تمكنت مصالح الأمن الوطنية مؤخرا من تفكيك عدة شبكات خطيرة متخصصة في الاتجار في المخدرات. ولحد الآن، فقد بلغ عدد البارونات المعتقلين سبعة عشر شخصا، يتوزعون على أربعة متاجرين في القنب الهندي والشيرا على امتداد الواجهة البحرية للمملكة، وثلاثة متاجرين في المخدرات عبر المسارات البرية معتمدين على وسائل نقل البضائع على الصعيد الدولي، وثلاثة أفراد يتاجرون في المخدرات برا في اتجاه الجزائر وليبيا، عبر وجدة والراشيدية، وشخص واحد يتاجر في نبتة القنب الهندي والكوكايين، حيث ينقل هذه المخدرات من منطقة كتامة إلى الناضور، ثم شبكة خطيرة تتكون من ستة أفراد من بينهم برلماني يقومون بنقل الكوكايين القادم من دول الساحل الصحراوية وتوزيعه على الصعيد المحلي. تضم هاته الشبكة الإجرامية الأخيرة، والتي تنشط في المتاجرة بالمخدرات الصلبة (الكوكايين) في الإجمال حوالي خمسين عنصرا، تم تحديد هوية ثلاثين منهم جرى البحث عنهم، مما أسفر عن اعتقال ستة أفراد وبحوزتهم كميات من الكوكايين وتقديمهم للعدالة. ويتعلق الأمر بكل من محمد جوهري، الملقب ب «الريس»، وهو برلماني سابق عن حزب التجمع الوطني للأحرار بمدينة مكناس، ولحسن ر. الملقب ب «لحمق» و«جونفر» والملقب أيضا ب «حسن 17»، كما تم اعتقال «حميد إ»، وحسن د، الملقب ب «لعروبي» محمد قطاش، ثم حميد ه . ويحصل أفراد هذه الشبكة على الكوكايين القادم من دول الساحل الغربي لإفريقيا، حيث أرسى كبار تجار الخدرات القادمين من أمريكا الجنوبية قواعدهم ، تفاديا للحواجز الأمنية التي وضعها الأسطول البحري الأمريكي على امتداد بحر الكرايبي، ويقومون بتمرير مخدراتهم إلى أوربا عبر المغرب. وكانت الشبكة تشتغل بطريقة منتظمة، حيث تقوم بتزويد السوق بالكوكايين، بشكل متوازن دون أن يكون ثمة نقص أو فائض لكي لا يؤثر ذلك على سعر ذلك. وتروج الشبكة سلعتها بسعر يصل في حده الأدنى ثلاثين مليون سنتيم للكيلوغرام الواحد، ويرتفع ذلك السعر حسب نقاوة المادة. كما توصلت التحقيقات إلى أن من بين المتورطين أيضا أحد الأعيان من الأقاليم الجنوبية، ومنسق جهوي لأحد الأحزاب يشتغل موظفا بلديا بالمنطقة، لينضافوا إلى البرلماني السابق بمكناس. وعمل جميع أولئك الأفراد على استغلال الامتيازات المخولة لهم من أجل المتاجرة في المخدرات الصلبة دون أن تصل إليهم أيدي العدالة. وعلى ذلك الأساس، عملت تلك الشخصية الصحراوية البارزة مع المنسق الحزبي الجهوي في العديد من عمليات إدخال المخدرات الصلبة إلى المغرب، قبل أن يتم نقلها على متن سيارته الخاصة إلى الرباط وبيعها لباقي العناصر المذكورة، باتفاق تام مع برلماني مكناس السابق. ويتراوح سعر البيع ما بين 30 و40 مليون سنتيم للكيلوغرام بعد أن تم الحصول عليه بسعر يتراوح ما بين 20 و30 مليون سنتيم. وقام موزعو هذه الشبكة، وعلى رأسهم «حميد إ.» منذ سنة 2006 بتنفيذ حوالي مائة عملية بيع للكوكايين، حيث تتراوح الكمية موضوع البيع في كل عملية ما بين 250 غراما وكيلوغرامين، حيث يتم توزيع تلك الكميات على مزودين متخصصين. ويتم اللقاء في مكان محدد، يجتمع فيه أعضاء الشبكة، وعادة ما يكون ذلك في فيلا يكتريها «حميد إ» بالصخيرات، أو بأحد المنازل قرب شاطئ سيدي رباط جنوبأكادير، أو في فيلا يكتريها المدعو «لحسن إ» بسيدي رحال، منطقة سطات. وتتمثل نقط اللقاء الأخرى في أماكن عمومية كموقف السيارات التابع لأسواق السلام