مجلس الحكومة يعفي استيراد الأبقار والأغنام من الضرائب والرسوم الجمركية    القنيطرة تحتضن ديربي "الشمال" بحضور مشجعي اتحاد طنجة فقط    إتحاد طنجة يستقبل المغرب التطواني بالملعب البلدي بالقنيطرة    الجديدة.. الدرك يحبط في أقل من 24 ساعة ثاني عملية للاتجار بالبشر    القوات المسلحة الملكية تفتح تحقيقًا في تحطم طائرة ببنسليمان        إسرائيل: محكمة لاهاي فقدت "الشرعية"    "الدستورية" تصرح بشغور مقاعد برلمانية    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    خلوة مجلس حقوق الإنسان بالرباط، اجتماع للتفكير وتبادل الآراء بشأن وضعية المجلس ومستقبله        ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    الحزب الحاكم في البرازيل يعلن دعم المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا    وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن        مشاريع كبرى بالأقاليم الجنوبية لتأمين مياه الشرب والسقي    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    نقابة تندد بتدهور الوضع الصحي بجهة الشرق    اسبانيا تسعى للتنازل عن المجال الجوي في الصحراء لصالح المغرب        بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    سعر البيتكوين يتخطى عتبة ال 95 ألف دولار للمرة الأولى    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    المركز السينمائي المغربي يدعم إنشاء القاعات السينمائية ب12 مليون درهم    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    حادثة مأساوية تكشف أزمة النقل العمومي بإقليم العرائش    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    الأساتذة الباحثون بجامعة ابن زهر يحتجّون على مذكّرة وزارية تهدّد مُكتسباتهم المهنية        جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    بلاغ قوي للتنسيقية الوطنية لجمعيات الصحافة الرياضية بالمغرب    منح 12 مليون درهم لدعم إنشاء ثلاث قاعات سينمائية        تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    من الحمى إلى الالتهابات .. أعراض الحصبة عند الأطفال    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مراكش تحاكم مسؤوليها.. اختلالات تجر منتخبين إلى القضاء
حقوقيون يطالبون بالتحقيق مع مسؤولين في الداخلية في بعض الملفات وفتح أخرى «طالها النسيان»
نشر في المساء يوم 29 - 06 - 2012

ترافق ارتفاع درجات الحرارة، الذي تعرفه مراكش هذه الأيام مع «سخونة» الأجواء السياسية بالمدينة،
خصوصا بعدما أصبح يسمى «التسونامي» الذي أتى على جوازات سفر عدد من المستشارين والمنتخبين والمقاولين. فقد تم حجز جوازات سفر مجموعة من المنتخبين، الذين لا يزال العديد منهم يدبرون الشأن المحلي للمدينة الحمراء، وتم إغلاق الحدود في وجوههم ووضعهم تحت المراقبة القضائية. وقد اعتبر هذا القرار، الذي استقبله الحقوقيون بارتياح كبير، سابقة في التعامل مع ملفات نهب المال العام، لكنّ جل المتتبعين يتساءلون ما إذا كان التحقيق سيطال مسؤولين في وزارة الداخلية، التي تتحمل «المسؤولية» في تفويت أرض «كازينو» السعدي، وكذا في ملف ما سمي «الإقامة الملكية»...
تفويت أرض كازينو السعدي ب600 درهم للمتر فضيحة بالصوت بطلها الاستقلالي أبدوح
ارتبط اسم عبد اللطيف أبدوح، القيادي في حزب الاستقلال، بفضيحة تم تسجيلها في شريط صوتي جعل أرجل عدد من المستشارين الجماعيين الذين يتحملون مسؤولية تسيير المدينة الحمراء خلال هذه الفترة ترتجف خيفة.. بعد أن قام عبد الإله المستاري، الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف في مراكش، في إطار تفعيل مذكرة سابقة لوزير العدل، بإعطاء تعليماته للفرقة الوطنية للشرطة القضائية من أجل إحالة ملف "فضيحة" كازينو فندق السعدي على مصالح النيابة العامة لمحكمة الاستئناف بمراكش.
قضت التعليمات القضائية بالاستماع إلى حوالي 20 مستشارا جماعيا سابقا لبلدية المنارة -جليز، بمن فيهم الرئيس السابق للبلدية ذاتها، عبد اللطيف أبدوح، المستشار في الغرفة الثانية، وعضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال. القضية أضحت "حامضة" بالنسبة إلى البرلماني والقيادي الاستقلالي عبد اللطيف أبدوح وعدد من المستشارين الجماعيين، الذين تم استدعاؤهم من قِبَل يوسف الزيتوني، قاضي التحقيق في الغرفة الثالثة لمحكمة الاستنئاف وإغلاق الحدود في وجه عدد منهم وسحب جوازات سفرهم وكذا وضعهم تحت المراقبة القضائية، حيث لم يعد بإمكان أي أحد من حوالي 10 مستشارين جماعيين ومقاولين شملهم القرار مغفادرة مدينة مراكش، ولو في مهمة رسمية، أو مغادرة التراب الوطني إلا بإذن من وكيل الملك.
