بشدة، كالت الحكومة التي يرأسها عزيز أخنوش، انتقادات حادة إلى الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها بعدما أماطت اللثام أول أمس الثلاثاء عن تقريرها السنوي برسم 2023، والذي يتضمن تقييما سلبيا حول أداء الحكومة في مكافحة الفساد. وعبر الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، خلال الندوة الصحافية التي أعقبت الاجتماع الأسبوعي للمجلس الحكومي، عن « الانزعاج » من تقرير الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، ومن تصريحات رئيسها في الندوة الصحافية التي عقدها أمس الأربعاء، والتي أكد فيها أن طلب عقد اجتماع اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد، دون أن يستجيب رئيس الحكومة لذلك. ولم يجب بايتاس عن سؤال وجه إليه حول عدم عقد اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد لأي اجتماع لها خلال الولاية الحكومية الحالية، بالرغم من مطالبة رئيس الهيئة محمد البشير الراشدي بانعقادها، بينما ينص مرسوم إحداث اللجنة على عقد اجتماعين في السنة على الأقل. وقال بايتاس، « أنا مندهش لعدم الانتباه للإجراءات التي تقوم بها الحكومة، ثم أندهش أكثر حين يتعلق الأمر بمؤسسات أخرى تشتغل في نفس المجال، ونطالبها بأشياء غير موجودة في القوانين المنظمة لها نفسها، فقبل أن نطالب بالقيام بأشياء، يجب الاطلاع أولا على القوانين المؤطرة لهذه المؤسسات ». وأضاف المسؤول الحكومي، « لا يجب لأي أحد أن يعتقد أنه يحارب الفساد أكثر من أي طرف آخر، هذه معركة نساهم فيها جميعا على قدر المساواة، السلطة التنفيذية والمؤسسات الأخرى الدستورية التي تشتغل على هذا الموضوع، وطبعا المؤسسة التي تحدثتم عليها (في إشارة إلى الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها) ». وتابع: « ألا تتضمن اختصاصات هذه المؤسسة (في إشارة إلى الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها) تخليق الحياة العامة، وترسيخ مبادئ الحكامة العامة، وثقافة المرفق العام، وقيم المواطنة المسؤولة؟ أين هو المجهود الذي قامت به هذه المؤسسة في هذه المقتضيات المنصوص عليها بنص الدستور؟ ويكفي فقط أن نرجع للفصل 167 من الدستور وسنجد هذه الاختصاصات ». وينص الفصل 167 من الدستور، على أن « الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، تتولى على الخصوص، مهام المبادرة والتنسيق والإشراف وضمان تتبع تنفيذ سياسات محاربة الفساد، وتلقي ونشر المعلومات في هذا المجال، والمساهمة في تخليق الحياة العامة، وترسيخ مبادئ الحكامة الجيدة، وثقافة المرفق العام، وقيم المواطنة المسؤولة ». واسترسل بايتاس، « ثم من يعرف الفساد وملفاته ومعطياته، يجب أن يذهب إلى القضاء لأنه المسؤول الوحيد على زجر ومحاسبة من يقوم بالفساد »، مشددا على أن « محاربة الفساد هو انشغال كبير لدى الحكومة، التي اشتغلت عليه بعمق، ومنذ أن تم تنصيبها وهي تشتغل على هذا المجال، ويكفي أن أذكر على سبيل المثال لا الحصر، إجراءين، الأول حجم المتابعات التي ارتفعت، والتي تؤكد الحرص القوي للحكومة في متابعة أي مس بالمال العام أو أي مظهر من تمظهرات الفساد، ثم المسألة الثانية التي تتعلق بمرسوم الصفقات العمومية، ويكفي أن تبحثوا في المضامين الجديدة والتي أخضعها تقريبا كلها إلى مسطرة العروض، بما في ذلك الطلبيات ». يذكر أن رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، قال أول أمس الثلاثاء، في الندوة الصحافية لتقديم تقرير الهيئة السنوي، إن إن مرسوم أكتوبر 2017، بشأن اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد، ينص في مادته الرابعة على اجتماع اللجنة مرتين في السنو على الأقل، بينما لم تجتمع اللجنة إلا مرتين في 10 سنوات. وكانت حكومة سعد الديون العثماني أخرجت مرسوم تأسيس اللجنة في أكتوبر 2017، بينما عقد رئيس الحكومة السابق اجتماعين للجنة، في 2018 ثم 2019، بينما لم يعقد رئيس الحكومة الحالي عزيز أخنوش أي اجتماع للجنة لحد الآن، بالرغم من مطالبة رئيس الهيئة بذلك وفق تصريحه. وتحدث الراشدي في الندوة أيضا، عن « ضعف تفاعل الجهات المعنية مع توصيات الهيئة الواردة في تقاريرها السنوية، مشيرا إلى تجاوب نسبي مع منظور الهيئة بخصوص بعض المواضيع المهيكلة.