بالرباط، أو في مأوى على الطريق بمنطقة واد جديد، نواحي مكناس، وفي محطة «زيز» عند مدخل الطريق السيار الرابط بين مكناسوالرباط. وكانت تلك العناصر تتفادى ملاحقة الشرطة من خلال ربطها علاقات مريبة مع بعض الموظفين بسلك الأمن والدرك الملكي. كما استفاد «حميد إ» من تواطؤ العديد من موظفي سلك الشرطة بمدينة مكناس، سيما المصلحة الولائية للشرطة القضائية. وحسب اعترافات «حميد إ»، فإن الموظفين كانوا يتلقون مبالغ من المال تتراوح ما بين 5000 و7000 درهم كل أسبوع. ويتلقى تلك المبالغ أحد الموظفين بحي الزهوية وبمحطة رحاب عند مخرج مدينة مكناس في اتجاه فاس. ولم يتوقف حميد عند هذه النقطة من الاختراق، إذ بلغ به الأمر الى استغلال علاقاته العائلية، خصوصا أحد المسؤولين الأمنيين بمدينة الحاجب الذي لم يلق بالا للواجب المهني الذي يقتضي السرية والتكتم، حيث كان يحيطه علما بمذكرات البحث التي تصدرها مصالح الأمن، حتى أنه حذره من التواجد في مدينة مكناس، بضعة أيام فقط قبل إلقاء القبض عليه. وذكر مصدر أمني مطلع أن «حميد إ» ومساعده بنفس الشبكة «حميد ك» كان سيتم إلقاء القبض عليهما من طرف أمن مكناس في وقت سابق لولا اعتمادهما على الرشوة. فبتاريخ 11 يوليوز الماضي، وقعت مشاجرة على مستوى طريق مراكش بين هذين الشخصين ومغاربة مقيمين بالخارج، تم على إثرها اعتقالهما من طرف رجال الدرك الملكي التابع لأيت اسحاق، حيث تم العثور بحوزتهما على بضع قطع من الكوكايين خاصة بالاستهلاك الشخصي، غير أنهما دفعا مبلغ خمسة آلاف درهم لمسؤول دركي ذي رتبة عالية بتلك الفرقة، ليتم حذف مسألة حيازة المخدرات لدى المعتقلين من محضر الاستماع، وبعد ذلك إحالتهما على المحكمة الابتدائية بخنيفرة بتهمة القيادة في حالة سكر، ومن هناك إلى السجن المدني بالمدينة، قبل أن يتم الإفراج عنهما إثر عدة تدخلات لدى نائب عن مستشار الملك بمحكمة الاستئناف بمكناس، مقابل رشوة وصلت إلى 25 ألف درهم. أما العنصر الآخر المدعو« لحسن ر» والملقب ب «لحمق» والملقب أيضا ب «حسن 17» وكذا ب «جونفر»، فقد عمل على إخفاء علاقته بتجار الكوكايين من خلال ربط علاقات مريبة مع عناصر من الدرك الملكي ذوي رتب عالية ويشتغلون بسيدي رحال، حيث يتوفر على فيلا يلتقي فيها مع باقي أفراد الشبكة التي تقوم بمختلف الأنشطة بما فيها المتاجرة في الكوكايين والهجرة السرية. كما كانت له مآرب أخرى في تلك الفيلا، حيث كانت مسرحا لليالي الحمراء التي كان يستقدم إليها الفتيات وقنينات الويسكي. إذا كانت الجغرافية الإستراتيجية للمغرب قد حملت معها العديد من المكاسب والامتيازات سواء في المجال السياسي أو الاقتصادي أو الثقافي نتيجة تظافر مجموعة من العوامل الفاعلة كالموقع الجغرافي المتميز وانتهاج سياسة الانفتاح الاقتصادي وتعدد المنافذ البحرية الممتدة على شريط ساحلي شاسع، فإنها حملت معها أيضا عددا من التهديدات والتحديات الأمنية التي اتخذت صورا متعددة أبرزها تنامي الظاهرة الإرهابية وشيوع شبكات الاتجار الدولي في الكوكايين... وفيما يلي صورة تقريبية لوضعية المغرب ضمن مسارات الاتجار الدولي في الكوكايين كما تم عرضها في مداخلة الوفد الأمني المغربي خلال أشغال الدورة السادسة والسبعين لجمعية الأنتربول العامة التي احتضنتها مراكش أثناء الفترة 05 08 نونبر 2007. الإحصائيات المسجلة على مستوى شعبة مكافحة المخدرات بمديرية الشرطة القضائية