قال محمد عبد النباوي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، إن موضوع زواج القاصر يستدعي وقفة جدية للتأمل والمراجعة كونه في تماس مع حقوق الطفل المكفولة دستوريا ودوليا، وكون حماية هذه الحقوق جزء لا يتجزأ من التنمية الشاملة وبناء المجتمع الديموقراطي الحديث. وأضاف عبد النباوي في كلمته خلال اللقاء الدراسي حول "زواج القاصر" الذي تنظمه رئاسة النيابة العامة بتعاون مع صندوق الأممالمتحدة للطفولة "اليونسيف"، اليوم الثلاثاء وغدا الأربعاء، بمراكش، أن موضوع زواج القاصر يتميز بتعدد أبعاده الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والدينية ثم القضائية، وأن مكان القاصر الطبيعي هو مقاعد الدراسة والنعيم بحضن الأبوين ودفء الأسرة بعيداً عن تحمل مسؤولية الزواج وما يترتب عنها من تبعات جسام، قد تتفاقم حين تكون الأم طفلة تربي طفلا أنجبته من بطنها أو حين يكون الأب طفلا مسؤولاً عن تربية طفل من صلبه. وأكد عبد النباوي أن الأمر "يقتضي استحضار مختلف هذه الأبعاد، والارتفاع المتزايد لطلبات الإذن بزواج القاصر المقدمة للقضاء، والذي أصبح أمراً مثيراً للقلق"، كاشفا أن عدد الطلبات المقدمة إلى المحاكم سنة 2018 تجاوز 33686 طلب، ما يطرح التساؤل حول المواقف المتخذة حيال هذه الطلبات من قبل مختلف المتدخلين ومن قبل الأجهزة القضائية، ومن بينها النيابة العامة". واستحضر عبد النباوي عمل رئاسة النيابة العامة في اللقاء الذي حضرته، ممثلة صندوق الأممالمتحدة للطفولة، أن عمل رئاسة النيابة العامة على إصدار عدة دوريات من أهمها الدورية رقم 20 المتعلقة بزواج القاصرين التي تم توجيهها لأعضاء النيابة العامة بمختلف محاكم المملكة، من أجل حثهم على ضرورة الحرص على مراعاة المصلحة الفضلى للقاصرين بمناسبة تطبيق مقتضيات مدونة الأسرة، وذلك عبر تقديم الملتمسات والمستنتجات الضرورية، وعدم التردد في معارضة طلبات الزواج التي لا تراعي المصلحة الفضلى للقاصر، فضلا عن جعل جلسات البحث مناسبة لتوعية القاصر بالأضرار التي يمكن أن تترتب عن الزواج المبكر، والاستعانة في ذلك بالمساعدات الاجتماعيات والحرص على الحضور في جميع الجلسات المتعلقة بزواج القاصر. وأبرز عبد النباوي انخراط رئاسة النيابة العامة في التوجه العام للدولة نحو فهم مختلف أبعاد الظاهرة، وإيجاد أنجع السبل للحد منها، موضحا أن رئاسة النيابة العامة تعمل على إعداد دراسة تشخيصية في الموضوع، ينتظر منها تسليط الضوء على الإشكاليات التي تعترض السعي للحد من زواج القاصرات سيما على مستوى التدخل القضائي، كما تتوخى الكشف عن مختلف صور التحايل التي يتم اللجوء إليها لشرعنة الزواج المبكر أو جعله أمرا واقعا وملزما للقرار القضائي. كما تهتم الدراسة، حسب رئيس النيابة العامة، بتحليل ما قد يطرحه الموضوع من تقاطعات قانونية وقضائية مع مواضيع أخرى كالعنف ضد الزوجة أو الطرد من بيت الزوجية وإهمال الأسرة أو الزواج القسري، وغيره من القضايا ذات الصلة بزواج القاصر، وكيفية معالجتها عندما يتعلق الأمر بقاصرات.