في قضية مثيرة، قضت محكمة الاستئناف في الدارالبيضاء في فاتح يوليوز، بسقوط الدعوى العمومية للتقادم في ملف مثير يعود ل41 سنة، أحد أطرافه ورثة الأمير الراحل مولاي عبد الله، ضد أشخاص اتهموا بالتزوير للحصول على أرض تعود ملكيتها للأمير. وتعتبر هذه ثالث مرة تحكم فيها المحكمة بالتقادم بعد الاحالة من قبل محكمة النقض و إرجاع الملف إلى محكمة الاستئناف. القضية قديمة تعود إلى بداية الثمانينات واستمرت معروضة على المحاكم إلى اليوم، بعدما توفي عدد من أطرافها منهم بعض المتهمين. وتعود القضية حسب المعطيات التي اطلعت عليها « اليوم24″، إلى سنة 1983، حين باشر موثق في الرباط إجراءات بيع عقار بين الأمير مولاي عبد الله، وأحد الفلاحين الذي قال إنه اشترى قطعة من عقار تبلغ مساحته حوالي 500 هكتار في ملكية الأمير المرحوم، في منطقة بوفكران، نواحي مكناس، شرع الأمير في تجزيئها وبيعها. المشتري قال ان مهندس يعمل مع الأمير تولى عملية تجزئة الأرض، وبيعها. وحسب المعطيات فإن المشتري، وهو فلاح، أدى مبلغ العقار في الحساب البنكي الذي طلب منه وضع المال فيه، وحين تم استدعاؤه للحضور إلى مكتب الموثق العوفير، بالرباط، لتوثيق العقد، تأخر لبعض الوقت، ولم يحضر إلا في شهر غشت1983، ليجد أن الموثق سافر في عطلة، (الموثق يحصل على عطلة بموافقة الوكيل العام ) ولكنه ترك مكتبه مفتوحا، حيث كانت تعمل لديه موثقة متدربة، نابت عنه في صياغة إجراءات العقد وكتبت في العقد أنها متدربة تنوب عن الموثق العوفير، وهكذا وثقت توقيع المشتري الذي يدعى أفقير. توفي الأمير مولاي عبد الله، في دجنبر 1983، فلما ذهب المشتري إلى المحافظة بعد الوفاة، وجد بأن الإراثة وضعت في المحافظة وهذه الأخيرة رفضت تسجيل عقد الشراء فلجأ المشتري حينها إلى محامي، (توفي)، فأشار عليه برفع دعوى ضد ورثة الأمير مولاي عبد الله، لاستكمال إجراءات البيع، وهنا ستأخذ القضية منحى آخر، لأن الأشخاص الذين اشتغلوا مع الأمير مولاي عبد الله أنكروا عملية البيع، فلجأ محامي ورثة الأمير مولاي عبد الله إلى رفع دعوى بالتزوير ضد كل من تورط وهم الشخص المشتري، (توفي) والموثق العوفير(توفي)، وأيضا الموثقة المتدربة. وجرى اعتقال الموثق والمشتري لفترة. بعد قبول المحكمة دعوى التزوير توقفت الدعوى الأولى المتعلقة بإتمام البيع، وفتحت مسطرة البحث التمهيدي،من طرف الشرطة في دعوى التزوير وتم الاستماع إلى الأطراف. وحين رفع الملف إلى النيابة العامة طلبت رأي وزير العدل، فقررت النيابة العامة إحالة الملف على قاضي التحقيق، الذي احتفظ به لسنوات. وبقي الملف على هذا الحال حتى فاقت مدته 20 سنة، أي سقطت الدعوى العمومية في التقادم. ومع ذلك طرح الملف أمام الغرفة الجنائية بالدارالبيضاء في 2012، ولكن المحكمة أصدرت حكما بتقادم الدعوى وسقوطها في 2014. وقد قامت النيابة العامة باستئناف الحكم فقررت محكمة الاستئناف الجنائية تأييد الحكم الابتدائي. ولكن محكمة النقض قررت في 2017، نقض الحكم وإعادته إلى الاستئناف. وفي 2019، قررت محكمة الاستئناف الحكم من جديد بسقوط الدعوى من أجل التقادم، فنقضته محكمة النقض مرة ثانية، ثم صدر حكم استئنافي جديد في 2019 أيد الحكم بسقوط الدعوى فقامت محكمة النقض بنقضه للمرة الثالثة. وفي فاتح يوليوز الماضي قررت محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء من جديد الحكم بسقوط الدعوى للتقادم. لم يتبق في هذا الملف اليوم من المتهمين على قيد الحياة، سوى الموثقة التي كانت متدربة والتي يبلغ عمرها اليوم حوالي 70 سنة، وهي من أوائل النساء الموثقات في المغرب في 2018، قام المحامي عبد الرحيم الجامعي الذي يدافع عن الموثقة التي لازالت الوحيدة المتابعة في الملف في حالة سراح، بعد وفاة جميع الأطراف الأخرى المعنية المتهمة، بمراسلة الأمير مولاي هشام، أحد الورثة، لدعوته لحل هذه المشكلة، فكانت المفاجأة أنه لا علم له بالدعوى فطلب من محامي العائلة التنازل عن المسطرة ، والذي أدلى للمحكمة بتنازل رسمي باسمهم. المحامي الجامعي اعتبر أنه لا يمكن متابعة موكلته الموثقة مدى الحياة بتهمة الزور، دون البت في الملف، وقد صرحت الموثقة أمام القاضي أنها لا تريد أن يلاحقها هذا الملف إلى القبر، وهي التي عانت منه لأزيد من 40 سنة منذ شبابها. ورغم تنازل محامي عائلة الورثة، وإعلانه في المحكمة استرجاع الأرض إلا أن النيابة العامة قررت مواصلة متابعة الموثقة إلى اليوم. و التساؤل اليوم هو ما ستقرره النيابة العامة بالدارالبيضاء، هل ستستمر في الطعون وهل ستطعن بالنقض في القرار لتعرض القضية من جديد و للمرة الرابعة أمام محكمة النقض؟