شدد رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، محمد بشير الراشدي، على أن أهم العوامل التي يمكن أن تساهم في محاربة الفساد يتمثل في الردع، الذي يمر عبر المقاربة التشريعية التي تضع نصوص قابلة للتفعيل. وأوضح الراشدي الذي كان يتحدث في ندوة نظمتها، الخميس، مؤسسة الفقيه التطواني، حول موضوع "اختصاصات الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، ووظائفها وإنجازاتها وآفاق عملها"، أن التغيير المستهدف يقوم على ركائز من بينها التشريع أي القوانين التي من شأنها أن تجفف بؤر الفساد (التصريح بالممتلكات، تضارب المصالح، الإثراء غير المشروع ..). وأبرز الراشدي أن تنظيم هذه الندوة تأتي في وقت تستكمل فيه الهيئة أجهزتها، ودخول القانون رقم 46.19 حيز التنفيذ، والذي يعتبر من بين النصوص المتقدمة على الصعيد الدولي، لافتا إلى أن المشرع وسع مفهوم الفساد وجعله "مفهوم مفتوح على كل ما يمكن تجريمه مستقبلا ". واستعرض الراشدي خلال الندوة مجالات تدخل الهيئة المتعددة، سواء من حيث التشخيص والإلمام بكل تمظهرات الفساد وتجلياته، وأثره على الفاعلين الاقتصاديين وعلى المواطنين وكذا على تنمية البلاد، مبرزا أيضا دور الهيئة في المساهمة في تخليق الحياة العامة من خلال معالجة ملفات الفساد التي تصل لها سواء عبر التبليغات أو الشكايات أو من خلال التصدي التلقائي للأفعال التي تقوم بها المؤسسة في البحث ومعالجة المعطيات المتواجدة لديها. وبعد أن ذكر بالسياسات والمخططات الحكومية منذ 2005 ومن بعدها الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد التي تمت المصادقة عليها في دجنبر 2015 وانطلقت في 2016 ببرامج متعددة، شدد على أن الهيئة مطالبة بالمساهمة في التعبئة المجتمعية التي تتطلب استهداف كل الفئات على حسب خصوصياتها وانتظاراتها وحاجياتها، لإعادة الثقة وتقوية القدرة ورفض أفعال الفساد، وفق رافعة التواصل والتكوين والتعبئة والمساهمة المواطنة. وتابع أن الهيئة تلعب دورا جوهريا في تحديد التوجهات الاستراتيجية لسياسة الدولة في مجال الوقاية ومحاربة الفساد وتحديد الآليات الكفيلة بتنفيذ هذه الاستراتيجيات وأن تكون فعالة، مسجلا أن الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها قامت بالوقوف على الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد بهدف القيام بتقييم موضوعي، وفق قراءة تحدد المقومات الإيجابية التي يمكن تعزيزها. وفي السياق ذاته، تحدث محمد بشير الراشدي، بنوع من المرارة عن مؤشر محاربة الفساد بالمغرب، قائلا إن المملكة خلال 20 سنة الماضية لم تتمكن من محاربة الفساد بل إنها تراجعت ولم تحقق سوى نقطتين خلال العقدين الماضيين، واصفا الأمر بأنه مقلقل للغاية. وأكد الراشدي أن المغرب لم يستطع، رغم كل السياسات التي أطلقها خلال العقديين الماضيين، أن يحسن وضعه في مجال محاربة فالفساد، وظل في درجات جد متدنية غير مرضية، مبرزا أن ذلك ما أظهرته التقارير الوطنية والمنظمات الدولية.وأوضح المصدر ذاته، أن الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، لكي تفهم الأسباب التي تؤدي إلى تفشي مؤشرات الفساد المغرب، وجدت أن هناك 70 عاملا مؤثرا في المجال، منها ماهو نسبي غير مباشر ومنها ماهو مباشر له تأثير مباشر، مبرزا أن السبب المهم في فشل محاربة الفساد يكمن ضعف الاستهداف المباشر للعوامل المسببة للفساد. وأضاف الراشدي، أن تنزيل الإجراءات الكفيلة بمحاربة الفساد لا يتم في إطار شمولي وفي إطار الإلتقائية، بالإضافة إلى غياب النفس الطويل الذي يسمح بالذهاب بعيدا من أجل تحقيق أهداف تلك الإجراءات وجعلها مستدامة ومساهمة في تجفيف بؤر الفساد، مشيرا إلى أن التقارير التي أصدرتها الهيئة في السنوات الثلاث الماضية تحدد بدقة تلك مكامن تلك الاختلالات. وأبرز رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها أن دور مؤسسته يتمثل في المساهمة في التعبئة المجتمعية من أجل محاربة الفساد، وذلك عبر استهداف جميع فئات المجتمع وفق خصوصية كل فئة وانتظاراتها وحاجياتها، في أفق إعادة الثقة وتقوية القدرة على رفض ومواجهة الفساد عبر روافع التواصل والتكوين والتعبئة.