وتحولت الانتخابات البلدية الى استفتاء على حكم اردوغان وحزب العدالة والتنمية ذي الجذور الاسلامية بعد فضيحة وصفها بانها حملة تجسس قذرة لتوريطه في الفساد والإطاحة به بعد أكثر من عشرة أعوام في منصب رئيس الوزراء. وتشير النتائج الأولية التي بثها التلفزيون التركي بعد فرز أقل من خمس أصوات الناخبين إلى ان حزب العدالة والتنمية في الصدارة بما يتراوح بين 44 و48 في المئة من الأصوات. ويحتاج الحزب إلى تجاوز النسبة التي حققها في انتخابات 2009 وهي 38.8 في المئة لتعزيز سلطة اردوغان في صراع على السلطة من المؤكد ان يستمر إلى ما بعد الانتخابات. ومن المتوقع ان تكون المنافسة شديدة في أكبر مدينتين بالبلاد وهما العاصمة أنقرة ومدينة اسطنبول المركز التجاري للبلاد. وتقف حافلتان لقوات شرطة مكافحة الشغب على اهبة الاستعداد في حي نيسانتاسي الراقي في اسطنبول وهو من الاحياء التي شهدت احتجاجات مناهضة للحكومة الصيف الماضي. وقال إردوغان للصحفيين أثناء الادلاء بصوته في اسطنبول "ما ان تفتح صناديق الاقتراع يصبح ما عدا ذلك مجرد أمور هامشية بالنسبة للتاريخ." وأضاف "اليوم ما يقوله الناس هو ما يعنيني أكثر مما قيل في ساحات المدينة" وهتف انصاره أمام مركز الاقتراع قائلين "تركيا فخورة بك". وأبعد اردوغان الآلاف من أفراد الشرطة والمئات من القضاة وممثلي الادعاء منذ بدء مداهمات ضمن حملة لمكافحة الفساد في ديسمبر استهدفت رجال أعمال مقربين من اردوغان وابناء وزراء. وينحي اردوغان باللائمة في التحقيق في فضيحة الفساد على فتح الله كولن وهو رجل دين مسلم كان حليفا له ويقول رئيس الوزراء الآن إنه يستخدم أنصاره في الشرطة لمحاولة إسقاط الحكومة. وقال اردوغان عن معارضيه في تجمع حاشد في اسطنبول عشية الانتخابات "كلهم خونة.. فلندعهم يفعلون ما يريدون. اذهبوا إلى صناديق الاقتراع غدا ولقنوهم جميعا درسا.. فلنعطهم صفعة عثمانية." ومرت عملية التصويت بسلام في معظم انحاء البلاد رغم وقوع اشتباكات تتصل بالانتخابات أسفرت عن مقتل ثمانية أشخاص في واقعتين منفصلتين لتبادل إطلاق النار في قريتين بإقليمي هاتاي وشانلي أورفة بجنوب شرق البلاد قرب الحدود السورية. وجاب اردوغان ارجاء البلاد خلال حملة الدعاية الانتخابية على مدى أسابيع لحشد ناخبيه من المحافظين وهو ما يدل على مدى الاهتمام الذي يوليه لأول اختبار يواجهه حزبه في صناديق الاقتراع منذ الاحتجاجات التي اندلعت في البلاد الصيف الماضي وتفجر فضيحة الفساد في ديسمبر كانون الأول. وسيكون حجم التأييد لاردوغان عاملا مهما في تماسك حزبه مستقبلا وسيعطي مؤشرا على أثر فضيحة الفساد على شعبيته كما سيؤثر على اتخاذه القرار بالترشح لانتخابات الرئاسة التي تجري في غشت واذا جاءت نسبة التصويت دون 36 في المئة وهو أمر غير مرجح فستكون هذه ضربة قوية لاردوغان وستؤدي الى صراعات على السلطة داخل حزب العدالة والتنمية. أما اذا تجاوزت النتيجة 45 في المئة وهو ما يخشاه البعض فإنها قد تذكي ما يصفها منتقدون بنزعاته السلطوية التي ظهرت بالفعل من خلال حظر موقعي تويتر ويوتيوب في الايام الاخيرة وقد تؤذن بفترة من تصفية الحسابات مع المعارضين على الساحة السياسية وفي أجهزة الدولة. ويصف حزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي لحزب العدالة والتنمية اردوغان بأنه دكتاتور فاسد مستعد للتشبث بالسلطة بأي وسيلة. وقد يسمح له الفوز بالعاصمة أنقرة أو اسطنبول باعلان شكل ما من الانتصار. وقال ايف ياماك يارباسي وهو مساعد مدرس اثناء ادلائه بصوته في انقرة "يفترض ان تكون هذه انتخابات محلية ولكنها اخذت في الاسابيع القليلة الماضية شكل الانتخابات العامة." وأضاف "اعتقد ان اردوغان سيظل السياسي الاكثر نفوذا لكنه سيتهاوى. كانت شعبيته تتصاعد في كل مرة حتى الان ولكن اعتقد انها ستبدأ في التراجع اعتبارا من اليوم." وأسس اردوغان حزب العدالة والتنمية في عام 2001 واجتذب القوميين ودعاة الإصلاح الاقتصادي من يمين الوسط بالاضافة إلى المحافظين الدينيين الذين يشكلون قاعدة دعمه الأساسية.