شكّل تاريخ 11 يونيو الجاري يومَ صدمة لعدد من المتتبعين، الذين لم يصدقوا أن يقرر قاضي التحقيق إغلاق الحدود في وجه عبد اللطيف أبدوح "الرجل القوي" في حزب الاستقلال في جهة مراكش، وهو الذي اعتُبِر الخصم اللذوذ للقيادي الاستقلالي امحمد الخليفة داخل الحزب. لم يكن محاميا أبدوح، اللذان رافقاه إلى محكمة الاستنئناف يوم الاثنين 11 يونيو للمثول أمام قاضي التحقيق، يتوقعان أن يقرر الزيتوني سحب جواز عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال وإغلاق الحدود في وجهه ومراقبته قضائيا.. وهو القرار الذي طال كلا من محمد الحر، نائب رئيسة المجلس الجماعي لمراكش، وأحد القيادات المحلية لحزب الاتحاد الدستوري، ومروان عبد العزيز، نائب رئيسة مجلس مراكش، ووكيل لائحة حزب الأصالة والمعاصرة في دائرة جليز خلال الانتخابات الجماعية الماضية، وكاتب المجلس الجماعي محمد نكيل، وعبد الرحمان العربي، الكاتب الجهوي لنقابة الاتحاد العام للشغالين، التابعة لحزب الاستقلال. كما أصدر قاضي التحقيق نفس القرار في حق المستشارَين الجماعيَّيْن السابقيْن باسم حزب الاستقلال، عبد الرحيم الهواري والحسن أماردو، في قضية تبديد أموال عمومية في ملف "كازينو السعدي".
وتعود تفاصيل القضية إلى سنة 2001، عندما أقدم المجلس السابق لجماعة المنارة -جليز بالمصادقة على تفويت كازينو فندق "السعدي" لإحدى الشركات السياحية بمبلغ مالي لم يتجاوز 600 درهم للمتر المربع الواحد، في منطقة سياحية، وفي وقت كان العقار في المدينة يعرف طفرة كبرى، ويبلغ المتر المربع في المنطقة ذاتها أزيدَ من عشرة آلاف دهم...
وقد تفجّرت هذه الفضيحة على يد المستشار الجماعي لحسن أوراغ، عندما سرب إلى الصحافة شريطا صوتيا، ينقل بعضَ تفاصيل كواليس عملية التفويت والحديث الذي دار بين أطراف "الغنيمة"، حيث يتحدث الرئيس عبد اللطيف أبدوح في الشريط، رفقة بعض نوابه وأعضاء في المجلس، عن كيفية تدبير هذا الملف بطريقة "تُرضي" الجميع و"تعود بالنفع عليهم"...
وقد تم تشييد كازينو السعدي من طرف" الشركة الشريفة للتشتية" في الحي الشتوي خلال فترة الحماية، وتم توقيع اتفاقية بين هذه الشركة ومدينة مراكش، والتي بموجبها ترخص مدينة مراكش للشركة المذكورة بتشييد الكازينو فوق عقار ينهض على 12000 متر مربع، مقابل سومة كرائية زهيدة، على أساس أن تقوم الشركة بتجهيز منطقة الحي الشتوي واسترجاع المدينة للكازينو وكل التجهيزات التي يحتوي عليها العقار في سنة 2005. غير أن مجلس بلدية المنارة، الذي كان يوجد على رأسه آنذاك الاستقلالي عبد اللطيف أبدوح، وبدعم من الوالي السابق محمد حصاد، قام بتفويت الكازينو للشركة المالكة لفندق السعدي قبل آجال انتهاء الاتفاقية بأربع سنوات.
وكان الوكيل العام للملك، قبل حوالي ست سنوات، قد استمع إلى المستشار الحسن أوراغ، الذي اتهم الرئيس أبدوح وأعضاء آخرين، كشف عنهم الشريط السمعي الذي سلم للجهات القضائية، بتلقي رشوة من أجل تفويت الكازينو، بلغت قيمتها ثلاثة ملايير سنتيم، وأنه وزّع على الأعضاء مبالغ مالية متفاوتة، تراوحت ما بين 30 و10 ملايين سنتيم. وقد أحال الوكيل العام للملك الملف على الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، والتي استمعت إلى الرئيس، بمعية حوالي 20 عضوا، سواء الذين وردت أسماؤهم في الشريط أو الذين اتهمهم المستشار المذكور بالحصول على مبالغ، كما استمعت الفرقة ذاتها إلى أعضاء من المعارضة رفضوا التصويت على عملية التفويت، قبل أن يُفتَح الملف من جديد بعد لقاء جمع بين الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب ووزير العدل، مصطفى الرميد.
يؤكد أبدوح أن قرار التفويت تم من قِبَل المجلس بشكل احترمت فيه كل الضوابط والقرارات، ويشير إلى أن وزارة الداخلية، في شخص والي مراكش السابق محمد حصاد، هي التي اقترحت عملية التفويت في حين أن من قرر الثمن هي لجنة الاستثناءات.
صورة عبد اللطيف أبدوح
ملف ال"سيتي وان".. الإدانة لن تخرج عن دائرة الجزولي والبنين
قصة هذا الملف، الذي قضت فيه محكمة الاستئناف بتغريم المجلس الجماعي لمراكش حوالي 8 ملايير سنتيم، "غريبة" وصنع فصولَها العمدة السابق لمراكش، عمر الجزولي، ونائبه، عن حزب التجمع الوطني للأحرار، عبد العزيز البنين.. بدأت فصول هذه "الفضيحة" عندما قامت شركة "سيتي وان"، في شخص ممثلها القانوني عبد العزيز البنين، نائب العمدة السابق عمر الجزولي، بشراء العقار المسمى "الجناح"، ذي الرسم العقاري عدد 34.164/م، من المالكين الأصليين، والذي تفيد شهادة الملكية المتعلقة به، والمؤرخة في 26 ماي 2003، أنه مثقل بحق ارتفاق عبارة عن طريق عرضها 10 أمتار.
