كشف الحسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة عن بلوغ الملتمسات الرامية إلى رفض تزويج القاصر برسم سنة 2019 ما نسبته 58,4 في المائة من مجموع الملتمسات المقدمة في الموضوع، في حين شكلت هذه النسبة 36 في المائة سنة 2018، كما ارتفعت هذه النسبة سنة 2020 إلى 65 في المائة من مجموع الملتمسات. وأوضح الداكي، خلال تقديم "دراسة تشخيصية حول زواج القاصر"، صباح اليوم الاثنين، في مراكش أن هذا المنحى الإيجابي انعكس على مستوى الإحصاء العام لأذونات زواج القاصر، الذي عرف انخفاضا مضطردا برسم السنوات 2018 و2019 و2020 مقارنة بسنة 2017. ومن نقط القصور، التي وقفت عليها دراسة المعطيات القضائية ضعف اللجوء إلى المساعدات الاجتماعيات في المحاكم لإجراء الأبحاث الاجتماعية في ملفات زواج القاصر بنسبة لا تتجاوز 12 في المائة، كما أن نسبة كبيرة من الأذونات بزواج القاصر لا يتم اللجوء فيها إلى الخبرة الطبية بنسبة تتجاوز 43 في المائة، علما أن كلا من الخبرة الطبية، والبحث الاجتماعي عندما يُنجزان على الوجه المطلوب، يُعينان القاضي على تقدير مصلحة القاصر من الزواج من عدمها. واتضح من الدراسة الميدانية أن الأوساط الاجتماعية، التي تُعاني من الهشاشة هي الأكثر إنتاجا لزواج القاصر، فضلا عن وطأة الأعراف، والتقاليد، والتأويل الخاطئ للدين، التي تعد من الأسباب الأساسية، الدافعة إلى خيار الزواج المبكر. وخلصت هذه المعطيات، في المحور الأخير، للدراسة إلى استنتاجات، تلقي الضوء على الأسباب المختلفة، التي تقف وراء ارتفاع أرقام زواج القاصر في المجتمع. ومكنت هذه الاستنتاجات من اقتراح خطة طريق تهيئ لمستقبل العمل القضائي من جهة، والعمل التشاركي، المتعدد التدخلات، من جهة أخرى، وذلك من خلال توصيات تأمل رئاسة النيابة العامة أن تساعد، وترشد المتدخل، والممارس، والمهتم بالموضوع. وأكد الداكي أن هذه الدراسة تشكل وثيقة مرجعية من شأنها الإسهام في رسم ملامح التدخل التشريعي المرتقب، بما يكرس احترام بلادنا لحقوق الطفل، وانخراطها كشريك دولي في ذلك. وقال الداكي إن موضوع زواج القاصر يستدعي وقفة للتأمل والمراجعة، كونه يسائل الجهود المرصودة لحماية الطفولة بالبلاد، كما أنه مؤشر من بين مؤشرات قياس التنمية بالمغرب، يجب استحضاره في مخططاتنا من أجل تنفيذ الرؤية المتبصرة للملك محمد السادس في قيادته للنموذج التنموي الجديد للمملكة. وأشار المسؤول القضائي إلى أن رئاسة النيابة العامة، منذ تأسيسها، عملت على إيلاء حماية الطفولة أهمية قصوى، وجعلتها من ضمن أولويات السياسة الجنائية، التي تسهر على تنفيذها، من خلال تدخل النيابة العامة بمحاكم المملكة، وقد تجلى ذلك في توجيهات أول منشور أصدرته، الذي اعتبر حماية الفئات الخاصة وحماية الأطفال والنساء من أولويات السياسة الجنائية. وفي نفس السياق جعلت رئاسة النيابة العامة موضوع زواج القاصر، يضيف المسؤول القضائي، ضمن أحد أهم انشغالاتها، لتعزيز حماية الطفل، وعبرت عن ذلك من خلال سعيها إلى تطوير دور قضاة النيابة العامة، والرفع من قدراتهم المعرفية في هذا المجال، وسعت إلى طرح الموضوع واسعا للنقاش مع باقي المتدخلين، الذين يُعنون به في عدد من اللقاءات الدراسية، التي نظمتها، كما أصدرت ثلاث دوريات في الموضوع، ضمنتها توجيهاتها للنيابة العامة، والتي تهدف بالأساس إلى تفاعلها بإيجابية مع جميع قضايا الأسرة، وإلى استحضار المصالح الفضلى للأطفال، وحقوقهم في المقام الأول.