في الوقت الذي تقود فيه وزارة الداخلية المواجهة ضد وباء "كورونا" والحد من تداعياته الاقتصادية والاجتماعية، تعيش الإدارة الترابية بالرحامنة أزمة داخلية حادة، فقد أصدر عامل الإقليم نفسه، عزيز بوينيان، زوال الاثنين المنصرم، قرارا إداريا تأديبيا قضى بإعفاء قائد الملحقة الإدارية الثالثة من مهامه وإلحاقه بدون مهمة بمقر العمالة، وهو القرار الذي رفض القائد المذكور تنفيذه، في انتظار أن تفتح المصالح المركزية بوزارة الداخلية بحثا إداريا في شأن اتهامه للعامل بتعريضه للسب والشتم بألفاظ بذيئة. واستنادا إلى مصادر مطلعة، فلم تقتصر الاتهامات الموجهة للعامل ب"الإساءة اللفظية" على قائد الملحقة الإدارية الثالثة لوحده، بل إن رجال سلطة آخرين، بينهم باشا ابن جرير وخليفة قائد بالمدينة عينها وقيّاد بجماعات مجاورة، يشتكون من أنه، وفي كل مرة يتحفظون فيها عن تنفيذ أوامر العامل إليهم بتلقي التعليمات من عون سلطة مقرّب منه، يخرج حديثه معهم عن سياق التأنيب والانتقاد العادي بين رئيس ومرؤوسيه، وهو ما ضاقوا به ذرعا ليضطروا إلى توجيه شكايات إلى وزارة الداخلية والانتقال إلى مقرها بالرباط مشتكين مما يعتبرونه "إساءات يتعرضون لها من طرف عامل الرحامنة". ولم يتسن تأكيد هذه المزاعم، فقد ووجهت طلبات حصولنا على توضيحات بالرفض. وحسب المصادر نفسها، فإن الخلاف بين العامل وبعض رجال السلطة بالرحامنة تفجّر تزامنا مع الاحتجاجات ضد "الاختلالات التي تشوب تشغيل العمال بأوراش المشروع الملكي "المدينة الخضراء/محمد السادس" بابن جرير، خلال يومي الجمعة والاثنين المنصرمين (18 و21 شتنبر الجاري) وأول أمس الأربعاء، إذ طالب العامل رجال السلطة بأن يتدخلوا لفضّ هذه التظاهرات بأي طريقة، وهو ما رفضه بعضهم، معللين ذلك بأنهم سبق وأن وجّهوا له تقارير تكشف عما اعتبروه "تجاوزات تعرفها عملية إدماج العمال بأوراش المدينة الخضراء"، وتحذر من مغبة تطور الغضب المتصاعد إلى احتجاجات، وهي التقارير التي أكدت مصادرنا بأن العامل لم يأخذها على محمل الجد. وتابعت المصادر ذاتها، بأن العامل لم يستسغ رد فعل بعض رجال السلطة، فما كان منه إلا أن أصدر، توّا، قرارا مكتوبا بإعفاء قائد الملحقة الإدارية الثالثة من مهامه، بدون الرجوع إلى وزارة الداخلية، ودون إبداء التعليلات القانونية، وهو القرار الذي قالت مصادرنا بأن المسؤول المعني به اعتبره "مشوبا بالتجاوز في استعمال السلطة لعدم تعليله وعدم ارتكازه على سبب يبرره"، مستغربا من أن يصدر قرار عاملي بإعفاء قائد حاصل على شهادة ماجستير وخريج المعهد الملكي للإدارة الترابية، بسبب تحفظه على تنفيذ أمر من العامل بتلقي التعليمات من عون سلطة برتبة مقدم حضري لا يتجاوز مستواه التعليمي الرابعة إعدادي. يشار إلى أنه، وفي الوقت الذي طالبت فيه هيئات حقوقية بفتح بحث إداري وتحقيق أمني في شأن "اتهامات بالشطط في استعمال السلطة وانتحال عون سلطة لصفة ضابط شرطة قضائية خلال مراقبة الالتزام بالحجر الصحي بابن جرير"، وجّه عامل الرحامنة رسالة إلى وزارة الداخلية، مؤخرا، يقترح فيها ترقية عون السلطة نفسه، من مقدم حضري إلى شيخ حضري، رغم أنه لا يتوفر على سنوات الأقدمية، ناهيك عن أنه هو البطل المفترض لفيديو ظهر على مواقع التواصل الاجتماعي، خلال فترة الحجر الصحي، يوثق عملية فضّ تجمهر أمام الملحقة الإدارية الثانية بابن جرير لمواطنين مطالبين بالمساعدات الغذائية، ويُسمع فيه صوت شخص يأمر المواطنين بإخلاء المكان، ويطالب آخرين بالرخص الاستثنائية للتنقل، ويعطي التعليمات للشرطة والقوات المساعدة بتوقيف بعض المواطنين واقتيادهم إلى سيارة شرطة مركونة أمام مقر الملحقة الإدارية، قبل أن يُظهر صاحب الصوت حماسة وصلت حد إعطاء أوامر صارمة للقوات العمومية بأن يعتقلوا شخصا وتقديمه أمام العدالة، صارخا فيهم: "طلّع مّو"... وحسب مصادر مسؤولة، فإن عون السلطة الذي تسبب في إشعال فتيل الخلاف بين عامل الرحامنة وبعض رجال السلطة بها، لم يمض على تعيينه سوى أقل من خمس سنوات، وهو ما لا يؤهله لأن يكون موضوع أي قرار بالترقية، بسبب انتفاء شرط أقدمية عشر سنوات.