يبدو أن مفاوضات تشكيل الأغلبية الحكومية الجديدة بين عبد الإله بنكيران ورئيس حزب التجمع الوطني للأحرار صلاح الدين مزوار، لا تبشّر بالنجاح. نبرة يائسة وقاموس مليء بعبارات التحذير والتنبيه والدعوة إلى التعبئة استعدادا لمواجهة سياسية محتملة، تلك التي استعملها الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، وزير الإسكان في حكومة بنكيران، محمد نبيل بنعبد الله. وكشفت الخروج الجديد لهذا الأخير عن تقارب، إلى حد التطابق، بين خطابه وما يردّده بنكيران، حيث تحدّث بن عبد الله عن وجود جهات تكبّل الحكومة وتمنعها من العمل، ملوّحا بتحدي الذهاب إلى معركة انتخابية ومحذّرا أيضا من عدوى الاضطراب وعدم الاستقرار المنتشرة في المنطقة العربية. بنعبد الله عاد مباشرة من الوجهة الأوربية، التي قضا فيها عطلته السنوية، إلى الخيام التي نصبتها منظمة «طلائع أطفال المغرب»، التابعة لحزبه، والمتخصصة في تأطير وتنشيط الأطفال. هناك بالقرب من شاطئ بوزنيقة، وقف بنعبد الله تحت إحدى الخيام مخاطبا نخبة من أطر الحزب الذين جاؤوا لحضور اختتام المخيم الصيفي للمنظمة، داعيا إياهم إلى استنفار كل طاقاتهم استعدادا لتهديدات قال إنها تحذق بالحزب والتجربة الحكومية. بنعبد الله قال لأطر وشباب الحزب إنه و»بقدر ما نعول عليكم في عملكم اليومي إلى جانب الأطفال، بقدر ما نراهن عليكم في الجبهة السياسية المباشرة التي نوجد فيها، والتي جعلتنا نخوض صراعات قوية خاصة في السنوات الأخيرة». كما دعا بنعبد الله إلى استنفار كل الطاقات التي يتوفّر عليها الحزب من أطر وشباب، وتحضيرهم للقاء غير مسبوق، مرجّحا أن يصادف ذلك ذكرى الاحتفال بمرور 70 سنة على تأسيس الحزب شهر نونبر المقبل. زعيم حزب الكتاب قال لشباب حزبه «إن الأمر يتعلّق بفترة صعبة، فقد اخترنا أن نواجه محاولات تحوير المسار الديمقراطي المغربي، والنضالات التي خضناها كانت جريئة وشجاعة، وعدة أطراف لا تتفق معنا في ذلك وتسعى إلى ضرب حزبنا، ونحن نعول عليكم لأننا في حاجة إلى كل الطاقات، فالحزب ليس هو فقط القياديين والبرلمانيين، بل هو أنتم وكل الطاقات التي يزخر بها، وبقدر ما استطعنا النزول لدى المواطنين، حيث يثمّن جلهم خطوة انتمائنا إلى هذه الحكومة لما في ذلك من مصلحة البلاد ووقوف أمام محاولة إرجاع البلاد إلى الوراء، سيكون ذلك جيدا». وزيادة في استنفار وتعبئة قواعد الحزب، ذكّر بنعبد الله بما قال عنها إنها معركة استهدفت الحزب مؤخرا من خلال محاولة حرمانه من فريقه البرلماني في مجلس النواب، مضيفا «هذه مجرد حلقة من المعارك التي علينا أن نواجهها، فبعد القرارات الأخيرة للمجلس الدستوري، تبين أن كل ما قاموا به لن يمكّنهم من حرمان الحزب من فريقه البرلماني، وهو سيستمر باختياراته المستقلة، والمنطلقة من المصلحة العليا للبلاد». وفي حديث مباشر عن المحاولات التي طال انتظارها لتشكيل أغلبية حكومية جديدة، قال بنعبد الله إن «الانتظارية طالت كثيرا، وفاتت القياس، ما يمكنش البلاد تبقى فهاد الوضعية التي لا تستمر منذ شهرين فقط، أي منذ اتخاذ الاستقلال قرار المغادرة، بل إن البلاد تعيش أزمة سياسية منذ نونبر من السنة الماضية، وهذا الوضع لا يمكن أن يدوم، لأننا اقتربنا من إكمال السنة». بنعبد الله تحدّث عن جهات قال إنها تتلاعب بمصلحة البلاد، وخاطبها متحدّيا «قريبا ستكون لنا مبادرات للخروج من هذه الوضعية الصعبة، فإما تشكيل حكومة بطريقة واضحة، وإلا فإن هناك خيارات أخرى ونحن على أتم الاستعداد للذهاب إليها»، في إشارة إلى خيار الانتخابات السابقة لأوانها. انتخاباتٌ قال بصددها بنعبد الله إن الطاقات التي يتمتع بها الحزب تجعله قادرا على تحقيق نتائج أفضل، قبل أن يواصل هجومه على الجهات المناوئة للحزب والحكومة، قائلا إن «البعض يسعى إلى بقاء هذه الوضعية وجعل الحكومة مكبلة ولا تشتغل لغرض في نفس يعقوب، ونحن لن نقبل هذا الوضع، وعلينا أن نتوجه إلى الشعب لتكون له الكلمة الفصل، لمعرفة اختياراته، واش باغي يجهض هاذ التجربة كما يروج البعض، أم أننا نريد إخراج البلاد من الوضعية الحالية لتفادي ما يحدث في بعض الدول العربية، وأنتم تلاحظون وضعية عدم الاستقرار».