وبعد حيازة الشركة المذكورة للعقار، عمدت إلى استخراج شهادة ملكية جديدة بتاريخ 11 غشت 2003، لا تتضمن أي حق ارتفاق، وخاصة الطريق المشار إليها ضمن شهادة الملكية، المؤرخة في 26 ماي 2003، وهو المعطى الذي ستستغله الشركة، عندما قررت لجنة الاستثناءات في ولاية مراكش منح شركة "سيتي وان" حق إضافة طابقين اثنين، مع امتيازات أخرى، مقابل تنازلها عن جزء من العقار لإحداث طريق عمومية، إضافة إلى أن الشركة ستعمد إلى تجزيء عقار مُجزَّأ أصلا واستخراج رسم عقاري جديد يحمل رقم 116997 /04 ضدا على قانون التعمير، وأنشأت عليه ثلاثة مشاريع عقارية مهمة، قبل أن تتابع الشركة المذكورة المجلس الجماعي أمام القضاء الإداري، بدعوى اعتداء المجلس الجماعي على عقارها بتاريخ 13 دجنبر 2005، دون سلوك الإجراءات القانونية المتعلقة بنزع الملكية. وسيصدر حكم في الموضوع في حق المجلس الجماعي لمراكش، يقضي بأدائه لفائدة شركة "سيتي وان" مبلغ 8 ملايير سنتيم. اعتبر عمر الجزولي أن البنين قد "خان الأمانة" عندما اقتنت شركته "سيتي وان" عقارا بمحاذاة شارع محمد السادس وتقدمت بطلب إلى لجنة الاستثنائات، برئاسة الوالي محمد حصاد، وتمكنت من الحصول على الموافقة ببناء عمارات من خمسة طوابق، في الوقت الذي لم يكن مسموحا في هذه المنطقة بتجاوز ثلاثة طوابق، ومقابل هذا الامتياز تنازلت الشركة المذكورة عن جزء من عقارها للمجلس الجماعي، والذي شق فيه طريقا عموميا.

ففي إطار برمجة الفائض التقديري برسم 2005، قام المجلس، في شهر أكتوبر 2005، بإنجاز الطريق التي شُقّت على وعاء الرسم العقاري 34164 موضوع النزاع، بمقتضى صفقتين عموميتين الأولى رقم 117/05C.C ، وتتعلق بإنجاز الطريق العمومية مع بنيتها التحتية، البالغ مجموع مساحتها 4465 مترا، والثانية رقم 85/2004، وتتعلق بالإنارة العمومية.
وفور انتهاء الأشغال، بتاريخ 12 دجنبر 2005، حُرِّر محضرُ معاينة من طرف المهندس رئيس القسم التقني في المجموعة الحضرية، انتهى فيه إلى مطابقة الأشغال المُنجَزة مع شروط الصفقة في 117/05/C.C فور ذلك، وبعد يوم عن محضر معاينة نهاية الأشغال، قامت الشركة، في 13 دجنبر 2005، يرفع دعوى لأجل الاعتداء المادي على جزء من عقارها.
تثبت الوثائق المُستخرَجة من المحافظة العقارية لمراكش المنارة أن موضوع الصك العقاري عدد 2 /34164 محمل بارتفاق مرور في طريق عمومية بعرض عشرة أمتار تمتد إلى شارع محمد سادس. وحسب شهادة مشتركة ابتداء من 17 -11 -2006، تاريخ انتقالها إلى اتحاد الملاكين المشتركين وبناء عليه، لا يوجد في الرسم العقاري المذكور، حتى ذلك التاريخ، أي تقيد لحق عيني أو تحمل عقاري. وتشير إرسالية جوابية بشأن طلب الاتفاق المبدئي المتعلق ببناء مجمع سكني والمطعمة والترفيه لحساب شركة "سيتي وان" تقدم بها مهندس معماري مؤرخة في 18 -02- 2004، يُعْلم فيه مدير الوكالة الحضرية، في إرسال رقمAU/ 2004/3495/DGU/AA/AF/M/ بتاريخ 03- 10 -2004، عن حصول الموافقة المبدئية تبعا لالتزام المنعش بأن يتخلى مجانا لفائدة الجماعة على جزء من البقعة الأرضية المخصص لشبكة الطرق، إضافة إلى مراسلة صادرة عن الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية، يشير في آخرها إلى تسجيل نظام الملكية المُشترَكة على مجموع الملك، البالغة مساحته 74 آرا و5 سنتيارات.
ارتكب الجزولي خطأ فادحا عندما لم يقم بإجراءات نزع الملكية، طالما أن الشركة سلّمته وثيقة تعلن فيها تنازلها على جزء من عقارها لفائدة المجلس، لكنّ رد العمدة السابق على هذا الأمر يجمله في قوله: "كنت أثق في عبد العزيز البنين، لأنه أحد نوابي، ولم أكن أتصور أنه يمكنه أن يستغل هذا الخطأ البسيط غير المقصود". في حين يعتبر البنين أن المجلس الجماعي اعتدى على ممتلكاته ويجب أن تتخذ الإجراءات القانونية في ذلك.
واعتبرت الشكاية، التي تقدمت بها الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب -فرع مراكش، أن البنين ممثل الشركة، بموجب قرار التفويض عدد 0471، قام بحماية مصالح شركته ضدا على مصالح الجماعة، بعد أن قام برفع دعوى الاعتداء المادي في مواجهة المجلس الجماعي، مقابل تغاضيه عن اتخاذ كافة التدابير والإجراءات التحفظية المتعلقة بحقوق الجماعة، كما هي منصوص عليها ضمن المادة ال47 من الميثاق الجماعي وحصوله بذلك على منفعة من خلال حصول شركته على قرار لصالحها وإنجاز الطريق لفائدة المشروع، إضافة إلى ربط الممثل القانوني لشركة "سيتي وان"، عبد العزيز البنين، للمصالح الخاصة بشركته مع الجماعة، خلافا لمقتضيات المادتين ال21 وال22 من الميثاق الجماعي وقيامه بإبرام صفقة تحت عدد 117 /2005 بتاريخ 20 -12 -2005 بقيمة تقدر ب230 مليون سنتيم، خدمة لمشروع شركة "سيتي وان".
