تؤرخ سنة 1984، لحدث مدون في سجلات الحركات النسائية المغربية، ففي هذه السنة تم تعيين أول امرأة قاضية بالمجلس الأعلى للحسابات، التي لم تكن سوى زينب العدوي، البالغة من العمر آنذاك 24 سنة. وكان تعيين زينب العدوي حدثا كبيرا، ظل على الدوام يدون ضمن سلسلة إنجازات المرأة المغربية واقتحامها لمجالات كانت لردح من الزمن حكرا على الذكور. وبعد مرور 30 سنة على هذا الحدث، ستكون زينب العدوي مرة أخرى عنوان الانفراد، إذ ستحظى بأول منصب والية في تاريخ المغرب، لتكون أول امرأة اقتحمت عالم التدبير المحلي من موقع «والية». ضمن لائحة الولاة والعمّال التي أفرج عنها، أول أمس الثلاثاء، ورد اسم زينب العدوي ضمن قائمة التعيينات الجديدة، التي تمت خلالها مراعاة عنصر التشبيب والتمثيلية النسائية، وفق ما صرح به رئيس الحكومة عبدالإله بنكيران للصحافة. وضمن هؤلاء كانت القاضية زينب. لم تكن زينب العدوي التي عينها الملك محمد السادس والية على جهة الغرب شراردة بني احسن، خلفا لإدريس الخزاني في أعقاب المجلس الوزاري الذي ترأسه بالقصر الملكي بمراكش اسما غريبا على الساحة الإعلامية، بل ظل اسمها يتردد باستمرار في عدة مناسبات كونها أول قاضية تُعين في المجلس الأعلى للحسابات، وأيضا كونها ضمن النساء القلائل اللواتي ألقين دروسا دينية في حضرة الملك. العدوي، وهي من مواليد الجديدة سنة 1960، كانت قبل أن تعين والية، هي رئيسة للمجلس الجهوي للحسابات بالرباط مند سنة 2004، وقد حظيت بتعيين سابق من الملك عضوا في اللجنة الاستشارية للجهوية. وقد نشّطت عدة دورات وورشات عمل، خصوصا في مجال مراقبة المالية العمومية ومراقبة التدبير والتدقيق، كما ألقت سنة 2007 درسا دينيا ترأسه الملك محمد السادس تحت عنوان «حماية المال العام في الإسلام». حصلت الوالية الجديدة على دبلوم الدراسات العليا في العلوم الاقتصادية، تخصص الاقتصاد العام، كما أنها بصدد التحضير لأطروحة دكتوراه الدولة حول موضوع «مجلس الحسابات المغربي: من مراقبة المشروعية إلى مراقبة جودة الأداء، أي فعالية؟». بعد تعيينها سنة 1984 قاضية للحسابات، وهي أول امرأة مغربية تتقلد هذا المنصب. شغلت بعد ذلك منصب رئيس فرع بالمجلس الأعلى للحسابات من 1993 حتى 2004 وهي تحمل رتبة قاضية من الدرجة الاستثنائية منذ سنة 2004. ولها أيضا اهتمامات جمعوية، بحيث تعتبر عضوا بالفرع المغربي للمنتدى الدولي للمرأة وهو منتدى يضم النساء الرائدات من جميع أقطار العالم، كما كانت أيضا عضوا باللجنة الاستشارية للجهوية. زينب العدوي هي ابنة فقيه معروف، صلى قبل أسابيع بالملك محمد السادس، وهو يشغل منصب مدير المعهد الإسلامي بالجديدة. كانت زينب سادسة إخوتها، ويقول مقربون منها «إنها نهلت الشيء الكثير من والدها الفقيه، وقرأت كتب الفقه في سن مبكرة، ونمّت معارفها في الجانب الديني»، غير أنها «بقيت متشبثة بالوسطية والاعتدال، وهي نموذج للمرأة التي تمزج بين التفتح والتدين»، يقول بعض معارفها. الوالية الجديدة متزوجة من إطار بوزارة المالية، وهي أم لولدين هما «المهدي» و»عبدالمنعم»، وهي شقيقة الإعلامي عبد الرحمن العدوي. تكوينها الديني لم يغير من تسريحة شعرها التي بقيت قصيرة ومتشبهة بالرجال، بل على العكس تماما، «هي تراهن على التدين الروحي وليس المظهري»، تقول المصادر ذاتها. بنكيران معجب بالعدوي منذ 7 سنوات رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران معجب بشدة بزينب العدوي التي جرى تعيينها رسميا، أول أمس، والية لجهة الغرب الشراردة بني احسن، وعاملا على إقليمالقنيطرة. بنكيران تعرف على العدوي لأول مرة بعدما ألقت درسا في إطار الدروس الحسنية الرمضانية سنة 2007، حيث تطرقت من خلاله إلى موضوع «حماية المال العام في الإسلام»، وهو الدرس الذي كان ناجحا بشهادة العلماء، وقد أعجب حينها بنكيران بالدرس وبكفاءة العدوي لدرجة أنه وعلى غير العادة، طلب من العاملين في جريدة «التجديد»، بتفريغ الدرس ونشره بالكامل في اليوم الموالي.