قالت مجلة "جون أفريك" الفرنسية، في افتتاحية لمديرها الناشر الصحافي المعروف فرانسوا سودان، إنه بينما تستمر العلاقات بين المجالس العسكرية الحاكمة في مالي وبوركينا فاسو والنيجر في التدهور، ولكن أيضا بين هذه المجالس والجزائر، فإن الرباط تضاعف مبادراتها من أجل كسب الرهان.
واعتبر سودان، في افتتاحيته تحت عنوان: "في الساحل.. فرنسا تغادر والجزائر تتراجع والمغرب يتقدم"، أنه في الوقت الذي تتعرض فرنساوالجزائر للتشهير من قبل المجلس العسكري الحاكم في باماكو وواغادوغو ونيامي، فإن المغرب ذكي حيث وصل إلى القمة على يد نفس زعماء منطقة الساحل.
واعتبر فرانسوا سودان، أنه لا فائدة من العودة إلى الأدلة على تراجع النفوذ الفرنسي في منطقة الساحل كما هو واضح للغاية، مشيرا إلى أنه إذا كانت المشاعر المعادية لفرنسا تتغذى على ما يعتبره سكان منطقة الساحل بمثابة سياسة استياء تمارسها ضدهم القوة الاستعمارية السابقة، فإن تآكل النفوذ الجزائري في المنطقة هو نموذج مختلف تماما.
ويرى سودان، أن الجزائر، التي كانت معادية تاريخياً لأي وجود عسكري أجنبي- فرنسي بالدرجة الأولى- خارج حدودها المشتركة، لم تدرك حقيقة أن الانسحاب الفرنسي كان مصحوبا بصعود السلطة العسكرية السيادية.
وتابع أنه "بعد أن اعتادت الجزائر على فرض خياراتها على جيرانها المصابين بالشلل، بسبب قوتها العسكرية، وغير القادرين على الرد على موجات الطرد الجماعي لمواطنيهم، فوجئت الجزائر بهزيمة أنصارها في كيدال بمالي، قبل أن ترد بطريقة خرقاء باستقبال لبعض المعارضين البارزين للمجلس العسكري المالي، ما فتح أزمة بين البلدين".
ولفت إلى أن "الأمر الأكثر إزعاجا للرئيس عبد المجيد تبون هو بلا شك أن ما يسمح للمجالس العسكرية بالوقوف في وجهه ليس سوى وجود رجال ميليشيا فاغنر الروسية. وهو حضور لم ير صديقه بوتين أنه من المفيد التشاور معه بشأنه".
أما بالنسبة لحضور المغرب في المنطقة، فيقول فرانسوا سودان، إن "العرض المغربي تجاه هذه البُلدان غير الساحلية جريء وجذاب في نفس الوقت. ليس أقل من إعادة توجيه منافذها البحرية من موانئ خليج غينيا نحو المركز المستقبلي للداخلة الأطلسية بحيث لا تعتمد بعد الآن على أهواء وأمزجة وعقوبات المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والدول الغربية".
وأشار الصحافي ذاته، أنه بينما تضطر الخطوط الجوية الفرنسية إلى إدارة التعليق المتكرر لرحلاتها إلى باماكو ونيامي وواغادوغو، فإن الخطوط الجوية الملكية المغربية لم توقف أبدًا رحلاتها من وإلى هذه العواصم الثلاث.
وأردف أن المغرب لا يستفيد من التوترات الجزائرية- الساحلية فحسب، بل يستفيد أيضا من الفراغ الذي خلّفته فرنسا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة "عن غير قصد"، وهذا في ظل برودة في العلاقات بين الملك محمد السادس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وخلص فرانسوا سودان، أن العملية التي يقوم بها المغرب في منطقة الساحل هي أكثر براعة، حيث يمكن للمملكة أن تلعب على المدى القصير دور المحاور بين المجالس العسكرية والدول الأوروبية ودول المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا التي تحتفظ بعلاقات وثيقة معها- مثل ساحل العاج أو السنغال- والترويج لمشروع خط أنابيب الغاز الرئيسي بين نيجيريا والمغرب.