صورة عبد العزيز البنين وعمر الجزولي
تبادل الاتهامات بين العمدة السابق الجزولي وفاطمة الزهراء المنصوري
التحقيق في تدبير صفقة «الصابو».. المراكشيون يتنفسون الصعداء
يعد ملف «الصابو» أحدَ أبرز الملفات التي ما زالت تقف كغصة في حلق المراكشيين، الذين تنفسوا الصعداء نسبيا عندما وضع فرع الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب شكاية لدى الوكيل العام للملك لدى محكمة الإستئناف، تتعلق بتدبير مرفق وقوف السيارات والدراجات في مدينة مراكش وما يعشيه من سوء تدبير ونصب واستغلال للنفوذ وتبديد للمال العام، موضحة أن المواطنين يتعرضون للابتزاز والنصب من طرف مجموعة من الأشخاص والشركات، الذين يدّعون أنهم يستغلون مراكن السيارات في المدينة بشكل قانوني بناء على رخص استغلال يتوفرون عليها.
وأفادت الشكاية أن الجماعة الحضرية، في عهد العمدة السابق عمر الجزولي، أبرمت مع صندوق الإيداع والتدبير بروتكول اتفاق بشأن المساهمة في شركة التجهيز والتنمية لمدينة مراكش بتاريخ 26 فبراير2009، وبمقتضى ذلك تم تأسيس شركة مساهمة تسمى «شركة التجهيز والتنمية ل«مراكش» (AVILMAR) تملك فيها الجماعة الحضرية 51 في المائة وصندوق الإيداع والتدبير للتنمية 49 في المائة، وتكون مهمة الشركة القيام بمعالجة المشاكل المطروحة في ما يخص وقوف السيارات والدراجات في مراكش.
وأكدت الشكاية أنه فور دخول الاتفاق حيّزَ التنفيذ، سيعمد صندوق الايداع والتدبير للتنمية إلى خرق المادة السادسة من بروتكول الاتفاق، والتي تقضي بعدم قابلية التفويت، وأن أسهم الطرفين غير قابلة للتفويت لأي شخص خلال مدة لا يمكن أن تقل على 5 سنوات بداية من تاريخ تقييد الشركة. وقد تم تجسيد الخرق لمّا عمد الصندوق المذكور إلى تفويت أسهمه للشركة العامة للمراكن، في شخص مديرها العام يوسف الفاسي الفهري.
في خضمّ هذا اللبس، راسلت الرئيسة الحالية للمجلس الجماعي لمراكش المديرَ العامّ لصندوق الإيداع والتدبير حول هذا التفويت غير القانوني، فكان جوابه أن الشركة العامة للمراكن هي شركة تابعة، بشكل مطلق، لصندوق الايداع والتدبير وأن مجلس إدارة شركة التجهيز والتنمية لمدينة مراكش (AVILMAR) قد وافق، في اجتماعه بتاريخ 26 أبريل 2010 بالإجماع على هذا التفويت.
وأبرزت الشكاية أنه بالاطّلاع على بروتكول الاتفاق، يتضح أن عملية التفويت قد تكون شابتها عملية التدليس واحتيال والتفاف على الاتفاق نفسه، إضافة إلى الغموض واللبس الذي استشفته الهيئة من بعض المراسلات والتقارير المتبادَلة بين المجلس الجماعي لمراكش والمدير العام لشركة «أفيلمار» وشكايات بعض المواطنين حول تعرضهم للابتزاز والتدليس واستغلال أملاك الجماعة وتزوير مراسلات أعوان الشرطة الإدارية والتهديد بالعنف والحصول على مبالغ مالية عن كل شهر من الحراس الليليين تصل إلى 5 آلاف درهم من طرف شركة «أفيلمار» وأشخاص تابعين لها.
والتمست الهيئة المذكورة من الوكيل العام للملك، في الشكاية نفسها، الاستماع إلى كافة الأطراف، أشخاصا طبيعيين كانوا أو معنويين، خصوصا العمدة السابق عمر الجزلي والعمدة الحالية فاطمة الزرهراء المنصوري والمدير العام لصندوق الايداع والتدبير للتنمية والمدير العام لشركة العامة للمراكن السيارات يوسف الفاسي الفهري والمدير العام لشركة التنمية المحلية «أفيلمار» ولكل من له علاقة مباشرة أو غير مباشرة بوقائع وموضوع هذه الشكاية.
وقد أشعلت شركة «الصابو» حربا كلامية بين فاطمة الزهراء المنصوري، رئيسة المجلس الجماعي لمراكش، والعمدة السابق عمر الجزولي، إذ قالت المنصوري في تصريح ل«المساء» إنها تريد أن يتم الاستماع إليها من قبل الفرقة الوطنية للشرطة القضائية للإدلاء بإفاداتها حول تدبير عدد من الملفات التي تدخل في نطاق نهب المال أو ملف شركة «الصابو»، التي حمّلها عمر الجزولي، العمدة السابق، مسؤولية «تعميمها على مدينة مراكش».
وبخصوص ما اعتبره العمدة السابق قاسما مُشترَكاً بينه وبين رئيسة المجلس الجماعي لمراكش، والمتمثل في المطالبة بالاستماع إليهما في تدبير ملف شركة «أفيلمار»، المفوض لها تدبير مرفق مراكن السيارات في المدينة الحمراء، قالت المنصوري إن «هذا الكلام تدخّلٌ في اختصاصات الفرقة الوطنية للشرطة القضائية»، متسائلة: «هل فوّضت الفرقة الوطنية للجزولي الحديث باسمها أم إن الاستدعاء يأتي عن طريق العمدة السابق؟»..
