مازالت الحسيمة تعرف مواجهات ساخنة بسبب استفادة جمعية من منحة سخية تقدر ب115 مليون سنتيم. وفيما يطالب القادة المحليون لحزب العدالة والتنمية بفتح تحقيق في الموضوع، يؤكد أن رئيس مجلس جهة الحسيمة- تازة- تاونات أن هذا المبلغ الكبير لم يخرج من ميزانية الجهة. مازالت تفاعلات القضية التي كشفها «اليوم 24»، والمتعلقة باستفادة جمعية من منحة 115 مليون سنتيم، ورد اسمها في الحساب الإداري لمجلس جهة الحسيمة-تازة-تاونات-كرسيف، برسم السنة المنصرمة، كجمعية ممنوحة تم ضخ المبلغ المذكور في حسابها ضمن باب المصاريف المخصصة للجمعيات بشكل مثير للجدل. وعلاقة بالموضوع، وبعد الزوبعة التي أثارها الخبر، خرج محمد بودرا، رئيس مجلس الجهة، ليؤكد ما كان قد صرح به ل«اليوم 24»، وقال في هذا السياق إن الدعم الذي حصلت عليه تلك الجمعية لم يخرج من ميزانية الجهة «بل كان دعما من طرف وزارة الداخلية بقيمة 90 مليون سنتيم ووكالة تنمية الأقاليم الشمالية بقيمة 25 مليون سنتيم»، قصد المشاركة في تظاهرتين؛ الأولى في المهرجان الدولي «لبريست» الفرنسية الذي ينظم كل أربع سنوات، ويتعلق الأمر بملتقى للموانئ التاريخية العالمية، «وكان للحسيمة وآسفي شرف تمثيل المغرب، وشاركت الحسيمة بوفد يتكون من أعضاء من المجلس الجهوي وموظفين وفرق فولكلورية وفعاليات جمعوية»، بالإضافة إلى بحارة، كاشفا، في بيان توصلت «أخبار اليوم» بنسخة منه، أن هناك فيديو مصورا «يعبر عن هذه المشاركة»، كما تم بناء مركب تقليدي تاريخي ريفي يسمى «أفالاكو» وقدرت تكلفة بنائه ونقله من الحسيمة إلى فرنسا ب30 مليون سنتيم تقريبا. وأضاف بودرا أن كلامه موثق وموقع في إطار اتفاقية شراكة أبرمت بين معهد بريست وجمعية الصداقة للشعوب الأورو-متوسطية بالحسيمة، أما التظاهرة الثانية فكانت لإعداد الجمع العام السنوي للجمعية الأورومتوسطية (ARLEM) الذي انعقد بمدينة الرباط سنة 2012، والذي «تشرفت جهتنا بترؤسه وتمثيل المغرب على الصعيد الأورومتوسطي»، مبررا ورود المبلغ في الحساب الإداري بأن الدعم مر عن طريق الجهة ولكن بإمكانيات الشريكين المذكورين. «البيجيدي»، وعلى لسان كاتبه الإقليمي نبيل الأندلسي، اعتبر كلام بودرا ومبرراته مجرد «إدعاءات ومغالطات»، وكشف، في تصريح ل« اليوم 24»، أن الأمر يتعلق بمحاولة ل«خلط الأوراق» بدل إجابة الرأي العام عن سؤال جوهري متعلق بدعم 115 مليون سنتيم الذي حصلت عليه جمعية غير معروفة تسمى «جمعية الصداقة بين شعوب البحر الأبيض المتوسط بالحسيمة»، وفق ما هو موثق في محضر اجتماع المجلس الجهوي لجهة تازة-الحسيمة-تاونات في دورته العادية الأولى برسم سنة 2013، وليس جمعية الصداقة للشعوب الأورومتوسطية، كما ورد على لسان رئيس الجهة». وقال الأندلسي إنهم في الكتابة الإقليمية لحزب العدالة والتنمية بالحسيمة «متشبثون بمطلب إيفاد لجنة للتحقيق في آلية صرف المال العام عموما»، وما حكاية 115 مليون سنتيم إلا نقطة في الوادي الذي يجرف أخضر الريف ويابسه عبر استعمال خطاب أصيل ومعاصر «ظاهره فيه الرحمة وباطنه فيه العذاب». ولكي «لا تتم مغالطة الرأي العام» بادعاء أن الداخلية هي الجهة المانحة وليس المجلس الجهوي، «نطرح التساؤل كيف تم صرف هذه المنحة من ميزانية التسيير للجهة، خاصةً وأنها لم تكن مدرجة لا في الحسابات الخصوصية ولا مرصودة لأمور خصوصية، لا تندرج حتى في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، فمن أين أتى هذا المبلغ إن لم يكن من ميزانية المجلس الجهوي؟ ونحن في الكتابة الإقليمية قدمنا دليلنا على ما نقول، وعلى الطرف الأخر أن يظهر حججه على ما يقول، وعلى وزارة الداخلية والمؤسسات المكلفة بالتدقيق أن تتدخل بشكل استعجالي وتوقف نزيف المال العام، لأننا نحب هذا الوطن وهذا الريف الشامخ، وسنظل نردد اللهم إن هذا منكر»، وفق ما صرح به الأندلسي.