كان الحسن الثاني إذن أول ملك علوي تلقى تعليما عصريا وتكوينا نظريا وتطبيقيا في مستوى تعليم الملوك، مع نكهة مغربية تقليدية، بدأه ب«المسيد» إلى أن نال شهادة دبلوم الدراسات العليا في الحقوق من فرنسا، إضافة إلى تداريب تطبيقية وعسكرية. يبدأ الفقيه محمد الكنتاوي يومه، حسب ما قاله ل«اليوم 24 »، بتحفيظ القرآن لولي العهد الأمير مولاي الحسن وزملائه في المدرسة المولوية، منذ الصباح الباكر، على الطريقة نفسها التي تلقى بها والده الملك محمد السادس حفظ القرآن الكريم، في إعدادٍ للملك، أمير المؤمنين، المقبل، بالطريقة ذاتها التي كرّسها الملوك قبلهم ل«صناعة» من سيخلفونهم من أبنائهم، لكن مع إضافة عصرية. فانطلاقا من الملك الراحل محمد الخامس، انضاف إلى هذا الجانب التقليدي الذي طغى على تكوين هذا الأخير، شق عصري، بانفتاح كبير على اللغات ومختلف العلوم والآداب. فقد أحدث محمد الخامس «الكوليج رويال» سنة 1942 ليكون مدرسة للأمراء والأميرات، ولإعداد الملوك والنخب التي ستحكم إلى جانبهم. لكن لماذا كانت هذه المبادرة؟ وصول الأمير مولاي الحسن، الابن البكر لمحمد الخامس، إلى سن التمدرس، جعل والده يقرر إرساله إلى مدرسة «روش» في نورماندي بفرنسا، لكن بسبب أجواء الحرب العالمية الثانية، وكذا بعد استشارة مقربين للسلطان من الفرنسيين ورجال المخزن، استقرّ رأيه على إحداث معهد مولوي يكون خاصا بالأمراء والأميرات من العائلة الملكية. هكذا انطلقت ملحمة «صناعة» الملك على عيني والده، بعد أن كان أسلاف محمد الخامس يرسلون أبناءهم إلى الصحراء والبادية لتعلم الفروسية وشظف الحياة في مناطق لا ترحم، حتى يتم تكوينهم وإعداهم لأيام أشد قسوة مع الانتفاضات و»السيبة»... كان الحسن الثاني إذن أول ملك علوي تلقى تعليما عصريا وتكوينا نظريا وتطبيقيا في مستوى تعليم الملوك، مع نكهة مغربية تقليدية، بدأه ب«المسيد» إلى أن نال شهادة دبلوم الدراسات العليا في الحقوق من فرنسا، إضافة إلى تداريب تطبيقية وعسكرية. ولكن على خلاف والده أو جده، كان المسار الدراسي للملك محمد السادس أفضل بكثير، وتميز عنهما بأنه درس في زمن الاستقلال، وعلى يد أساتذة مغاربة في الغالب، وبالمدرسة المغربية، حتى حصل على الإجازة من جامعة محمد الخامس أكدال بالرباط، زيادة على استفادته من تكوين متنوع ومكثف. يقول محمد السادس «لقد حصلت شقيقاتي وشقيقي وأنا على تربية تميل إلى الصرامة مع برنامج دراسي حافل، وتلقينا تربية دينية جيدة في الكتاب القرآني بالقصر، وأنا حريص على أن يتلقى ابني نفس القواعد التربوية»، وهو ما ترجمه عمليا بإرسال ابنه وولي عهده، الأمير الحسن، إلى المدرسة المولوية لبدء المسار الدراسي الذي وصل فيه إلى المستوى السادس الابتدائي بنجاح وتفوق، في انتظار اليوم الذي سيجلس فيه على عرش أسلافه وقد أُعِدّ لذلك خير إعداد.