تعيش زارا أليفا أسوماني في مخيم للنازحين في مقاطعة كابو ديلغادو في الموزمبيق، وهو مكان تحو ل تدريجيا إلى بلدة صغيرة مع وصول وفود متزايدة من اللاجئين هربا من هجمات الجماعات الجهادية. ما زالت صور رأس شقيقة زوجها التي قتلها جهاديون وقطعوا لسانها لأنها تجرأت على الرد عليهم، أمام عتبة منزلها، تلاحقها رغم مرور عامين على الحادثة. يؤوي هذا المخيم آلاف الأشخاص. ومنذ أكثر من أربع سنوات، باتت مقاطعة كابو ديلغادو الغنية بالغاز الطبيعي والواقعة في شمال شرق البلاد على الحدود مع تنزانيا، عرضة للهجمات الجهادية. وأسفرت أعمال العنف حتى الآن عن مقتل أكثر من 3700 شخص وأجبرت 820 ألفا على مغادرة منازلهم. في ذلك اليوم، دخل مسل حون قرية زارا وأمروا الجميع بالمغادرة. وقالت هذه الستينية "قطعوا رأس شقيقة زوجي لأنها ردت عليهم". وأضافت أنه من أجل تأكيد أن الرسالة واضحة، قطعوا لسانها أيضا. وجرت الوقائع أمام عيني ابنها الصغير الذي اختطفه الجهاديون بعد ذلك. تمكنت زارا من الفرار. هربت عبر الغابة مذعورة. واليوم، هي تعتمد على المنظمات الإنسانية للحصول على الغذاء والمياه. والنساء في المخيم يضعن الحجاب، كما في سائر أنحاء المنطقة التي تسكنها غالبية مسلمة. وأقام حلاقون وخياطون محلات لهم، فيما يبيع أطفال بيض الدجاج الذي يربى في المخيم. وفي أحد زواياه، كوخ يعلوه طبق قمر اصطناعي، ي علن برنامج الترفيه لليوم: مباراة كرة قدم بين نادي ي برشلونة ونابولي. وقال كيلن أوتينو رئيس منظمة "جام" غير الحكومية الجنوب إفريقية النشطة في المخي م، إن الحركات الجهادية في موزمبيق آفة "مدمرة" مضيفا "خلال 30 عاما من الخبرة، لم أر أبدا ما رأيته في كابو ديلغادو". وتبدو علامات الصراع والعنف في كل مكان من بينها حواجز على الطرق ومخي م عسكري قرب المطار في بيمبا عاصمة المقاطعة. على المدرج، طائرات من ليسوتو وبوتسوانا أرسلت كجزء من القوات الإقليمية التي أرسلت منذ أكثر من ستة أشهر لدعم جيش موزمبيق العاجز عن مواجهة الوضع. وتؤكد حكومة موزمبيق إنها تحرز تقدما ميدانيا. لكن المهاجمين غيروا استراتيجيتهم. فبعد تراجعهم إلى مقاطعة نياسا المجاورة، أصبحوا أقل ظهورا واعتمدوا أساليب حرب العصابات. يقول كورنييلو مانويل، وهو صياد سابق يبلغ 31 عاما يعيش في المخيم أيضا، إنه لا يفهم السبب وراء تلك الهجمات. وروى أنه عندما هاجم الجهاديون قريته، تمكن من النجاة لكنه أصيب بطلقات نارية في الكتف ما زالت ندوبها ظاهرة. فقد البعض أصدقاء والبعض الآخر أقرباء. لم يعثر عيسى بيدرو (57 عاما) حتى الآن على ابنته البالغة من العمر 16 عاما والتي أسرت عام 2020 في موكيمبوا دا برايا، وهو معقل ساحلي سابق لحركة الشباب. وبحسب المنظمات غير الحكومية، قد تكون بعض الفتيات الصغيرات اختطفن ثم استعبدن جنسيا. كذلك، اختطف أولاد صغار وتم تجنيدهم. من جهة ثانية، أجبرت أعمال العنف الشركات العملاقة للطاقة على الحد من مشاريعها لاستغلال الموارد الطبيعية. وتملك موزمبيق قبالة سواحلها أكبر احتياطات غاز في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. واضطرت شركة توتال الفرنسية لتعليق مشروعها الضخم البالغة قيمته 16,5 مليار يورو، وفي الوقت الراهن، ليس هناك أي احتمال لإعادة إطلاقه. وبحسب الخبراء، فإن استغلال هذه الثروات التي لم تستفد منها المنطقة الفقيرة مطلقا، يغذي العداء للحكومة ويدعم صفوف الجماعات المسلحة.