على الأمن الوطني، ومتوجسة من احتمال ارتباطها مع الجماعات المتطرفة التي تنشط في منطقة الساحل -جنوب الصحراء. رحلة نقل مخدر الشيرا المحلي من مدن الشمال ومقايضته في أعالي البحار بالكوكايين، تكشف عنها «اليوم24»في هذا التحقيق، الذي يروي تفاصيل سقوط الشبكة الدولية للاتجار في السموم البيضاءبالمدينة الحمراء. فيلم»أكشن» «تماما كما يحدث في السينما أفلام «الأكشن» والجريمة وتجارة المخدرات. تبدأ قصة الشبكة بلقاء حول مائدة منزوية في حانة راقية. يجتمع أفراد الشبكة الذين ينحدرون من مناطق مختلفة، منهم: المنحدرون من ضواحي مراكش والشماليون والسوسيون. «عمّي» المعلم الكبير شمالي من العرائش. يتحدر ساعده الأيمن وكاتم أسراره «ح.أ»، في العقد الخامس من عمره، من نواحي مدينة الناظور. أما «ل .أ» (40 سنة) فهو من مواليد أنزا بضواحي أكادير، هو دينامو الشبكة بدون منازع والمكلف بعملية استقطاب السائقين والعمال المساعدين(الحمّالة) وطاقم السفينة؛ أما منسق الشبكة في الأقاليم الجنوبية «م.د»، والذي لازال في حالة فرار، فهو صحراوي الأصول»، يقول مصدر مطلع على القضية، ويضيف: «بدأ الإعداد لنشاط الشبكة حين التقى»عمّي»، المعلم الكبير والعقل المدبر للشبكة، ب «ل.أ» الذي عاد، قبل ثلاث سنوات، إلى أكادير قادما إليها من جزر لاس بالماس، حيث اختار الإقامة بها متواريا عن الأنظار. تلاحقه مذكرات الاعتقال بسبب نشاطه في مجال ترويج المخدرات، وهو النشاط الذي كان يضلل عليه باقتنائه باخرة الصيد في أعالي البحار، التي سرعان ما أوقف نشاطها بسبب الأزمة التي ضربت قطاع الصيد البحري، قبل أن يلتقي به المعلم الكبير ويعرض عليه الالتحاق بالشبكة من خلال أن يتكلف بمهمتين رئيستين: استقطاب باقي عناصر الشبكة، بحكم معرفته الدقيقة بالميدان البحري وعلاقاته مع مهنيي القطاع، وبشراء باخرة لاستعمالها في تهريب المخدرات». ويمضي مصدرنا في رواية تفاصيل أخرى أكثر إثارة. «تكللت المهمة الأولى بالنجاح، فقد استقطب «ل.أ» ربانا للباخرة، يدعى «ح.ب»، وأوضح له طبيعة النشاط الذي سيقوم به، ومقترحا عليه اختيار أحد مساعديه، عارضا عليه أن يتم شراء الباخرة في اسمه الشخصي واسم مساعده، على أن تصبح ملكيتهما نهائية للباخرة، بعد القيام بثلاث عمليات ناجحة. لم يتردد «ح.ب» في قبول العرض المغري، فقد اقتنى باخرة خلال أسابيع قليلة بعد ذلك من ميناء مدينة آسفى بمبلغ 170 مليون سنتيم، تسلمها على دفعات من المعلم الكبير، الذي كان يهدف من وراء هذه العملية التغطية على نشاطه المريب وتضليل المصالح الرسمية بعدم إثارة اسمه. أطلق «ح.ب» اسم «حجي 3» على الباخرة التي أخضعها لإصلاحات، قبل أن يستقطب طاقما مكونا من مساعد «الرايس» وميكانيكي وطباخ وبحارة، وينزل بميناء أكادير، حيث قام طيلة شهور بالصيد في أعالي البحار في انتظار تعليمات جديدة من «عمّي». «الباخرة لم تكن سوى مقدمة للعتاد اللوجيستيكي الذي ستعتمده الشبكة في نشاطها، فقد استقطب «الدينامو» عنصرا آخر واقتنى له شاحنة، وكلفه بنقل القوارب المطاطية والمحركات الخاصة من السواحل البحرية بضواحي مدينة أكادير إلى أعالي البحر، حيث ترسو الباخرة «حجي 3». كما كلفه بمهمة نقل «الحمّالة» من منطقة تاغزوت نحو شاطئ برج الضو، الذي يقع على بعد أربعين كيلومترا من عاصمة سوس، وقد أوكل الدينامو لعنصر آخر من أصدقاء طفولته عملية جلب «الحمّالة» الذين يتقاضون 2000 درهم عن كل عملية»، يقول مصدرنا. مقايضة الحشيش بالكوكايين يروي مصدرنا العمليات التي تقوم بها الشبكة في تهريب المخدرات، حيث يتوصل «الدينامو» بأطنان من مخدر الشيرا التي يرسلها «المعلم الكبير» بواسطة ناقلات كبيرة من مدينة العرائش نحو ساحل منطقة تاغازوت، ثم يقوم أحد عناصر الشبكة المسمى: «ع.ع» بسياقة الشاحنة بدل سائقها الشمالي في اتجاه شاطئ برج الضو، بضواحي أكادير، إذ يتم شحن المخدرات بزوارق سريعة(زودياك)، وتنقل إلى أعالي البحر على بعد حوالي أربعة ميل من الشاطئ المذكور، حيث تُشحن بالباخرة «حجى 3» الراسية بالمكان، قبل أن يتم التخلص من «الزودياك» في عرض البحر. «ينطلق الرايس بالباخرة في أعالي البحر من أكادير إلى ميناء الداخلة، حيث يتم التزود بالمواد الغذائية والمحروقات، قبل أن ينطلق من جديد يمخر عباب البحر لمسافة نحو 120 ميل، ثم يرسو هناك منتظرا التعليمات التي يتلقاها من «الدينامو» عبر الهاتف النقال الذي يعمل عبر الأقمار الصناعية، وهناك يحضر مهربون أجانب على متن «يخوت» محملة بالكوكايين تشحن بالباخرة. وفي المقابل يتم مقايضة المخدرات البيضاء الصلبة بمخدر الشيرا»، يقول المصدر نفسه، الذي يلفت إلى أن المراحل الأخيرة للعملية تتمثل في نقل الكوكايين ليلا إلى الشواطئ القريبة من أكادير، حيث يتم نقلها على بعد أربعة أميال تقريبا على متن قارب تقليدي يتكلف بإيصالها إلى الشاطئ، ويتم نقلها –توا- على متن شاحنة تبريد لنقل الأسماك أو على متن سيارات من نوع «بيكوب» إلى مستودع مهجور بضواحي أكادير، ومن هناك عبر ميناء نفس المدينة، حيث يتم شحن الصناديق بالسمك وتزود بمادة الثلج، دون أن تخضع تلك الشاحنة لأية مراقبة من طرف إدارة الميناء»، يضيف مصدرنا.