وبخصوص الانتقادات التي وجّهها لها الجزولي بخصوص تدبير ملف «الصابو» في المدينة الحمراء، والتي اعتبر فيها أن فكرة شركة تدبير مراكش السيارات «انبثقت» عنه، لكنّ الفكرة كانت لا تتجاوز محيط ساحة جامع الفنا، قبل أن تقوم عمدة مراكش بتعميمها، وجّهت المنصوري رسالة «مُشفَّرة» عندما قالت إن الاستمرار في تدبير مرفق السيارات في مراكش من خلال شركة «أفيلمار»، التي اعتبرتها شركة «مواطنة» تجمع مؤسستين عموميتين، «هو لأن الجميع كانوا يعرفون كيف كانت تمر السمسرة ولا يراعون معاناة الموطنين، الذين كانت ملفاتهم تدبَّر بشكل عشوائي»، مؤكدة أن تعميم شركة «الصابو»، كما جاء في كلام الجزولي، «غير صحيح ويفتقر إلى الدقة والمعرفة».


الحر.. صرف الملايير في 10 أيام وثروته موضع مساءلة
همّ التحقيق الذي طالبت به الهيئة الوطنية لحماية المال العام مع محمد الحر، النائب الثالث لرئيسة المجلس الجماعي لمراكش ثروته التي راكمها في مدة "وجيزة"، حسب قول محمد الغلوسي، رئيس فرع الهيئة ل"المساء". وأكدت الشكاية التي تقدّم بها عدد من المحامين أن محمد الحر "كان مجرد رصّاص (بلومبي) قبل أن يدخل عالم الانتخابات، وأنه لم يكن يملك سوى منزل في حي أكيوض ودراجة نارية من نوع "بوجو ستي"، وصندوقا يضم الأدوات اللازمة لمهنة الرصّاص".. مضيفة أن المسؤول في المجلس الجماعي تقلّد مهام عمومية كمستشار جماعي في مقاطعة جليز، وهو يراكم الثروة بشكل ملفت للنظر، مع العلم، حسب الشكايات التي توصلت بها الهيئة من عشرات الجمعيات وفعاليات المجتمع المدني في منطقة "أكيوض -الكدية"، أن الحر لم يكن يزاول عملا "مهما يدرّ عليه أموالا ولم يرث أي شيء من تركة والديه، كما أنه لم يكن له انتماء حزبي قار، واستطاع، بدهائه، التنقل بين عدة أحزاب: الاستقلال، الاتحاد الدستوري، جبهة القوى الديمقراطية والأصالة والمعاصرة في زمن قياسي". وطالب الحقوقيون الوكيل العامّ للملك بإعطاء أوامره للفرقة الوطنية للشرطة القضائية للتحقيق مع نائب العمدة المفوض له قطاع النظافة في ممتلكاته، التي جرَدتها في سبعة منازل وأربعة مستودعات (كراج) ومخدعين هاتفيين ومحل لبيع مستلزمات الدراجات النارية وأملاك منها ما التي ما تزال في اسمه ومنها ما أضحى في اسم أشقائه وأبنائه.
وطالبت الهيئة الوكيلَ العامّ للملك لدى محكمة الاستئناف في مراكش ب"إصدار تعليماتكم إلى الضابطة القضائية المختصة قصد إجراء بحث حول ما تم تداوله من صرف محمد الحر، النائب الثالث لرئيسة المجلس لمبلغ 15 مليار سنتيم من ميزانية المجلس الجماعي لمدينة مراكش في إطار التفويض الممنوح له من طرف عمدة مراكش". وقد ركزت الهيئة في شكايتها على صرف الملايير من قبل محمد الحر في ظرف 10 أيام، حيث استدعى، بتاريخ 25 -07 -2011 المهندس روحاني، الذي قطع إجازته، ليوقِّع بدل المهندس المسؤول مصطفى إزيكي، والذي امتنع عن التوقيع لأسباب مجهولة، مع العلم أنه هو المُكلَّف بمقتضى مذكرة إدارية صادرة عن المجلس الجماعي باعتباره مهندسَ تطبيق ممتاز للنيابة عن مهندس دولة عبد الله روحي، من 18 -07 -2011 إلى غاية 05 -08 -2011، كما أنه وقع على ملفات في مجال التعمير امتنع مهندس معماري عن توقيعها لأسباب تظل كذلك غير معلومة، رغم أن التوقيع على هذه الملفات لا يكتسي طابع الاستعجال.
وأوضحت الرسالة أن الحرّ قام، بمبادرة فردية، بمراجعة الأثمنة مع شركة النظافة المسماة "بيتزورنو"، حيث رفعها من مبلغ 348 درهماً للطن الواحد إلى 358.51 درهما للطن، أي بزيادة %3.5، وهو ما سيجعل الشركة الثانية المكلفة بالنظافة في منطقة المنارة المسماة "تيكميد" ستتشبث بدورها بالزيادة المذكورة. وأشارت الرسالة إلى النائب الثالث محمد الحر قد وقع الملف المتعلق بمشروع تجزئة "بولغرايب"، الكائن قرب مطار "المنارة" -مراكش، رغم أن محضر لجنة الاستثناءات قد تضمن شرطا يقضي بقبول صاحب المشروع منح هبة لفائدة المجلس الجماعي لمراكش تقدر ب200 مليون سنتيم، وهو ما يحتّم قانونا على محمد الحر، قبل توقيع الملف المذكور عرض الأمر على المجلس الجماعي لإبداء رأيه في الموضوع بالقبول أو الرفض، وهو الشيء الذي لم يتم.
