تزامنا مع البحث الإداري الذي أمر والي مراكش، كريم قاسي لحلو، بفتحه على خلفية المسيرة الاحتجاجية التي تم تنظيمها، مؤخرا، بمنطقة “عين يطي”، للمطالبة بالمساعدات الغذائية المخصصة للأسر المعوزة؛ تتصاعد مطالب الهيئات السياسية والحقوقية بإعمال الشفافية في توزيع هذه المساعدات على مستحقيها، وعدم استغلال العملية في أغراض انتخابوية. فقد اعتبر المكتب الجهوي للحزب الاشتراكي الموحد بجهة مراكشآسفي، “الاحتقانات الشعبية في بعض الجماعات بالجهة”، “فشلا للسلطات المحلية في تدبير عمليات الدعم الموجهة للأسر المعوزة والمتضررة من جائحة كوفيد-19″، وسجل الحزب، في بيان أصدره مؤخرا، ما اعتبره “سوء تدبير ومحسوبية واستغلال بعض رؤساء الجماعات، بتواطؤ مع أعوان السلطة، العملية للقيام بحملات انتخابية، أو للانتقام من بعض الساكنة”. واستدل الحزب على ذلك بالتظاهرة التي عرفتها جماعة “سيدي الزوين”، التابعة إداريا لعمالة مراكش، حيث خرج المواطنون، بتاريخ الخميس 30 أبريل الماضي، بشكل عفوي وتلقائي للتعبير عن غضبهم جرّاء إقصائهم من حقهم المشروع في المساعدات الغذائية ومطالبين بالشفافية في توزيعها، غير أن البيان قال إن “السلطة، وبدل الاستجابة الفورية لمطالب المحتجين وفتح حوار معهم، اعتقلت اثنين منهم كانا بصدد إعداد عريضة احتجاجية”. ولم يكن الوضع أفضل حالا بكل من قيادتي “بور المنابهة” و”حربيل”، التابعتين للعمالة نفسها، فقد عرفت العديد من الدواوير حالة من الغليان والاحتقان بسبب الإقصاء وسوء تدبير عمليات توزيع الدعم المرصودة للفئات الهشة والفقيرة، إذ تظاهر العشرات من المواطنون سلميا أمام مقر القيادتين، للاستفسار عن مآل المساعدات والمعايير المتبعة في إعداد لوائح المستفيدين منها، بيد أن بيان الحزب قال إن هذه الاحتجاجات “ووجهت، أحيانا، بالاعتداء والتنكيل ببعض المواطنين”. أما بجماعة “المزوضية”، التابعة لإقليم شيشاوة ، فقد أشار البيان إلى ما اعتبره “اختلالات شابت توزيع المساعدات المقدمة من طرف إحدى الشركات المستغلة للمقالع بالجماعة”، موضحا أنه، وعوض أن تجد هذه المساعدات طريقها إلى الفئات الفقيرة، جرى استغلال عملية التوزيع في تصفية حسابات انتخابية مع جزء من الساكنة، عبر إقصائها من الاستفادة من هذه المساعدات. وأدان المكتب الجهوي للحزب الاشتراكي الموحد بمراكش “هذه الممارسات الانتهازية”، محذرا مما قد تتسبب فيه من تعريض سلامة المواطنين للخطر، خاصة في هذه الظروف الصحية الاستثنائية، ومطالبا بالتدخل العاجل من طرف المسؤولين الجهويين والمركزيين لوضع حد للممارسات المذكورة، ومحاسبة كل مقترفيها، وتمكين المواطنين المستحقين للدعم من هذه المساعدات، دون تمييز، مع حفظ حقهم في العيش الكريم، والامتناع عن تعريضهم لممارسات قمعية كلما خرجوا للمطالبة بحق مشروع أو الاحتجاج ضد الشطط في تدبير الشأن العام، وداعيا إلى تضافر كل الجهود، رسمية وشعبية، من أجل تجاوز الجائحة واستثمار دروسها في إقرار ديمقراطية حقة، تضمن الحرية والكرامة والمساواة والعدالة الاجتماعية. من جهته، أشار فرع “المنارة” للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إلى اضطرار شريحة واسعة من السكان إلى خرق إجراءات الحجر الصحي وحالة الطوارئ الصحية، في ظل الحاجة الاجتماعية والمعاناة المتفاقمة لهذه الفئات الفقيرة، وغياب مورد قار للعيش وشح إمكانيات التزود بأبسط الحاجيات الضرورية للمعيشة، وهو ما قال بيان صادر عن الفرع، مؤخرا، إنه يضطر المواطنات والمواطنين إلى التكسير القسري للحجر الصحي، طلبا للمساعدة وبحثا عمّا يقيهم من العوز والفاقة، إذ وصل الأمر إلى حد تنظيم احتجاجات عفوية من طرف العديد من السكان في مناطق متفرقة