وكشفت أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة عن تقاطع غير مسبوق في التوجهات الدبلوماسية لكل من البلدين الجارين، حيث أصبح الهدف الأول لكل منهما هو انتزاع أكبر مساحة نفوذ وتأثير في القارة السمراء. مصدر دبلوماسي مغربي رفيع، قال ل» اليوم24» إن التحركات المغربية الأخيرة في القارة الإفريقية، والعودة القوية للرباط في الملف المالي، «أججت المعركة التاريخية حول إفريقيا، وهي المعركة التي تتجسّد في نقطة أساسية، هي سعي الجزائر إلى حصر التعاطي الدولي مع القارة الإفريقية في منظمة الاتحاد الإفريقي، نظرا إلى غياب المغرب عن هذه المنظمة الإقليمية، وعملنا نحن من جانبنا على خلق فضاءات جديدة للتعاطي الدولي مع قضايا القارة الإفريقية، تتعامل معها كإفريقيا وليس كاتحاد إفريقي». توجّه عبّر عنه المقترح الأخير للمغرب خلال الاجتماع الذي نظّمته الرباط مؤخرا، تحضيرا للقاء الدولي رفيع المستوى حول «الهجرة الدولية والتنمية»، المنعقد حاليا في نيويورك. المقترح يقضي بتأسيس تحالف إفريقي للهجرة والتنمية، بهدف بلورة رؤية إفريقية مشتركة حول الهجرة، ترتكز على مبادئ القانون الدولي لحقوق الإنسان. ويستنفر المغرب كامل طاقاته الدبلوماسية ومؤسساته الرسمية من أجل تحقيق اختراق إفريقي، ذلك أن رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إدريس اليزمي، انتقل إلى نيويورك بداية الأسبوع الحالي، للدفاع عن الاختيار المغربي المتمثل في جعل ملف الهجرة ملفا إفريقيا خارج منظمة الاتحاد الإفريقي. فيما كان المندوب السامي للتخطيط، أحمد الحليمي، قد سبقه الأسبوع الماضي إلى الانتقال إلى عاصمة الأممالمتحدة وتنظيم لقاء إفريقي موسّع، خصّص لمناقشة مستقبل تنمية إفريقيا ما بعد العام 2015. الرد الجزائري لم يتأخر، حيث سارعت إلى استغلال فرصة اجتماع سنوي ينعقد على هامش أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة، بين هذه الأخيرة ومنظمة الاتحاد الإفريقي، لتطرح فكرة مضادة تتمثل في جعل الملفات الإفريقية، ومن بينها ملف مالي والساحل والصحراء، موضوع اشتغال مشترك بين المنظمة الأممية والاتحاد الإفريقي. واعتبرت الجزائر أن اللجنة المشتركة بين المنظمتين، يمكنها وضع إطار مشترك حول الأمن والسلم، «يكون قائما على أساس اللوائح المصادق عليها في هذا الصدد من طرف الجمعية العامة الأممية ومجلس الأمن والقرارات ذات الصلة لمجلس السلم والأمن للاتحاد الإفريقي»، تقول قصاصة لوكالة الأنباء الجزائرية. مصدر دبلوماسي مغربي رفيع، قال ل» اليوم24» إن المعركة المقبلة للمغرب هي المعركة الإفريقية، وأوضح هذا المصدر أن المملكة لن تبقى رهينة غيابها عن الاتحاد الإفريقي، «وستلعب أدوارها الاقتصادية والدينية والسياسية في إفريقيا، خاصة بعدما أبانت تجارب متعددة لحفظ السلم والتدخل الإنساني، عن قدرة المغرب الكبيرة على المساهمة وتمتعه بقبول ومصداقية كبيرين لدى الدول الإفريقية». فيما لم تشهد أشغال الجمعية العامة بنيويورك، أي لقاء ثنائي بين المغرب والجزائر، واكتفى وزيري خارجية البلدين بالاجتماع مرتين، الأولى في إطار دول المغرب العربي، وذلك في تقليد سنوي لتنسيق بعض الاجتماعات التي تطلبها جهات دولية مع الاتحاد المغاربي، وأخرى مع رئيس بعثة الاتحاد الأوربي لدى الأممالمتحدة، حيث يسعى هذا الأخير إلى تطوير مجالات تعامله مع الدول الخمس في إطار كتلة مقابل كتلة، خاصة بعض المجالات الاقتصادية. عدا ذلك، تمحورت أغلبية اللقاءات والتحركات الدبلوماسية للبلدين، على مواجهة بعضهما البعض، حيث يحاول المغرب إقناع بعض الدول المعترفة بجبهة البوليساريو، بسحب أو تجميد اعترافها. مسعى قال مصدر دبلوماسي مغربي رفيع، إنه نجح هذه السنة، «حيث أفلحنا في إقناع بعض الدول بتغيير موقفها، لكنها فضلت عدم الإعلان عن ذلك هنا في نيويورك وخلال أشغال الجمعية العامة، بل ستقدم على هذه الخطوة بعد العودة إلى عواصمها»، يقول مصدر «أخبار اليوم»، قبل أن يستدرك ويقول: «إذا لم تتدخل أياد أخرى وتغيّر مسار الأحداث في اتجاه آخر»، في إشارة واضحة إلى الدبلوماسية الجزائرية.