وقد فجّرت "فاتورة" تفيد أن مطبعة في مراكش قد طبعت جريدة "الشمس" المحلية، التي كان يديرها محمد الحر، من مالية المجلس الجماعي السابق، فضيحة من العيار الثقيل. إذ تضمنت هذه الوصولات، توقيع المكلف بقسم الشؤون الاقتصادية والاجتماعية، زين الدين الزرهوني، وتحمل اسم "تقويم"، ومؤرخة في 18 -01 -2006، وقد تسلمت المطبعة طبقا للفاتورة مبلغ 10 آلاف درهم، غير مُؤرَّخة، وتحمل بيانات مختلفة عن بيانات الفاتورة الأولى، وفي الأسفل وتحمل توقيع كل من صاحبة المطبعة، وزين الدين الزرهوني، وتوجد فاتورة أخرى تحت اسم "تقويم" لأجل المجلس الجماعي لمدينة مراكش، مُوقَّعة فقط من طرف صاحبة المطبعة، وتتضمن مبلغ يُقدَّر بأزيد من 34 ألف درهم.
وفي تعليقه على ما ورد في الرسالة من معطيات خطيرة، قال محمد الحر، النائب الثالث لعمدة مراكش إنه هو من طلب دخول الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف في مراكش، على الخط عندما طلب منه التحقيق في الموضوع وفي ممتلكاته الخاصة، مشيرا إلى أن "المحلات القليلة التي أمتلكها"، هي نتيجة "عملي كمقاول منذ أزيد من 25 سنة". واتهم الحر، في اتصال مع "المساء"، جمعيات ومنافسين انتخابيين ب"الوقوف وراء محاربتي بطريقة ملتوية وغير شريفة"، مؤكدا استعداده للمحاسبة. ووجّه نائب العمدة رسالة ل"من يهمّهم" الأمر"، الذين قال عنهم إنهم اغتنوا بطريقة غير شرعية ويسبحون في الأمّية، حيث أكد أن بعض المنتخَبين يمتلكون عقارات وأموالا يجب الوقوف على مصدرها، خاتما كلامه بالقول "أنا نائب لعمدة مراكش لمرتين، ومع ذلك لم أغتنِ مثل بعض المُنتخَبين".
وحول الفاتورات، التي تشير إلى طبع جريدة "الشمس"، التي كان يديرها الحر، من ميزانية المجلس الجماعي، قال الأخير "إنني مستعد أن أدفع هذه المبالغ المالية من مالي الخاص في حالة إذا ما ثبت ذلك".
صورة محمد الحر



تبادل الاتهام بين ممثلي البلدية ووزارة الداخلية والحقيقة بين أيدي القضاء بناء عمارات قرب الإقامة الملكية وتزوير وثائق وزارة الداخلية "أبطالها" أحرار
يعتبر المراكشيون أن أخطر فضيحة عقارية هزّت المدينة الحمراء، دون أن يروا تجاهها أي رد فعل للجهات القضائية يوازي حجم وحساسية الملف هي تلك التي تسبب فيها البرلماني السابق عبد الله رفوش، المفوض له قطاع التعمير خلال ولاية رئاسة عمر الجزولي (الاتحاد الدستوري) للمجلس الجماعي لمراكش. ملف خطير وفضيحة بما للكلمة من معنى، تلك التي قام بها عبد الله رفوش، المعروف ب"ولد العروسية"، رئيس بلدية "النخيل" سابقا، عندما قام بالترخيص لبناء مشروع سكني يتكون من أربع عمارات بالقرب من الإقامة الملكية "الجنان الكبير" (طريق قلعة السراغنة) داخل المدار الحضري لمراكش، وتحديداً في تراب بلدية "النخيل" سابقاً، قبل وحدة المدينة.
في سنة 1999، صادق المجلس على مقرر يقضي بتحويل المنطقة قرب "الجنان الكبير"، إلى منطقة خاصة ب"الفيلات"، وقبل عرض المقرر على وزارة الداخلية للمصادقة، أضيفت عبارة "أو عمارات"، بعدما كانت تتضمن عبارة "فيلات" لوحدها، وهو ما يعني تزوير محضر المقرر، وصادقت الداخلية على المقرر المزور-بعلم أو بدون علم- سنة 2000، وفي سنة 2001، وقّع عبد الله رفوش، رئيس بلدية "النخيل" (وكان رئيسا لها منذ نشأتها سنة 1992 إلى سنة 2007) على ترخيص لشركة المقاول الأطلسي لبناء مجموعة من العمارات السكنية، مكونة من خمسة طوابق، وبعد أن تم الانتهاء من البناء، وفي إحدى الزيارات الملكية لمراكش، استغرب الملك وجود البنايات التي تطل على الإقامة الملكية.. وبسرعة البرق، تم استدعاء منير الشرايبي، مستشار الملك، لمعرفة من قام بإحداث هذه البناية الشاهقة. تكلف مستشار الملك بالملف وقام، هو الآخر، باستدعاء الوالي محمد حصاد، الذي طلب من عامل عمالة سيدي يوسف بن علي آنذاك، محمد الداودي، الحضور إلى مكتبه على وجه السرعة، رفقة مدير الوكالة الحضرية ومسؤولين آخرين، لمواجهته بهذه "التجاوزات". وبعد التداول، صدر قرار بهدم الأربع عمارات المحاذية للإقامة الملكية..
وتقدم المحامي محمد الناصري، وزير العدل السابق، بشكاية باسم الملك محمد السادس سنة 2005 بخصوص ملف الإقامة الملكية "الجنان الكبير"، مباشرة بعد انتهاء لجنة من وزارة الداخلية، برئاسة المفتش العام، من تحقيقها في هذا الملف طيلة شهر شتنبر من نفس السنة. وقد تم تسجيل شكاية ضد مجهولين، تفيد أن العمارات التي أنشئت بجوار الإقامة الملكية لم تراع حرمة الاقامة ولم يتمَّ الترخيص لها من الديوان الملكي، كما ينص على ذلك قانون التعمير قبل ترخيص الجهات المعنية بشؤون التعمير على مستوى البلدية، الوكالة الحضرية أو السلطات المحلية. وتضيف الشكاية أن المعلومات الأولية تُبيِّن أنه تم تزوير إحدى فقرات تصميم التهيئة لبلدية النخيل في مراكش حتى يتسنى للمزورين الترخيص ببناء عمارات سكنية بدل فيلات، كما ينص على ذلك تصميم التهيئة، الذي صادق عليه المجلس البلدي لجماعة النخيل سنة 1999، وأن العملية تمت بين منتخَبين ومهندسين من المدينة ومسؤولين مركزيين في وزارة الداخلية، خاصة قسم التعمير فيها، ومن المرجح أن تكون العملية قد تمت بعد تقديم رشاوى، ولكل ذلك -تقول الشكاية- نطالب بفتح تحقيق في الموضوع وبتقديم المتورطين للعدالة.
