بعدما أعطى الملك محمد السادس في خطابه الأخير، إشارات لتجاوز الأزمة السياسية والدبلوماسية بين المغرب وإسبانيا، والتي دامت لأشهر، بسبب استقبال مدريد لزعيم جبهة "البوليساريو" الانفصالية، بدأ رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، يعد لزيارة المغرب. وقالت صحيفة "الإسبانيول" الإسبانية، نهاية هذا الأسبوع، إن الاستعدادات انطلقت لاستقبال سانشيز في العاصمة الرباط، في زيارة رسمية، ينتظر أن يرافقه فيها وزير داخليته فيرناندو غراندي مارلاسكا، ووزير خارجيته الجديد خوسيه مانويل ألباريس، معلقين الأمل على أن يحظوا باستقبال ملكي في قصر فاس. ورجحت المصادر ذاتها، أن تكون هذه الزيارة المرتقبة لسانشيز، بوابة لاستعادة العلاقات الطبيعية بين البلدين، مستبعدة في الوقت ذاته، أن تتم خلالها مناقشة الاجتماع الثنائي رفيع المستوى الذي يجمع مسؤولي البلدين، والذي جرى تأجيله لمرات عديدة منذ العام الماضي. يشار إلى أنه بعد الخطاب الملكي الأخير، الذي أكد فيه الملك محمد السادس، حرص البلاد على إقامة علاقات قوية مع إسبانيا، تنفست الحكومة الإسبانية الصعداء، ملتقطة الإشارة الملكية الإيجابية لطي الخلاف الذي نشب بين البلدين قبل أربعة أشهر. وفي السياق ذاته، نقلت وسائل إعلام إسبانية، أن حكومة بيدرو سانشيز، انتظرت هذه الإشارة الملكية لأسابيع، وكانت تأمل أن تجد في خطاب الملك في عيد العرش قبل أيام ضالتها، قبل أن تستبشر بالإشارات الملكية القوية في خطاب ذكرى ثورة الملك والشعب . ورحبت كل من إسبانيا والاتحاد الأوربي بما جاء في خطاب الملك محمد السادس، ورغبته في تعزيز العلاقات مع دول الجوار، حيث وجها بدورهما دعوة إلى ترسيخ الروابط مع المملكة بعد ثلاثة أشهر من الأزمة التي اندلعت بين الرباطومدريد، عقب استقبال الأخيرة لزعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي باستخدام هوية مزورة. وكان الملك قد أكد في خطابه بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب، أن المغرب يرغب في "إقامة علاقات قوية، بناءة ومتوازنة، خاصة مع دول الجوار"، متحدثا عن إسبانيا وفرنسا على وجه الخصوص. وخلال مؤتمر صحافي في توريخون دي أردوز، شمال-شرق مدريد، قال رئيس الوزراء الإسباني الاشتراكي بيدرو سانشيز، إنه يود "شكر ملك المغرب على تصريحاته"، فيما كان قادة أوربيون بارزون إلى جانبه بعد زيارتهم مخيما يأوي لاجئين أفغانا جرى إجلاؤهم من كابول. وأضاف رئيس وزراء إسبانيا، "اعتبرنا المغرب حليفا استراتيجيا على الدوام". وقال سانشيز "انطلاقا من الثقة، الاحترام والتعاون، بمقدورنا بناء علاقة أكثر تماسكا من تلك التي جمعتنا إلى الآن". بدوره، قال رئيس المجلس الأوربي شارل ميشال خلال المؤتمر الصحافي نفسه، "نعرب عن ترحيبنا بما قاله ملك المغرب"، مضيفا أن "المغرب شريك لإسبانيا، ولكن أيضا للاتحاد الأوربي". جدير بالذكر أن الملك، كان قد أكد خلال خطابه أن العلاقات بين الرباطومدريد "مرت، في الفترة الأخيرة، بأزمة غير مسبوقة، هزت بشكل قوي، الثقة المتبادلة، وطرحت تساؤلات كثيرة حول مصيرها". وأضاف متحدثا عن بداية حل المشكل، "غير أننا اشتغلنا مع الطرف الإسباني، بكامل الهدوء والوضوح والمسؤولية". وقال الملك إنه وإضافة "إلى الثوابت التقليدية، التي ترتكز عليها، نحرص اليوم، على تعزيزها بالفهم المشترك لمصالح البلدين الجارين". وأكد الملك أنه "تابع شخصيا، وبشكل مباشر، سير الحوار، وتطور المفاوضات" وأضاف، "ولم يكن هدفنا هو الخروج من هذه الأزمة فقط، وإنما أن نجعل منها فرصة لإعادة النظر في الأسس والمحددات، التي تحكم هذه العلاقات. وأضاف "وإننا نتطلع، بكل صدق وتفاؤل، لمواصلة العمل مع الحكومة الإسبانية، ومع رئيسها معالي السيد Pedro Sanchez، من أجل تدشين مرحلة جديدة وغير مسبوقة، في العلاقات بين البلدين، على أساس الثقة والشفافية والاحترام المتبادل، والوفاء بالالتزامات". وزاد الملك قائلا "وهو نفس الالتزام، الذي تقوم عليه علاقات الشراكة والتضامن، بين المغرب وفرنسا، التي تجمعني برئيسها فخامة السيد Emmanuel Macron، روابط متينة من الصداقة والتقدير المتبادل".