تسببت عرقلة حركة النقل البري في معبر الكركارات الحدودي بين المغرب، وموريتانيا، في أزمة داخل موريتانيا، بسبب توقف إمدادات الطعام، ومواد حيوية، انتقلت إلى نقاش حاد، وانقسام داخل مكونات عدد من الأوساط السياسية، من بينها الإسلاميون. وخرج عدد من القيادات في حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية الإسلامي "تواصل"، للتضامن مع فئات الشعب الموريتاني المتضررة من الأزمة، ومهاجمة قيادة الجبهة الانفصالية لتسببها في أزمة إنسانية في الجارة الجنوبية. وفي السياق ذاته، انتقدت النائبة الموريتانية عن "تواصل"، زينب التقي، منذ بداية الأزمة، عرقلة الجبهة الانفصالية للحركة على مستوى الكركارات، وكتبت تدوينة، قالت فيها إن "محاصرة البضائع الصادرة إلى موريتانيا تصرف دنيئ دأبت عليه البوليساريو". التقي طالبت كذلك بتدخل موريتانيا، وخروجها بموقف واضح من أزمة الكركارات دفاعا عن المواطنين الموريتانيين، وقالت إن "المواطن يعاني أزمة نفاد التموين، وغلاء الأسعار، والحكومة تواصل دفن رأسها في الرمال، هل عدمت وسيلة ضغط ورد الإضرار بإضرار مثله، أنها لم تدرك بعد أنها مسؤولة". محمد غلام الحاج الشيخ، واحد من أبرز وجوه الإسلاميين في موريتانيا، والذي شغل في وقت سابق منصب نائب رئيس البرلمان الموريتاني باسم "تواصل"، انتقد من جانبه صمت الحكومة الموريتانية على ما وصفه بالعبث في الكركارات، وقال: "من العجب العجاب صمت الحكومة عن العبث في حدودنا الشمالية مع المعبر المغربي، تلك الحدود، التي تمثل شريان حياة المواطنين الموريتانيين، الذين يعانون الآن الانقطاع شبه الكامل ليس للخضروات، والفواكه فقط، ولكن، أيضا، لكثير من المواد، التي تتعلق بالتصنيع الداخلي، والتغليف، وغيرها من الضروريات، كما أخبرني بذلك بعض أهل السوق، الذين يشتكون من الصمت المطبق للحكومة، والأحزاب، وأهل الرأي". من الجانب الآخر، رفض القيادي المعروف في "تواصل"، محمد جميل منصور، استصدار مواقف واضحة من قضية الكركارات على الرغم مما خلفته عرقلة الانفصاليين على الأسواق الموريتانية بحجة "الحياد الإيجابي"، وقال: "هذا التسابق من بعض الكتاب لإظهار دعم هذا الطرف، أو ذاك في أزمة الصحراء الغربية، لا يليق بأهل الرأي والتوازن". جميل منصور، على الرغم من أنه من أكثر إسلاميي موريتانيا قربا من إسلاميي المغرب، رفض التعبير عن موقف واضح من الأزمة وقال: "نحن هنا لا يناسبنا، ولا نستطيع إلا الحياد الإيجابي، أو عدم الانحياز، الذي يحرص أصحابه، ويساعدون على التوصل إلى توافق ينهي هذا النزاع، أما الزيادة على ذلك يسارا أو يمينا فتتجاهل دروس الماضي، وإكراهات الجغرافيا السياسية، والمصالح القومية لبلد حكم عليه الموقع أن لا يكون إلا محايدا". انقسام إسلاميي موريتانيا أمام أزمة الكركارات، يأتي بعد سنة بالضبط، من أزمة خلفها استقبال قيادتهم لقيادة الجبهة الانفصالية في نواكشوط، وكان الحادث الفاصل الذي تسبب في قطع علاقتهم مع حزب العدالة ولتنمية منهيا قربا تاريخيا بين الحزبين. حزب العدالة والتنمية كان قد استغرب، في نونبر من العام الماضي، من استضافة محمد محمود ولد سيدي، رئيس حزب "تواصل" لقيادي في الجبهة الانفصالية، واعتبر أن الخطوة لا تنسجم سياقيا مع العلاقات التاريخية بين الحزبين، وعبر عن أمله في أن تقوم قيادة "تواصل" بتصحيح ما ينبغي تصحيحه، إلا أن هذه الأخيرة تشبثت بموقفها.