وضعت حكومة عبد الإله بنكيران يدها على أحد الملفات المثيرة للجدل والمتعلقة بمدارس البعثات الأجنبية المتواجدة بالمملكة، في خطوة لإعادة النظر في هذا الصنف من التعليم الذي يختلط فيه الموروث الثقافي بالسياسي والديبلوماسي. سعد الدين العثماني وزير الخارجية والتعاون أفرج هذا الأسبوع على مشروع اتفاقية بين المغرب والولاياتالمتحدة تضع شروطا واضحة للترخيص لجامعات دولة العم سام قبل فتح أبوابها بالمغرب، وفي مقدمتها منع المدارس الأمريكية ذات المنحى التبشيري، حيث استبعدت الاتفاقية ترخيص المغرب للمؤسسات التعليمية ذات التوجه أو الارتباط الديني. الاتفاقية اشترطت قبل تحديد قائمة المدارس الأمريكية وجوب توفر كل مؤسسة للتعليم المدرسي أو الثانوي على برنامج تعليمي على النمط المدني الأمريكي، وأن تكون في ملكية وتحت إدارة مؤسسة غير ربحية، قبل أن تحصل على إعلان طرف وزارة الخارجية الأمريكية ضمن القائمة الحصرية للائحة المدارس الأمريكية بالمغرب. في المقابل، فرضت الاتفاقية على مسؤولي المدارس الأمريكية تعليم التلاميذ المغاربة اللغة العربية والثقافة المغربية، وكذا تاريخ وجغرافية المغرب للتلاميذ المغاربة، بمن فيهم حاملي الجنسية المزدوجة، على أن تكون هذه البرامج موضوع تنسيق بين إدارات هذه المدارس ووزارة التربية الوطنية حيث اشترطت الاتفاقية أن يتم تدريسها من طرف أساتذة مغاربة يخضعون للتفتيش من طرف مفتشي وزارة الوفا. الاتفاقية التي من المنتظر ان تعرض قريبا على المجلس الحكومي منحت للمدارس الأمريكية مجال توظيف هيئة التدريس وموظفي الإدارة المغربية حسب احتياجات المدارس على أن يتم اقتطاع أجور وامتيازات هذه الهيئة، حصريا، من حساب الميزانيات الخاصة بكل مدرسة. الاتفاقية التي من المنتظر أن تعرف «بوليميك» كبير داخل البرلمان، قدمت إغراءات سخية لهذا الصنف من المدارس التي أعفيت من داء الضريبة المهنية وضريبة الخدمات، باستثناء الواجبات المتعلقة بتطبيق نظام الانخراط في الضمان الاجتماعي بالمغرب، كما أعطت الاتفاقية للعاملين الأجانب بالمدارس الأمريكية من خارج المغرب حق الاستفادة من الاستيراد المعفى من الرسوم الجمركية على الأشياء والأمتعة المنقولة للاستعمال الشخصي. وأعفت الاتفاقية لوازم التدريس والمنقولات الموجهة للمدارس والوسائل السمعية البصرية من الرسوم الجمركية والضرائب على الواردات. سخاء العثماني استمر مع منح كل مدرسة أمريكية الاستفادة من تعليق الرسوم والضرائب، في حدود ثلاث سيارات للاستخدام من قبل إدارة المدرسة الأمريكية. ودرءا لأي غموض فيما يتعلق بمصير حاملي شواهد المدارس الأمريكية، فقد نصت الاتفاقية على أن الشهادات الدراسية الصادرة عن المدارس الأمريكية، والممنوحة من طرفها والمقبولة من لدن هيئات دولية متخصصة، يتم الاعتراف بها من طرف السلطات التعليمية المغربية. وبالنظر إلى أن هذه المدارس غير ربحية فقد فرض عليها مشروع الاتفاقية تقديم تقارير أدبية ومالية للسلطات المغربية المختصة عن أنشطتها. وفيما يتعلق بشروط ولوج مدارس العم سام، فقد فتحت الاتفاقية ذلك في وجه التلاميذ المغاربة، وبالأولوية لأطفال الجالية الديبلوماسية الأمريكية والجاليات الأجنبية المقيمة بالمغرب بشكل دائم أو مؤقت. على أن تؤدى رسوم التسجيل في هذه المدارس بالدرهم سواء بالنسبة للمغاربة أو الأجانب المقيمين بشكل دائم في المملكة فيما تحدد مجالس إدارة هذه المؤسسات طرق أداء بالنسبة للمواطنين الأمريكيين وكذا أبناء الديبلوماسيين وأعوان القنصليين القاطنين بصفة مؤقتة بالمغرب. الاتفاقية ألزمت المدارس الأمريكية بتقديم تقاريرها الأدبية والمالية إلى السلطات المغربية. يتم تحديد الجدول السنوي لأيام العطل من طرف المجالس الإدارية للمدارس الأمريكية، مع الأخذ بعين الاعتبار الأعياد الدينية والوطنية في المغرب. في مقابل المزايا والاستثناءات التي حصنت المدارس الأمريكية بالمغرب، نصت الاتفاقية على استفادة المغرب من الشروط نفسها في حالة رغبة السلطات التعليمية المغربية فتح مؤسسة للتعليم المدرسي الابتدائي والثانوي بدولة العم سام، والحصول على امتيازات مماثلة لتلك الممنوحة للمدارس الأمريكية بالمغرب. تجدر الإشارة إلى ان الولاياتالمتحدةالأمريكية تتوفر على خمس مدارس للتعليم الأمريكي بكل من الرباط، والدار البيضاء وطنجة ومراكش.