مصادر حقوقية استغربت اقتصار المتابعة على متهم واحد، في الوقت الذي سبق للمجلس الجهوي للحسابات، في مذكرة ملاحظاته حول الموضوع نفسه، أن أشار إلى مسؤولية شخصيات نافذة لم تشملهم المتابعة من طرف النيابة العامة. حدد يوسف الزيتوني، قاضي التحقيق بالغرفة الثالثة باستئنافية مراكش المكلفة بجرائم الأموال، يوم الثلاثاء 24 شتنبر الجاري، تاريخا لأولى جلسات الاستنطاق الابتدائي للمستشار البرلماني والنائب الأول لعمدة مراكش، عبد العزيز البنين، المنتمي إلى حزب التجمع الوطني للأحرار، بعد أن تابعته النيابة العامة في الملف المعروف باسم شركته «سيتي وان» بجنايتي تبديد أموال وتزوير وثائق رسمية، وهو الملف الذي أحاله وزير العدل والحريات مؤخرا على الوكيل العام للملك بمراكش، والذي أحاله بدوره على قاضي التحقيق. لائحة الاتهام اقتصرت على البنين في هذا الملف الذي سبق للفرقة الوطنية للشرطة القضائية أن أنهت التحريات بشأنه منذ أكثر من سنة، واستمعت إلى العمدة السابق عمر الجزولي ونائبه عبد الله رفوش، المكلف بالتعمير، وبعض الموظفين بالجماعة الحضرية لمراكش، وآخرين بالمحافظة العقارية جيليز، ومُوثقة تعمل بالمدينة الحمراء. مصادر حقوقية استغربت اقتصار المتابعة على متهم واحد، في الوقت الذي سبق للمجلس الجهوي للحسابات، في مذكرة ملاحظاته حول الموضوع نفسه، أن أشار إلى مسؤولية شخصيات نافذة لم تشملهم المتابعة من طرف النيابة العامة. وأضافت المصادر نفسها أن هيئات حقوقية ستطالب بتشكيل لجنة تقصّ في هذا الملف، كما ستطالب وزير العدل والحريات والوكيل العام الجديد بتصحيح المتابعة، وستطالب قاضي التحقيق، باعتباره سلطة اتهام أيضا، بإعادة النظر في قرار النيابة العامة تحقيقا للعدالة. وقد سبق للهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب أن تقدمت بشكاية إلى الوكيل العام للملك بمراكش، أشارت فيها إلى ما اعتبرته «تزويرا في وثيقة رسمية وتبديدا واختلاسا للمال العام واستغلالا للنفوذ»، في قضية الحي الشتوي بمراكش، حيث عمدت شركة «سيتي وان»، لصاحبها عبد العزيز البنين، إلى شراء العقار المسمى «الجناح»، من مالكيه الأصليين، وهم ثلاثة أجانب، علما أن العقار كان في الأصل للأملاك المخزنية. وتفيد شهادة الملكية المتعلقة به بأنه مثقل بحق ارتفاق عبارة عن طريق عرضها عشرة أمتار. وبعد حيازة الشركة للعقار، حصلت على شهادة ملكية جديدة لا تتضمن أي إشارة إلى حق الارتفاق، وهو ما استندت إليه لجنة الاستثناءات بولاية الجهة في عهد الوالي محمد حصاد، والتي قررت منح الشركة امتياز إضافة طابقين اثنين في مشروع عقاري، مقابل تنازلها عن جزء من العقار لإحداث طريق عمومية، قبل أن تتفجر فضيحة مدوية أواخر الولاية الجماعية السابقة تتعلق بتعويض عن هذا العقار، الذي أنجزت في جزء منه طريق عمومية، بعد أن قضت محكمة الاستئناف الإدارية بمراكش بتعويض لفائدة البنين ضد الجماعة الحضرية، يقدر بأربعة ملايير و800 مليون سنتيم، حيث تم تحديد مبلغ التعويض في 9000 درهم للمتر المربع، علما أن لجنة الاستثناءات رخصت لنائب العمدة إنجاز مشاريعه، على أساس أن يتخلى عن جزء من القطعة الأرضية مجانا وبدون تعويض لإنجاز طريق عمومية، حيث أدلى بالتزام مكتوب في هذا الصدد، قبل أن يرفع دعوى قضائية ضد الجماعة حول اعتدائها على عقاره دون سلك الإجراءات القانونية المتعلقة بنزع الملكية، ومطالبا بتعويض مادي حدده في مبلغ 15 ألف درهم عن المتر المربع الواحد. وبعد أن أحيل الملف على المجلس الأعلى، قرر عرضه على أنظار المحكمة الإدارية بسطات، التي ارتأت إجراء خبرة قضائية حددت مبلغ التعويض في تسعة ملايير سنتيم تقريبا. وخلصت شكاية هيئة حماية المال العام إلى أن البنين، الذي يعمل في الوقت نفسه ممثلا لشركة سيتي وان، ونائبا رابعا للعمدة السابق الجزولي مكلفا بتدبير الممتلكات الجماعية، قام بحماية مصالح شركته ضدا على مصالح الجماعة، وحرص على رفع دعوى الاعتداء المادي في مواجهة الجماعة الحضرية لمراكش، مقابل تغاضيه عن اتخاذ كافة التدابير والإجراءات التحفظية المتعلقة بحقوق الجماعة، معتبرة أن التجاوزات والخروقات المشار إليها سابقا ما كانت لتقع لولا استغلاله لمنصبه كنائب لرئيس المجلس الجماعي ولعلاقاته مع بعض المصالح والجهات التي ساعدته على تنفيذ مشروعه.