مرت حوالي ستة أشهر على الحادث، وما زال الشارع المراكشي يجهل الإجراءات التي اتُّخِذت في حق من وقفوا وراء هذه السابقة الخطيرة، التي مسّت الإقامة الملكية.. أحيل الملف على الوكيل العام، الذي أحاله، بدوره، على الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، لتستمع إلى عبد الله رفوش، "ولد العروسية" وكذا إلى رشيد الدرويش، المهندس البلدي في قسم التعمير في البلدية ذاتها (قدّم استقالته في ما بعد وأصبح رئيساً لجماعة "الويدان" للمرة الثانية ونائبا برلمانيا) ومدير الوكالة الحضرية ومسؤولين آخرين.
وقد استعمت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية إلى عدد من المستشارين الجماعيين الذين حضروا جلسة التصويت على تصميم التهيئة لجماعة النخيل، والتي تقع في ترابها العمارات السكنية المجاورة للإقامة الملكية "الجنان الكبير"، قبل أن تحيل الفرقة المذكورة الملفَّ على الوكيل العام. كما استدعت مستشارين جماعيين لبلدية النخيل سابقا، والذين فاق عددهم أربعين مستشاراً، وجّهت لهم الفرقة المذكورة أسئلة حول ما إذا كانوا قد تعرّضوا لضغوطات من عبد الله ولد لعروسية، رئيس المجلس، أو من طرف السلطات المحلية من أجل التصويت، كما سئل المستشارون الجماعيون حول ما إذا كان تصميم التهيئة الذي صوتوا عليه يذكُر بالحرف جواز بناء "فيلات" فقط أم "فيلات" وعمارات، غير أن بعضهم أكدوا أن الأمر يتعلق بفيلات فقط، بينما أكد آخرون أن الأمر يتعلق بفيلات وعمارات.
قامت وزارة الداخلية، كرد رد فعل منها تجاه هذا الملف، بإعفاء محمد الداودي، عامل عمالة سيدي يوسف بنعلي، بينما ما يزال القضاء لم يتّخذ أي قرار في حق كل من ثبت تورطهم في هذا الملف إلى حدود الآن، والسبب في ذلك أن وثائق القضية كثيرة تتعدى 400 وثيقة.. وهكذا ضاعت الحقيقة بخصوص هذا الملف بين الاتهامات التي تبادلها المسؤولين عن بلدية مراكش وممثلي وزارة الداخلية.
صورة ولد العروسية والوالي حصاد




الغلوسي: ننتظر التحقيق مع مسؤولين سامين في وزارة الداخلية
-ماهي قراءتك للتحقيق الذي فتح مع عدد من المنتخبين؟ وما هي الملاحظات التي سجلتها بخصوص هذه الخطوة ؟
-نسجل، بداية، إيجابية متابعة مجموعة من الأشخاص، ضمنهم منتخبون ومقاولون، من طرف الوكيل العام للملك وإحالة الملف على قاضي التحقيق لدى نفس المحكمة -الغرفة الثالثة من أجل تعميق البحث والتحقيق مع المتهمين حول مجموعة من الاتهامات الموجهة لهم، والتي تتعلق بتبديد أموال عمومية والرشوة واستغلال النفوذ وتزوير محررات رسمية... إلخ. ونحن، في الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب -فرع مراكش، سنتابع هذا الملف، كما سنتابع الملفات الأخرى التي ما زالت قيدَ البحث التمهيدي، ونتمنى أن تشكّل هذه المتابعة القضائية/ الأولى من نوعها في مدينة مراكش، مقدمة لتفعيل مبدأ المحاسبة والمساءلة والقطع مع الإفلات من العقاب، وإنْ كنا نسجل أن بعض الأطراف لم يتم الاستماع إليها في موضوع القضية، وأقصد هنا الوكالة الحضرية وبعض رجال السلطة، وخاصة العمال والولاة الذين تقلدوا المسؤولية خلال الفترة التي تفجّرت فيها هذه القضايا، وكذلك مدير مديرية الجماعات المحلية في وزارة الداخلية وقسم التعمير في ولاية مراكش.
-هل يعني هذا أنك تحمل وزارة الداخلية مسؤولية ما وقع؟
-بالتأكيد، فسلطة الوصاية تتحمل مسؤولية كبيرة في هذا الموضوع، إذ إن حجم القضية وطبيعة الأشخاص المُتابَعين تفيد أن وزارة الداخلية لم تقم بواجبها وفقا للقانون، إذ هي التي صادقت على مجموعة من المقررات، ولم تستعمل سلطتها القانونية في إيقاف نزيف هدر وتبديد المال العام والاغتناء غير المشروع لبعض المُنتخَبين في ظرف قياسي، رغم توفرها على تقارير تفيد ذلك.