بعمالة مراكش، من قبيل جماعات: “سيدي الزوين”، و”السويهلة”، و”سْعادة”، و”تسلطانت”، ومنطقة “عين يطي”، بمقاطعة النخيل، وبمقاطعة “سيدي يوسف بنعلي”… للمطالبة بحقهم في الدعم الاجتماعي والمساعدات الغذائية الموزعة تحت إشراف السلطات المحلية. وإذا كانت الجمعية أشارت إلى الحديث عن تخصيص جهة مراكشآسفي ل 16 مليون درهم و المجلس الجماعي ل 15 مليون درهم سنتيم للمساعدات الغذائية (قفف رمضان)، فضلا عن الاعتمادات المرصودة من طرف معظم الجماعات الترابية، فإنها سجلت ما اعتبرته “إقصاءً لفئات واسعة من هذه المساعدات”. كما سجلت إقصاء فئات واسعة من مستحقي الدعم المالي، في إطار الصندوق الخاص بتدبير جائحة “كورونا”، خاصة النساء الأرامل والمطلقات، والعاملات والعمال في بعض القطاعات، التي يُفترض أن تكون مهيكلة، “غير أن العديد من المقاولات والمؤسسات في هذه القطاعات اعتمدت التشغيل بدون احترام حقوق العاملات والعمال والتصريح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والذين لم يتمكنوا من الاستفادة لا من الدعم المخصص لحاملي بطاقة “راميد” ولا من الدعم المادي المخصص للشغيلة من صندوق كورونا”، يضيف بيان الجمعية، التي استدلت على ذلك بعاملات وعمال المقاهي والمطاعم والعلب الليلية والمنتزهات السياحية والقاعات الرياضة… الذين تقول إنهم لم يكونوا يستفيدون من أية تغطية اجتماعية أو صحية. وطالبت الجمعية السلطات المحلية بفتح قنوات للتواصل مع المواطنين، عبر إبداع آليات لذلك، عوض اللجوء إلى إغلاق الملحقات الإدارية ورفض الاستماع إلى التظلمات والاستجابة للمطالب. أما بإقليم الرحامنة، فقد نُظّمت وقفة احتجاجية أمام مقر العمالة، مؤخرا، من طرف حوالي 200 عامل في أوراش “المدينة الخضراء” بابن جرير، للمطالبة بالاستفادة من الدعم المادي في إطار صندوق “كورونا”، لافتين إلى أن العديد من المقاولات التي كانوا يعملون فيها لم تكن تصرّح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. كما نظم العشرات من السكان مسيرات احتجاجية، مؤخرا، بابن جرير، خاصة بحي “التقدم” (دوار اسحيتة)، للمطالبة بالاستفادة من المساعدات الغذائية، والتنديد بما اعتبروه “غيابا للشفافية في إعداد لوائح المستفيدين من قفف رمضان”، ولشجب ما وصفوه ب”الخلفيات الانتخابوية التي تحكمت في العملية”، في الوقت الذي نفى فيه مصدر من داخل المجلس الجماعي الاتهامات السابقة. وبالإقليم نفسه، وجّه المرصد المغربي لمحاربة الرشوة وحماية المال العام شكاية إلى قائد “بوشان”، مؤخرا، طالب فيها بفتح تحقيق عاجل في ما اعتبره “اختلالات شابت عملية توزيع المساعدات الغذائية بالجماعة القروية بوشان”، و”حرمان شريحة عريضة من ساكنة المنطقة المحتاجة لهذه المساعدات”، ناهيك عما وصفته الشكاية ب “محاولة استغلال العملية في حملة انتخابية سابقة لأوانها”. وبإقليم قلعة السراغنة المجاور، دعا المكتب الإقليمي لحزب الاستقلال الجهات المسؤولة إلى تيسير إمكانيات التظلم والمواكبة، وبحث آليات النظر في شكايات المواطنات والمواطنين، الذين قدموا طلبات الاستفادة من الدعم الذي يخصصه الصندوق المحدث لهذا الغرض دون أن يتمكنوا من ذلك. وثمّن الحزب، في بلاغ أصدره عقب اجتماع عقده أعضاء بمكتبه الإقليمي، الخميس الفارط (7 ماي الجاري) مع مسؤولين من عمالة الإقليم، التفاعل الإيجابي للسلطات الإقليمية مع مطالبهم الترافعية، في إطار بحث الإجراءات التي من شأنها الموازنة بين ضمان التقيد بالتدابير الوقائية والاحترازية لمنع انتشار فيروس “كورونا” من جهة، واستئناف عمل بعض القطاعات الإنتاجية والخدماتية والحرفية الأساسية من جهة ثانية، مع ضمان سلامة المهنيين والأجراء العاملين بها.