في افتتاحية تحليلية في مجلة « جون أفريك » الفرنسية في عددها الأخير، كتب فرانسوا سودان، رئيس تحرير المجلة أنه منذ تطبيع المغرب علاقاته مع إسرائيل في دجنبر 2020، اعتبرت القيادة العليا الجزائرية، أن هناك مبررا لرفع النفقات العسكرية إلى مبالغ هائلة، بأكثر من 18 مليار دولار في عام 2023 مقارنة ب 5.2 مليار دولار للمغرب، مما يجعل الجزائر من بين الدول الثلاث الأولى في العالم من حيث نسبة النفقات العسكرية إلى الناتج المحلي الإجمالي. لكن الصحافي الفرنسي يرى أنه بالنسبة للقيادة العسكرية الجزائرية فإن هذه الميزانية الضخمة أيضا، هي بمثابة تأمين لها على البقاء على قيد الحياة وفي قلب السلطة ولعب دور الحكم. فإذا تم تقليص هذه الميزانية نتيجة التطبيع مع المغرب، فسوف يؤدي ذلك إلى إضعاف وزنهم إلى مجرد هيئة صامتة سياسيًا، وهو أمر يعتبرونه غير مقبول. ولهذا تعتبر النخبة العسكرية أن نزاعها مع المغرب بخصوص الصحراء المغربية مسألة وجودية، ولهذا تتفاعل الجزائر كطرف في النزاع ويظهر ذلك من خلال إدانتها القرار الفرنسي بالاعتراف بخطة الحكم الذاتي المغربية كحل وحيد للنزاع. المأساة في هذه القضية حسب الصحافي الفرنسي، هي أن الشعبين في البلدين لم يعودا يعرفان بعضهما البعض، ولا يتحدثان مع بعضهما البعض، ولا يحبان بعضهما البعض. لقد اعتقد المغاربة لفترة طويلة أن الغالبية العظمى من الجزائريين لا يسايرون قادتهم، وأن الأزمة مع المملكة لا تعنيهم، وأن الصحراء لا تهمهم، وأن لديهم أولويات أخرى، وأنه بمجرد فتح الحدود، سنرى مشاهد الأخوة في كل مكان. لكن عقودًا من الشعارات والمشاحنات وسوء الفهم أدت نتائجها، جيلًا بعد جيل. اليوم، بين الشباب على كلا الجانبين، تسود الأحكام المسبقة وعدم الثقة وسوء الفهم المتبادل. لم تعد الميداليات الأولمبية سببًا للفخر المشترك، بل للمنافسة. ويكفي القول حسب الصحافي الفرنسي، أنه كان هناك وقت كان فيه الحسن الثاني يدعو السفير الجزائري، سعد دحلب، لحضور اجتماع مجلس الحكومة كلما كانت العلاقات الثنائية على جدول الأعمال.. وقت كان فيه الأسود (منتخب المغرب) وفهود الصحراء (منتخب الجزائر) يحتفلون بانتصاراتهم معًا.. وقت كان فيه الناس يسافرون من وجدة إلى تلمسان كما لو كانوا يزورون عائلاتهم. قبل وضع الخنادق والأسلاك الشائكة والستار الحديدي..