خلال السنوات السبع الأولى من الألفية الثالثة تسمح باستخلاص مجموعة من الملاحظات المهمة، وهي أن مخدر القنب الهندي والأقراص المهلوسة تشكل أكثر المواد المخدرة رواجا بالمغرب بينما يأتي ترويج مخدر الكوكايين في المرتبة الثالثة متقدما على مخدر الهيروين الذي لا زال في بداياته الأولى، بينما الملاحظة الثانية فهي أن مخدر الكوكايين عرف ارتفاعا مهولا خلال السنوات الأخيرة سواء بالنسبة للاستهلاك أو على مستوى الضبطيات المحجوزة مما يؤشر على بروز اتجاه جديد في السوق العالمي لهذا الصنف من المخدرات يقضي بتحويل مسارات العبور البحرية التي كانت تربط أمريكا اللاتينية بأوربا إلى مسالك جديدة تمتد من دول الزراعة والإنتاج في كولومبيا والبيرو وغيرها إلى دول غرب إفريقيا مرورا بالمغرب تم أوروبا باعتبارها دول الوجهة النهائية. هذه الملاحظة انطلقت أولا من المسح الجغرافي للظاهرة، فالكوكايين رصد لأول مرة بالمغرب بالمناطق الشمالية للمملكة بحكم قربها من سبتة ومليلية وبفضل ارتفاع حركة عبور السلع والمسافرين عبر المنافذ الحدودية الشمالية خاصة بمدن الناظور وطنجة وتطوان، لينتقل بعد ذلك إلى المدن السياحية الداخلية كمراكشوأكاديروالجديدة نتيجة تزايد أفواج السياح الوافدين عليها مما خلق سوقا محلية مصغرة يكثر فيها الإقبال وبالتالي يزداد فيها العرض. لكن هذه الظاهرة سوف تعرف منعطفا خطيرا خلال السنتين الأخيرتين بحيث ارتفع مؤشر المحجوزات من كميات تقدر بالغرام الواحد إلى ضبطيات تناهز مئات الكيلوغرامات سنة 2007. كذلك اتسمت الظاهرة بانتشار ملحوظ عبر مجموع التراب الوطني بحيث لم تعد تقتصر على المدن الشمالية أو السياحية كما كان الأمر في البداية وإنما تعدت ذلك إلى المدن الساحلية والمنافذ الحدودية الجوية فضلا عن الأقاليم الجنوبية للمملكة مما كوَّن قناعة لدى المهتمين بالمجال مؤداها بروز اتجاهات جديدة للظاهرة تتمثل في دخول شبكات دولية إلى السوق المحلية ليس من أجل تزويد السوق المحلي فقط وإنما من أجل استغلال المغرب كمحطة عبور صوب الضفة الشمالية للبوغاز في اتجاه دول أوروبا الشمالية. ولعل أهم معطى تم تسجيله في هذا الصدد هو ارتفاع مستوى الكميات المحجوزة ليس في المغرب فحسب بل حتى في بعض الدول القريبة مثل موريتانيا وغينيا بيساو واسبانيا والمياه الدولية القريبة منها، وهو ما استرعى انتباه أجهزة إنفاذ القانون في هذه الدول التي حاولت بتنسيق مع المؤسسات المختصة في المنظمة الدولية للشرطة الجنائية أنتربول خلق مؤشرات تقارب بين الشحنات المحجوزة في كل بلد ومطابقة الأساليب الإجرامية المعتمدة في التغليف والتهريب لتخلص في الأخير إلى تأكيد بروز توجه جديد في الترويج الدولي لمخدر الكوكايين يراهن على الوضعية الجيو إستراتيجية للمغرب بحكم تواجده بين دول الإنتاج ودول التسويق وبالتالي اعتماده كمحطة عبور سواء بالنسبة للمسالك الجوية أو البحرية أو البرية. تأسيسا على ما سبق يتضح أن الوضعية الجيو إستراتيجية للمغرب كان لها دور كبير في اختياره كمحطة عبور ضمن مسالك ومسارات الاتجار غير المشروع في مخدر الكوكايين، لكن دون أن نغفل عوامل داخلية أخرى كان لها بالغ التأثير في هذا التوجه الجديد للسوق العالمي، بحيث استفادت الشبكات الدولية المروِّجة لمخدر الكوكايين من توفر المغرب على أرضية مهيأة ووسائل لوجيستية كانت تستغلها الشبكات الوطنية المتخصصة في ترويج