فوزارة الداخلية، التي تعرف أنها تتوفر على "عيون" مراقبة في كل مكان وترصد الصغيرة والكبيرة، خاصة في بعض القضايا ذات الصلة بالحريات العامة، لم تستعمل هذه "العيون" في مراقبة مُنتخَبين احترفوا السياسة وتولّوا مهمة تسيير الشأن العام المحلي، واغتنوا بسرعة مذهلة، وفوّتوا فرصا حقيقية للتنمية على المدينة، إذ لولا وجود مثل هؤلاء في مناصب المسؤوليات العمومية لأصبحت مدينة مراكش مثل مدينة اسطنبول التركية أو أي مدينة أخرى في أوربا!...
-نجد بعض من يصنفون ضمن خانة ناهبي المال العام يتحملون مسؤوليات عدة في مؤسسات وتنظيمات حزبية.. ألا ترى أن الأحزاب مسؤولة، بدورها، عن إنتاج أدوات الفساد؟
-لقد ساهم الإفلات من العقاب في الجرائم الاقتصادية والمالية في خلق شعور لدى المواطنين بوجود فئتين في المجتمع: فئة لا تخضع للقانون وللمساءلة و فئة أخرى تُطبَّق عليها القوانين بصرامة وتهدر السجون كرامتها الآدمية، وهو الشيء الذي أضرّ كثيرا بسمعة بلادنا وبتصنيفها الدولي على مستوى مؤشرات التنمية..
إن بعض الأحزاب السياسية في بلادنا تتحمل مسؤولية ما وقع وما يقع حاليا، من فساد وإفساد للحياة السياسية. ويستعمل أغلب المفسدين أحزابهم للوصول إلى مواقع القرار، وللأسف الشديد، فهذه الأحزاب لا تقوم بأي شيء تجاه هؤلاء، بل والأدهى من ذلك أنها تدفعهم إلى تحمل مسؤولية قيادية، سواء على المستوى الحزبي أو على مستوى بعض المنظمات الجماهيرية.. إن على هذه الأحزاب أن تقوم ب"انتفاضة" داخلية ضد الفساد، قبل أن ترفع ذلك في مواجهة الدولة.
-بعد مرور أزيد من سبعة أشهر من تقديمكم أزيد من 10 شكايات تتعلق بالفساد ونهب المال العام واستغلال النفوذ، ما تقييمكم لعمل الجهات القضائية والأمنية مع هذه الملفات؟
-إننا، بقدْر ما نسجل ارتياحنا بخصوص قرار الوكيل العام للملك بإحالة كل الشكايات التي تقدمنا بها إلى الفرقة الوطنية للشرطة القضائية لإجراء كل الأبحاث والتحريات المفيدة بخصوصها، فإنه في الوقت ذاته لا يمكننا أن نخفيَّ شعورنا بالقلق من البطء الذي يعتري البحث التمهيدي في هذه القضايا، مع العلم أن هناك ملفات فُتح فيها البحث منذ مدة طويلة وما زالت نتائجه لم تظهر بعد.. ويساورنا إحساس عميق بأن القضاء يتعرض لاختناق غير مفهوم كلما تعلق الأمر بقضايا الفساد ونهب المال العامّ.. وهناك جهات تعادي أي إصلاح أو تقدم وتضغط، بقوة، على فرامل العدالة لكي لا تنفلت الأمور من يدها..
-هل لديكم ملفات أخرى ستقدمونها للقضاء؟
بطبيعة الحال، هناك ملفات أخرى لها صلة بالفساد ونهب المال العامّ في مختلف المرافق العمومية، سنتقدم بخصوصها بشكايات إلى الجهات القضائية، فكما تعلم فإن تحليلا معمقا للتدبير العمومي، على الأقل في العقد الأخير، سيوضح العديدَ من الحقائق وسيكشف عن الأساليب المُتّبَعة في تسيير الشأن العام المحلي، حيث غياب قواعد الحكامة والشفافية في معظم الصفقات التي تكون فيها الجماعة الحضرية لمراكش طرفاً، وانتشار اقتصاد الريع وسيادة أسلوب الابتزاز والرشوة في التعامل مع المواطنين والمستثمرين، خاصة عندما يتعلق الأمر بمنح بعض الرخص (رخص البناء، السكن وغيرها) إضافة إلى تبديد الرصيد العقاري العمومي. وكما تعلم، فإن "لوبيَّ الفساد"، الذي هيمن على التدبير العمومي، همّش كل ما هو ثقافي في المدينة، إذ إن المشاريع المتعلقة بإنجاز المرافق الثقافية في مراكش لا تتجاوز 0.25% من مجموع ميزانية المجلس الجماعي.
ما طبيعة هذه الملفات؟
-يمكن القول، إذن، إن الفساد شكّل أسلوبا ومنهجا في التدبير العمومي في المدينة، وهو الشيء الذي أدى إلى حرمان ساكنة مراكش من الإمكانات الحقيقية لتحقيق تنمية مستدامة وتوفير العيش الكريم لكافة مواطنيها، وفي مقابل ذلك، فإن أسلوب الفساد المتّبَع مكّن بعض الأشخاص البسطاء ذوي الدخل المحدود من مراكمة الثروة بأساليب غير مشروعة، وفي ظروف قياسية، وتحولت "قصصهم" إلى حكايات تروى في مختلف الفضاءات والأماكن.
-ماهي الخطوات التي أنتم مقبلون عليها؟
-نحن مستمرون في نضالنا ضد الفساد ونهب المال العامّ، انسجاما مع مبادئنا وقناعتنا. وسنعمل، مع مختلف القوى الحية في المدينة ومع كل الغيورين على مصالحها من أجل المطالبة بوضع حد للإفلات من العقاب في الجرائم المالية والاقتصادية، والمطالبة باسترجاع الأموال المنهوبة، لتوظيفها في تنمية المدينة.. وما يجب التذكير به في هذا المقام هو أن النضال ضد الفساد يهمّ جميع الشرفاء، وليس قضية حزبية أو فئوية.
محمد الغلوسي: رئيس الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب -فرع مراكش


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.