تواصلت المعارك في السودان الجمعة رغم الهدنة التي تعهد القائدان العسكريان المتصارعان على السلطة الالتزام بها، ورغم التهديدات الأميركية بفرض عقوبات. ولليوم ال21 على التوالي، استيقظ سكان الخرطوم البالغ عددهم خمسة ملايين نسمة على وقع الضربات الجوية ونيران المدافع الرشاشة. وأكد الرئيس الأميركي جو بايدن أن "المأساة… يجب أن تنتهي"، ملو حا بفرض عقوبات على "الأفراد الذين يهد دون السلام"، لكن من دون أن يسمي أحدا . وكانت هذه الدولة التي يبلغ عدد سك انها 45 مليون نسمة، خرجت في العام 2020 من عقدين من العقوبات الأميركية التي فرضت على الدكتاتورية العسكرية الإسلامية للجنرال عمر البشير الذي أطاح به الجيش تحت ضغط الشارع في العام 2019. وفي 2021 أطاح البرهان ودقلو معا شركاءهما المدنيين بعدما تقاسما السلطة معهم منذ سقوط البشير. لكن سرعان ما ظهرت خلافات بين الجنرالين وتصاعدت حدتها، ومن أبرز أسبابها شروط دمج قوات الدعم السريع في الجيش. ومنذ ذلك الحين، لا يبدو أن شيئا قادر على التوفيق بين الرجلين اللذين يتبادلان الاتهامات بشأن انتهاك الهدنات المتتالية. وأعلن رئيس جنوب السودان سلفا كير الثلاثاء أن طرفي النزاع وافقا "مبدئيا"، خلال اتصال معه، على هدنة تستمر من 4 ولغاية 11 الجاري. لكن رئيسة الاستخبارات الأميركية أفريل هاينز تتوقع معارك "طويلة الأمد" لأن "الطرفين يعتقدان أن بإمكان كل منهما الانتضار عسكريا وليست لديهما دوافع تذكر للجلوس إلى طاولة المفاوضات". من جهته، قال خالد عمر يوسف وهو وزير مدني أقيل خلال الانقلاب إنه "في كل دقيقة تستمر فيها (الحرب) يموت أناس ويتشرد بشر ويتمزق مجتمع وتضعف الدولة". وأسفر القتال عن إصابة أكثر من خمسة آلاف شخص بجروح وتشريد ما لا يقل عن 335 ألف شخص وإجبار 115 ألفا آخرين على النزوح، وفقا للأمم المتحدة التي تطلب 402 مليون يورو لمساعدة السودان الذي يعد واحدة من أفقر دول العالم. وأوضحت الأممالمتحدة أن "أكثر من 50 ألف شخص عبروا في الثالث من ماي" إلى مصر، مضيفة أن "أكثر من 11 ألف شخص" عبروا إلى إثيوبيا و"30 ألف شخص إلى تشاد". من جهته، أكد الأمين العام للأمم المت حدة أنطونيو غوتيريش أنه "من الضروري للغاية" ألا تتخطى الأزمة السودانية الحدود. وفي دارفور غربا على الحدود مع تشاد، تم تسليح مدنيين للمشاركة في الاشتباكات بين الجنود وقوات الدعم السريع ومقاتلين قبليين ومتمر دين، وفقا للأمم المتحدة. وفي هذا الإقليم الذي شهد حربا دامية بدأت العام 2003 بين نظام البشير ومتمردين ينتمون إلى أقليات إتنية، لفت المجلس النروجي للاجئين إلى سقوط "191 قتيلا على الأقل واحتراق عشرات المنازل ونزوح الآلاف" فضلا عن تعر ض مكاتبه للنهب. وأفاد شهود عيان الخميس عن اشتباكات في الأبيض التي تقع على بعد 300 كيلومتر جنوب العاصمة. ووصل 30 طنا إضافية من المساعدات الجمعة إلى مدينة بورتسودان الساحلية التي ظلت نسبيا في منأى عن أعمال العنف. وتسعى الأممالمتحدة ومنظمات غير حكومية أخرى إلى التفاوض بشأن تسليم هذه الشحنات إلى الخرطوم ودارفور، حيث تعرضت المستشفيات والمخزونات الإنسانية للنهب والقصف. وفي وقت تتكثف فيه الاتصالات الدبلوماسية في إفريقيا والشرق الأوسط، قال الجيش إنه اختار الاقتراح الذي تقد متبه الهيئة الحكومية للتنمية في شرق إفريقيا (ايغاد) بسبب الحاجة إلى "حلول إفريقية لمشاكل القارة"، مرحبا في الوقت ذاته بالوساطات الأميركية والسعودية. وكان مبعوث البرهان موجودا في أديس أبابا الخميس. كما أعلنت القاهرة أنها تحدثت عبر الهاتف إلى القائدين المتحاربين. وتعقد الجامعة العربية في القاهرة الأحد اجتماعين غير عاديين على مستوى وزراء الخارجية ستخصص أحدهما لبحث الحرب في السودان. وتعهد معسكر البرهان تسمية موفد يمثله للتفاوض على الهدنة مع الطرف الآخر برعاية "رؤساء جنوب السودان وكينيا وجيبوتي". من ناحية أخرى، أعلنت قوات الدعم السريع أنها وافقت على هدنة لمدة ثلاثة أيام – وليس أسبوعا – وأنها تتواصل مع قائمة طويلة من البلدان والمنظمات.