مخدر القنب الهندي الذي تضاءل نشاطه بحكم سياسات المكافحة وتشجيع الزراعات البديلة التي أعلنتها الحكومة المغربية مما أفضى إلى تقليص المساحات المزروعة وتفكيك العديد من الشبكات الإجرامية، كما استفادت أيضا من المسالك البرية والبحرية التي كانت تسلكها عصابات الهجرة المحظورة واستغلتها في تهريب الكوكايين انطلاقا من دول التخزين في غرب إفريقيا جنوب الصحراء في اتجاه دول التسويق بأوروبا مرورا بالمغرب. تحليل التهديدات مع بروز الإرهاصات الأولية لهذا التوجه الجديد في تجارة الكوكايين العالمية، بادرت الأجهزة الأمنية الوطنية المكلفة بإنفاذ القانون إلى إطلاق إنذار على المستوى الإقليمي والدولي لتحسيس المنظمة الدولية للشرطة الجنائية أنتربول بحجم المخاطر التي يمكن أن تترتب على هذه المستجدات، بالإضافة إلى إثارة انتباه الدول المجاورة إلى خطورة التداعيات التي يمكن أن تتسبب فيها الظاهرة بحكم ارتباطاتها الإقليمية وبُعدها العابر للحدود الوطنية. وقد جاء هذا الإنذار على خلفية الدراسة التحليلية التي قامت بها مديرية الشرطة القضائية للظاهرة بحيث خلصت إلى تحديد حجم التهديدات الأمنية والانعكاسات السوسيو اقتصادية التي يمكن أن تنجم عنها ليس بالنسبة للمغرب بمفرده وإنما بالنسبة لجميع الدول المجاورة والتي تقع على طول المسالك التي تمر منها هذه التجارة غير المشروعة. ولعل أهم التهديدات التي تم رصدها في هذا الإطار هي الزيادة المرتقبة في ترويج مخدر الكوكايين داخل السوق المحلي والإقليمي مع ارتفاع الشحنات العابرة للتراب الوطني، وهو الأمر الذي أكدته فعلا عمليات الحجز التي باشرتها مصالح الأمن بكل من مدن الداخلةوأكادير والعيون والرباطوالجديدة والعرائش بالإضافة إلى العمليات المشتركة التي جرت مع الشرطة الإسبانية. أيضا تم تسجيل تهديدات أخرى تتمثل في إمكانية تحويل نشاط الشبكات الوطنية للاتجار في المخدرات من ترويج القنب الهندي إلى تجارة الكوكايين وهو الأمر الذي سيؤدي بالتبعية إلى انتعاش تجارة السلائف الكيماوية وبالتالي إغراق السوق الوطنية بأنواع مختلفة من المخدرات الصلبة والمؤثرات العقلية، كما أن من شأن هذا التوجه الجديد أيضا أن يؤدي إلى فتح قنوات اتصال بين الشبكات الإجرامية المحلية والشبكات الأوروبية والأمريكية اللاتينية وبالتالي ظهور أنماط جديدة من الإجرام المنظم كالسطو المسلح وأخذ الرهائن... بالإضافة إلى إمكانية استخدام العائدات المالية لهذه الشبكات في تمويل العمليات الإرهابية للتأثير على السياسات الداخلية للدول وبالتالي تهديد الأمن والاستقرار فيها. المسالك الجديدة لتجارة الكوكايين من خلال استقراء مختلف عمليات الحجز التي قامت بها مصالح الأمن المغربية في السنتين الأخيرتين، يتبين أن هناك ثلاث مسالك رئيسية تعتمدها شبكات ترويج الكوكايين عند مرورها بالتراب الوطني، وهي إما مسالك جوية أو بحرية أو برية. المسلك الجوي: تعزى أهمية هذا المسلك إلى الحركية المضطردة للمسافرين والبضائع عبر مطار محمد الخامس الدولي الذي يعتبر محطة عبور رئيسية بين بعض الدول الإفريقية والقارة الأوروبية، بحيث يؤمن أسبوعيا 1000 رحلة جوية بين القارتين بنسبة تتراوح ما بين 3000 إلى 4000 مسافر يوميا وهو ما يجعل من مسألة الرصد والمكافحة أمرا في غاية الصعوبة رغم تجهيز قاعة المراقبة في المطار بأجهزة متطورة للكشف بالأشعة السينية وبأجهزة سكانير لمراقبة