في الوقت الذي طالبت فيه هيئات حقوقية بفتح بحث إداري وتحقيق أمني في شأن "اتهامات بالشطط في استعمال السلطة وانتحال صفة ضابط شرطة قضائية خلال مراقبة الالتزام بالحجر الصحي بابن جرير"، وجّه عامل إقليم الرحامنة رسالة إلى وزارة الداخلية، مؤخرا، يقترح فيها ترقية عون سلطة من مقدم حضري إلى شيخ حضري، رغم أنه لا يتوفر على سنوات الأقدمية، ناهيك عن أنه هو البطل المفترض لفيديو ظهر على مواقع التواصل الاجتماعي، خلال فترة الحجر الصحي، يوثق عملية فضّ تجمهر أمام الملحقة الإدارية الثانية بابن جرير لمواطنين مطالبين بالمساعدات الغذائية، ويُسمع فيه صوت شخص يأمر المواطنين بإخلاء المكان، ويطالب آخرين بالرخص الاستثنائية للتنقل، ويعطي التعليمات للشرطة والقوات المساعدة بتوقيف بعض المواطنين واقتيادهم إلى سيارة شرطة مركونة أمام مقر الملحقة الإدارية، قبل أن يُظهر صاحب الصوت حماسة وصلت حد إعطاء أوامر صارمة للقوات العمومية بأن يعتقلوا شخصا وتقديمه أمام العدالة، صارخا فيهم: "طلّع مّو"... مسؤول رفيع بعمالة الرحامنة أكد بأن السلطات اقترحت على وزارة الداخلية ترقية استثنائية لعون السلطة المذكور، موضحا بأن المصالح المختصة في العمالة سبق لها أن فتحت بحثا إداريا في شأن الفيديو، خلصت فيه إلى أن العون لم يرتكب أخطاءً مهنية جسيمة تستوجب اتخاذ قرار إداري تأديبي في حقه، وأنها اكتفت، فقط، بتوجيه تعليمات إليه بعدم ارتكاب تلك الأفعال، مرة أخرى، بعدما أخذت بعين الاعتبار المجهودات الكبيرة التي قال إنه يقوم بها كعون سلطة. في المقابل، أكدت مصادر مطلعة بأن عون السلطة لم تمض على تعيينه سوى أقل من خمس سنوات، وهو ما لا يؤهله لأن يكون موضوع أي قرار بالترقية، بسبب انتفاء شرط أقدمية عشر سنوات، مشيرة إلى أن أكثر من 10 أعوان سلطة بمدينة ابن جرير، لوحدها، لم تجر ترقيتهم، بمن فيهم حاملو الرسائل الملكية، رغم توفرهم على جميع الشروط الإدارية والمهنية. واستدلت مصادرنا على المنزلة الخاصة التي يحظى بها عون السلطة لدى عامل الإقليم، بأن هذا الأخير يكلفه بمهام أكبر من منصبه، إذ إن العون هو من كان مفوضا إليه الإشراف على تشغيل العمال بأوراش "المدينة الخضراء"، كما أنه يستقبله بمكتبه، بشكل منتظم، ويُجلسه بجانبه في سيارته الوظيفية خلال جولاته بالمدينة، ويشيد، خلال الاجتماعات الرسمية بمقر العمالة الرحامنة، بالجهود التي يبذلها هذا العون، الذي تشير المصادر ذاتها إلى أنه أصبح يستغل قربه من العامل ويترأس الاجتماعات الرسمية في حضور رجال السلطة، خاصة بالملحقتين الإداريتين الأولى والثانية، وينتقل إلى الحواجز الأمنية بمداخل المدينة. وحسب مصادرنا، فقد كان عون السلطة يرتدي زيا نظاميا ميدانيا، طيلة الأسابيع الأولى بعد إقرار حالة الطوارئ الصحية، شبيها بالزي النظامي الذي يرتديه رجال السلطة، بل إنه، ورغم كونه مقدما حضريا، فقد كان ينتقل لمراكز جماعات أخرى بالإقليم لمراقبة الالتزام بالحجر الصحي، خاصة خلال انعقاد الأسواق الأسبوعية فيها. وتساءلت المصادر ذاتها عن السر الكامن وراء هذه المعاملة التفضيلية التي يتمتع بها هذا العون، في الوقت الذي لم تتفاعل فيه السلطات الإقليمية والمحلية مع مطالب ساكنة دوار "الركَيبات الواد" بجماعة "بوشان"، بمراسلة النيابة العامة من أجل فتح بحث قضائي تمهيدي في شأن الاعتداء الجسدي الذي تعرّض له عون سلطة بمركز الجماعة نفسها، صباح اليوم الأول من إقرار حالة الطوارئ الصحية، متهمين عضوا بالمجلس الإقليمي للرحامنة وابن رئيس مجلس جماعي بالوقوف وراء هذا الاعتداء. وكان الفرع المحلي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان وجّه رسالة إلى عامل الإقليم، في وقت سابق، ندد فيها بما اعتبره "تجاوزات" صادرة من طرف عون سلطة بابن جرير، سواء خلال عملية تنظيم السلطة المحلية للأسواق الشعبية أو خلال تجمهر مواطنين أمام الملحقة الإدارية الثانية للاستفسار عن إقصائهم من لوائح الدعم بالمواد الغذائية المقدمة، خلال شهر رمضان المنصرم، موضحا بأن عون السلطة لم يكتف بتعنيف المواطنين لفظيا، دون مراعاة لسنهم، إذ إن أغلبيتهم نساء متقدمات في السن، بل أمر القوات المساعدة باعتقال مواطنين، كما لو أنه يتوفر على الصفة الضبطية، التي تخول له الصلاحية القانونية للقيام بهذا الإجراء. وطالبت الجمعية من عامل الإقليم بوضع حد لكل الممارسات التي تهين كرامة المواطنين وتعرضهم للمعاملة القاسية والمهينة، مذكّرة إياه بأنه سبق لها أن عزت، في بلاغ سابق، "أسباب الارتباك الذي شاب عملية توزيع المواد الغذائية بحي "الشعيبات" وحي "التقدم" إلى عدم تحيين لوائح المستفيدين، ناهيك عن بعض التصرفات الخارجة عن الضوابط القانونية، والتي من شأنها أن تُربك ضوابط الحجر الصحي، باعتباره ضمانة أساسية للوقاية من الجائحة".