صادق مجلس الحكومة المغربية، على مشروع اتفاقية بين المغرب والولايات المتحدة، ساهم في التحضير لإعدادها وزير الخارجية السابق سعد الدين العثماني، وتضع قيودا صارمة على إجراءات الترخيص للمدارس والجامعات الأمريكية لفتح أبوابها بالمغرب. واستبعدت الاتفاقية في أولى بنودها، الترخيص للمؤسسات التعليمية الأمريكية ذات التوجه أو الارتباط الديني، في خطوة لمواجهة أي شكل من أشكال التبشير الديني المجرم قانونيا، طبقا للفصل 220 من مدونة القانون الجنائي، الذي يُجرّم أي عمل يستهدف إغراء الفرد أو الجماعة المسلمة على ترك دين الإسلام، واعتناق أي دين آخر، وشدّد على ضرورة مواجهة مؤسسات الدولة لطُرُقِ الإغراء التي تستهدف المس بعقيدة المسلم «باستغلال ضعفه أو حاجته إلى المساعدة أو استغلال مؤسسات التعليم أو الصحة أو الملاجئ أو «المياتم». وفي هذا الصدد، اشترطت الاتفاقية المغربية الأمريكية وجوب توفر كل مؤسسة للتعليم المدرسي أو الثانوي على برنامج تعليمي على النمط المدني الأمريكي وأن تكون في ملكية وتحت إدارة مؤسسة غير ربحية. وشددت الاتفاقية على ضرورة حصول مدارس دولة العم سام على إعلان من طرف وزارة الخارجية الأمريكية وأن تكون مُصنفة ضمن القائمة الحصرية للائحة المدارس الأمريكية بالمغرب. فرضت الاتفاقية على مسؤولي المدارس الأمريكية تعليم التلاميذ المغاربة، بمن فيهم حاملي الجنسية المزدوجة، اللغة العربية والثقافة المغربية وكذا تاريخ وجغرافية المغرب، على أن تكون هذه البرامج موضوع تنسيق بين إدارات هذه المدارس ووزارة التربية الوطنية، حيث اشترطت الاتفاقية أن يتم تدريسها من طرف أساتذة مغاربة يخضعون للتفتيش من طرف مفتشي وزارة التربية الوطنية. الاتفاقية ذاتها نصّت على الترخيص للمدارس الأمريكية بالاستفادة من جيش موظفي الإدارة المغربية ضمن هيئة تدريسها وتسييرها الإداري حسب احتياجات المدارس، على أن يتم اقتطاع أجور وامتيازات هذه الهيئة حصريا، من حساب الميزانيات الخاصة بكل مدرسة. وقدمت الاتفاقية هدايا سخية للمدارس الأمريكية عبر إعفائها من أداء الضريبة المهنية وضريبة الخدمات، باستثناء الواجبات المتعلقة بتطبيق نظام الانخراط في الضمان الاجتماعي بالمغرب، كما أعطت الاتفاقية للعاملين الأجانب بالمدارس الأمريكية من خارج المغرب، حق الاستفادة من الاستيراد المعفى من الرسوم الجمركية على الأشياء والأمتعة المنقولة للاستعمال الشخصي. وأضفت الاتفاقية حصانة ضريبية وجمركية على لوازم التدريس والمنقولات الموجهة للمدارس والوسائل السمعية البصرية القادمة من الخارج. فضلا عن تقديم عفوي ضريبي مدته ثلاث سنوات اتجاه كل مدرسة أمريكية منذ الشروع في عملها داخل المملكة مع الاستفادة من تعليق الرسوم والضرائب في حدود ثلاث سيارات للاستخدام من قبل إدارة المدرسة الأمريكية. وطالبت الاتفاقية المدارس الأمريكية باحترام أيام الأعياد الدينية والوطنية في المغرب، ضمن قائمة عطلها السنوية. وفيما يتعلق باستفادة أبناء المغاربة من التمدرس في مدارس البعثات الأمريكية، فقد فتحت الاتفاقية الولوج في وجه التلاميذ المغاربة، وبالأولوية لأطفال الجالية الدبلوماسية الأمريكية والجاليات الأجنبية المقيمة بالمغرب بشكل دائم أو مؤقت. وشددت الاتفاقية على تأدية أبناء المغاربة والأجانب المقيمين بشكل دائم في المملكة لرسوم تسجيل أبنائهم في هذه المدارس بالعملة المغربية الدرهم، فيما تركت الاتفاقية لمجالس إدارة هذه المؤسسات طُرُق الأداء بالنسبة إلى المواطنين الأمريكيين وكذا أبناء الدبلوماسيين وأعوان القنصليين القاطنين بصفة مؤقتة بالمغرب». إلى ذلك، نصّت الاتفاقية على أن الشهادات الدراسية الصادرة عن المدارس الأمريكية، والممنوحة من طرفها والمقبولة من لدن هيئات دولية متخصصة، يتم الاعتراف بها من طرف السلطات التعليمية المغربية. وعملا بمعيار المثل في الاتفاقات الدولية الثنائية، فقد نصّت الاتفاقية على استفادة المغرب من الشروط نفسها، في حالة رغبة السلطات التعليمية المغربية فتح مؤسسة للتعليم المدرسي، الابتدائي والثانوي بالولايات المتحدةالأمريكية والحصول على امتيازات مماثلة لتلك الممنوحة للمدارس الأمريكية بالمغرب.