قال محمد عبد النباوي، رئيس النيابة العامة، إن «مكان القاصر الطبيعي هو مقاعد الدراسة والنعيم بحضن الأبوين ودفء الأسرة بعيداً عن تحمل مسؤولية الزواج وما يترتب عنها من تبعات جسام، قد تتفاقم حين تكون الأم طفلة تربي طفلا أنجبته من بطنها أو حين يكون الأب طفلا مسؤولاً عن تربية طفل من صلبه». رئيس النيابة العامة، الوكيل العام لدى محكمة النقض، الذي كان يتحدث في افتتاح اللقاء الدراسي حول يتحدث في لقاء حول «زواج القاصر»، المنعقد بمراكش، يومي 29 و30 أكتوبر الجاري، أكد أن مناقشة موضوع زواج القاصرين «يقتضي استحضار الارتفاع المتزايد لطلبات الإذن بزواج القاصر المقدمة للقضاء»، والذي وصفه ب «الأمر المثير للقلق»، حيث «تجاوز عدد الطلبات المقدمة إلى المحاكم سنة 2018، 33686 طلبا». وهو ما يطرح التساؤل - حسب رئيس النيابة العامة - «حول المواقف المتخذة حيال هذه الطلبات من قبل مختلف المتدخلين، ومن قبل الأجهزة القضائية، ومن بينها النيابة العامة»، متسائلا في السياق ذاته: «هل يتعامل القضاة مع هؤلاء القاصرين كأبنائهم وبناتهم، أم كملفات قضائية. وهل راعوا مصلحتهم كما يراعي الآباء مصالح أبنائهم القاصرين، واختاروا لهم ما يؤهلهم لكسب رهانات المستقبل المعقدة، وحافظوا على سلامتهم الجسدية والنفسية، ومكنوهم من الاستمتاع بطفولتهم ومواصلة دراستهم وتكوينهم»... من فعاليات اللقاء حول زواج القاصرين وهي الأسئلة التي أشار رئيس النيابة العامة إلى أن من «سيجيب عنها هو ضمير كل قاضية وقاض مكلف بقضايا الطفولة، ولاسيما الموكل إليهم أمر تزويج القاصرين». كما أكد عبد النباوي أن «رئاسة النيابة العامة عملت على إصدار عدة دوريات، من أهمها الدورية رقم 20 المتعلقة بزواج القاصرين التي تم توجيهها لأعضاء النيابة العامة بمختلف محاكم المملكة، من أجل حثهم على ضرورة الحرص على مراعاة المصلحة الفضلى للقاصرين بمناسبة تطبيق مقتضيات مدونة الأسرة، عبر تقديم الملتمسات والمستنتجات الضرورية، وعدم التردد في معارضة طلبات الزواج التي لا تراعي مصلحة القاصر، وجعل جلسات البحث مناسبة لتوعية القاصر بالأضرار التي يمكن أن تترتب عن الزواج المبكر، والاستعانة في ذلك بالمساعدات الاجتماعيات والحرص على الحضور في جميع الجلسات المتعلقة بزواج القاصر». وهو التوجه الحمائي للقاصرين، الذي دعا رئيس النيابة العامة أعضاءها إلى «التمسك به، والسعي إلى حسن تطبيقه في مهامهم رعيا لمصلحة القاصرين». وفي نفس السياق وانخراطا في التوجه العام للدولة نحو فهم مختلف أبعاد الظاهرة وإيجاد أنجع السبل للحد منها، قال عبد النباوي إن رئاسة النيابة العامة تعمل على «إعداد دراسة تشخيصية في الموضوع، ينتظر منها تسليط الضوء على الإشكاليات التي تعترض السعي للحد من زواج القاصرات، لاسيما على مستوى التدخل القضائي، كما تتوخى الكشف عن مختلف صور التحايل التي يتم اللجوء إليها لشرعنة الزواج المبكر أو جعله أمرا واقعا وملزما للقرار القضائي».