عاد أفراد الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، من جديد، إلى مقر بلدية مراكش للحصول على وثائق يمكن أن تفيدهم في التحقيق حول تغريم محكمة الاستئناف المجلس الجماعي لمراكش 4 ملايير و800 مليون، قبل أن يرتفع هذا المبلغ، نتيجة خبرة قضائية، إلى 8 ملايير سنتيم، في قضية ما أضحى يُعرف بشركة «سيتي وان»، لممثلها عبد العزيز البنين، النائب الأول لعمدة مراكش. وقد حل أفراد من الفرقة، التي مازالت تحقق في «فضيحة» يتطلع الشارع المراكشي لمعرفة ما ستسفر عنه من نتائج ترجع الأمل إلى نفوسهم حول من المسؤول عن تبذير أموال الشعب، في الأسبوع الماضي بالمقر الذي تشتغل فيه فاطمة الزهراء المنصوري، رئيسة المجلس الجماعي لمراكش، حيث طلبوا بعض الوثائق التي ستفيدهم في فك شفرات هذا الملف، الذي «فاحت» منه نفحة «فساد»، والوقوف على الاختلالات التي شابت عملية «البناء»، التي كان بطلها، عمر الجزولي، عمدة مراكش السابق، ونائبه عبد العزيز البنين. وقد علمت «المساء»، من مصادر مطّلعة، أن أفراد الفرقة، وعكس ما كانوا يقومون به خلال زيارات سابقة، حيث كانوا يتفحصون الوثائق والملفات، قبل أن يقرروا حاجتهم منها، قاموا بالحصول على بعض المستندات دون أن يدرسوها في عين المكان، مكتفين بتسلُّمها من قبل أحد الموظفين والتوجه بها صوب مقرهم في الدارالبيضاء، وهناك حيث تجري الأبحاث على كافة الوثائق، التي سبق أن أدلى بها الفرع المحلي للهيئة الوطنية لحماية المال العام في المغرب وغيرها من الوثائق والملفات، التي حصلت عليها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية من داخل مقر البلدية بعد استئذان القائمين على هذا المرفق. يأتي هذا، في وقت قرر عبد العزيز البنين، الذي غادر مدينة مراكش واستقر بالدر البيضاء، التنازل عن هذا المبلغ الكبير، خلال ندوة صحافية أعلن فيها ذلك وتحقيقات أجراها المجلس الجهوي للحسابات، الذي سجل ملاحظات دقيقة ووقف على اختلالات من شأنها أن تدين أحد «أبطال» هذه الفضيحة المالية بامتياز. وعلمت «المساء»، من مصادر عليمة، أن هناك ترتيبات تقوم بها جهات لها علاقة بالملف، الذي يبدو أن «ظاهره رحمة وباطنه عذاب»، من أجل الدفع بالتحقيق إلى الأمام، في محاولة منها ل«الإطاحة» بأحد «رؤوس» هذا الملف. وقد انتقدت الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب، في ندوة نظمتها قبل أسبوع في مراكش، تأخر التحقيقات التي تجريها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، بعد إحالة الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف ل10 ملفات عليها، تهُمّ تبذير ونهب المال العام واستغلال النفوذ، معتبرة أن طول مدة التحقيق حول ملفات فساد «تورَّطَ» فيها مُنتخَبون من شأنه أن يُفقِد هذه الأجهزة مصداقيتها، خصوصا بعد تجاوز مدة إحالتها عليهم السبعة أشهر. وأوضح طارق السباعي، رئيس الهيئة، في الندوة ذاتها، أنه في لقاء جمع مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، بعدد من الحقوقيين والمحامين، أكد المسؤول الحكومي أنه سيصدر تعليماته للنيابات العامة من أجل التسريع بالتحقيق في كل ما يتعلق بملفات نهب المال العام والفساد. وقد بدأت فصول هذا الملف /»الفضيحة» عندما قامت شركة «سيتي وان»، لممثلها عبد العزيز البنين، نائب العمدة السابق عمر الجزولي، بشراء العقار المسمى «الجناح»، ذي الرسم العقاري عدد 34.164/م، من المالكين الأصليين، والذي تفيد شهادة الملكية المتعلقة به، والمؤرخة في 26 ماي 2003، أنه مثقل بحق ارتفاق عبارة عن طريق عرضها عشرة أمتار. وبعد حيازة الشركة المذكورة للعقار، عمدت إلى استخراج شهادة ملكية جديدة بتاريخ 11 غشت 2003، لا تتضمن أي حق ارتفاق، وخاصة الطريق المشار إليها ضمن شهادة الملكية، المؤرخة في 26 ماي 2003، وهو المعطى الذي ستستغله، تضيف الشكاية، الشركة عندما قررت لجنة الاستثناءات الكبرى في ولاية مراكش منح شركة «سيتي وان» إضافة طابقين اثنين، مع امتيازات أخرى، مقابل تنازلها عن جزء من العقار لإحداث طريق عمومية، إضافة إلى أن الشركة ستعمد إلى تجزيء عقار مُجزَّأ أصلا، واستخراج رسم عقاري جديد يحمل رقم 116997 /04 ضدا على قانون التعمير، وأنشأت عليه ثلاثة مشاريع عقارية مهمة، قبل أن تقاضي الشركة المذكورة المجلس الجماعي أمام القضاء الإداري، بدعوى اعتداء المجلس الجماعي على عقارها دون سلوك الإجراءات القانونية المتعلقة بنزع الملكية، ويصدر حكم في الموضوع في حق المجلس الجماعي لمراكش يقضي بأدائه لفائدة شركة «سيتي وان» مبلغ 8 ملايير سنتيم. وخلصت شكاية الهيأة الوطنية لحماية المال العام في مراكش إلى «قيام ممثل الشركة المذكورة، الذي هو في نفسه النائب الرابع للعمدة المكلف بتدبير الممتلكات، بموجب قرار التفويض عدد 0471 ب«حماية مصالح شركته ضدا على مصالح الجماعة، وحرص على مصالح الشركة المذكورة لرفع دعوى الاعتداء المادي في مواجهة المجلس الجماعي»، مقابل «تغاضيه عن اتخاذ كافة التدابير والإجراءات التحفظية المتعلقة بحقوق الجماعة، كما هي منصوص عليها ضمن المادة ال47 من الميثاق الجماعي»، وحصوله بذلك على منفعة من خلال حصول شركته على قرار لصالحها وإنجاز الطريق لفائدة المشروع، إضافة إلى ربط الممثل القانوني لشركة «سيتي وان»، عبد العزيز البنين، للمصالح الخاصة بشركته مع الجماعة، خلافا لمقتضيات المادتين ال21 وال22 من الميثاق الجماعي وقيامه بإبرام صفقة تحت عدد 117 /2005 بتاريخ 20 -12 -2005 بقيمة تقدر ب230 سنتيما، خدمة لمشروع شركة «سيتي وان».