الأمتعة والحقائب الشخصية. أما بالنسبة للأسلوب الإجرامي المعتمد في هذا المسلك فيتحدد في انتقاء الشبكات الإجرامية لمواطنين من إفريقيا السوداء من الذين يعانون من عاهة مستديمة كالعمى أو غيره في محاولة لاستحضار الجانب الاجتماعي والعاطفي عند المراقبة وبالتالي تضليل مصالح الأمن، أو لمراسلين من دول أوروبا الشرقية ممن لا يثيرون الانتباه كمدرسات أو أساتذة للتعليم وبعد ذلك يتم منحهم كبسولات من المخدر قصد ابتلاعها بعد إجراء عملية جراحية لتوسيع فم المعدة، أو يتم تزويدهم بحقائب معدة سلفا لهذا الغرض تم ينطلقون بها في رحلتهم المتجهة عادة إلى بعض الدول الأوروبية خاصة إسبانيا وهولندا وألمانيا. تبقى الملاحظة الأخيرة المسجلة بشأن هذا المسلك هو أنه يتخذ من المغرب محطة عبور فقط وليس سوقا للاستهلاك، بدليل صغر حجم الكميات المضبوطة فضلا عن نوعية الرحلات المستهدفة والتي تكون عادة عابرة للمغرب في اتجاه أوروبا. المسلك البحري: إن انفتاح المغرب على واجهتين بحريتين هما المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط وامتداده على طول شريط ساحلي يناهز 3500 كلمتر تقريبا جعله قبلة مفضلة لشبكات الاتجار الدولي في المخدرات، فأمام تزايد المراقبة الأمنية على المسار البحري الذي كان يربط دول المصدر والإنتاج في أمريكا اللاتينية بدول الوجهة والتسويق بأوروبا الغربية، وجراء تعاظم تكلفة الرحلة واتساع مسافاتها، فضلت الشبكات المتخصصة في هذا المجال الاستعاضة عن تلك المسالك بأخرى أقصر مسافة وأيسر من حيث المراقبة الأمنية، وهو الأمر الذي جعلها تفضل المرور بدول غرب إفريقيا جنوب الصحراء تم المرور برا عبر المغرب في اتجاه أوروبا أو الانطلاق مباشرة صوب الموانئ الجنوبية للمملكة مثل ما حدث في عملية Poulpe بميناء الداخلة سنة 2007. وتتميز الضبطيات المحجوزة في هذا المسلك بحجمها الكبير الذي يقدر بمئات الكيلو غرامات بحكم طبيعة وسعة وسائل النقل المستعملة، التي تكون في العادة إما حاويات أو سفن كبيرة يتم تفريغها بالموانئ المغربية على أساس إعادة شحنها في اتجاه أوروبا أو أنها تفرغ في عرض البحر وتشحن على متن زوارق سريعة بهدف نقلها مباشرة إلى دول التسويق. المسلك البري: هذا المسلك تم رصده مؤخرا من قبل مصالح الأمن المغربية جراء حجز كميات من الكوكايين بكل من أكاديروالرباط والعيون بتزامن مع عمليات أخرى قامت بها مصالح الأمن بموريتانيا، والتي أوضحت التحريات المنجزة بشأنها وجود مؤشرات تقارب واضحة فيما بينها سواء من حيث طرق التغليف والإخفاء أو نوعية المخدر المحجوز وهو ما يؤشر على بروز مسلك بري ضمن مسارات الترويج ينطلق من سواحل غرب إفريقيا مرورا بموريتانيا وشمال مالي في اتجاه شرق الجزائر والمغرب. كانت هذه إجمالا بعض ملامح وخصوصيات البعد الجديد لتجارة الكوكايين على الصعيد الدولي، الذي بات يراهن على الوضعية الجيو إستراتيجية للمغرب باعتباره نقطة التقاء بين دول التخزين ودول التسويق فضلا عن قربه الجغرافي وامتداداته الساحلية وضعف المراقبة الأمنية عند شركائه الإقليميين في دول جنوب الصحراء، وهو الأمر الذي يفرض عليه بذل المزيد من الجهود سواء على المستوى الوطني لتحصين مجاله الداخلي أو على المستوى الدولي للحد من الارتباطات الدولية للظاهرة باعتباره أحد الشركاء الرئيسيين في إستراتيجية مكافحة الجريمة المنظمة بكل تجلياتها وأصنافها.