الاتهامات بالشطط في استعمال السلطة خلال مراقبة الالتزام بالحجر الصحي تعود إلى الواجهة مجددا، فقد ظهر فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، مؤخرا، يوثق عملية فضّ تجمهر أمام الملحقة الإدارية الثانية بابن جرير لمواطنين مطالبين بالمساعدات الغذائية، ويُسمع فيه صوت شخص يأمر المواطنين بإخلاء المكان، ويطالب آخرين بالرخص الاستثنائية للتنقل، ويعطي التعليمات للشرطة والقوات المساعدة بتوقيف بعض المواطنين واقتيادهم إلى سيارة شرطة مركونة أمام مقر الملحقة الإدارية، قبل أن يُظهر صاحب الصوت حماسة وصلت حد إعطاء أوامر صارمة للقوات العمومية بأن يعتقلوا شخصا وتقديمه أمام العدالة، صارخا فيهم: “طلّع مّو”… ولم تكد تمر سوى ساعات قليلة حتى تم الكشف عن هوية البطل المفترض للشريط المثير للجدل، فقد وجّه الفرع المحلي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان رسالة إلى عامل الإقليم، الثلاثاء المنصرم، ندد فيها بما اعتبره “تجاوزات” صادرة من طرف عون سلطة بابن جرير، سواء خلال عملية تنظيم السلطة المحلية للأسواق الشعبية أو خلال تجمهر مواطنين أمام الملحقة الإدارية الثانية، الاثنين الفارط، للاستفسار عن إقصائهم من لوائح الدعم بالمواد الغذائية المقدمة خلال الشهر الفضيل، موضحا بأن عون السلطة لم يكتف بتعنيف المواطنين لفظيا، دون مراعاة سنهم، إذ إن أغلبيتهم نساء متقدمات في السن، بل أمر القوات المساعدة باعتقال مواطنين، كما لو أنه يتوفر على الصفة الضبطية، التي تخول له الصلاحية القانونية للقيام بهذا الإجراء. وطالبت الجمعية من عامل الإقليم بوضع حد لكل الممارسات التي تهين كرامة المواطنين وتعرضهم للمعاملة القاسية والمهينة، مذكّرة إياه بأنه سبق لها أن عزت، في بلاغ سابق، “أسباب الارتباك الذي شاب عملية توزيع المواد الغذائية بحي “الشعيبات” وحي “التقدم”، إلى عدم تحيين لوائح المستفيدين، ناهيك عن بعض التصرفات الخارجة عن الضوابط القانونية، والتي من شأنها أن تربك ضوابط الحجر الصحي، باعتباره ضامنة أساسية للوقاية من الجائحة”. واستنادا إلى مصادر مطلعة، فإن عون السلطة، موضوع شكاية الجمعية الحقوقية، يتمتع بحظوة خاصة لدى عامل الإقليم، مستدلة على ذلك بأنه وضع رهن تصرفه سيارة مصلحة، من نوع “كونغو”، تابعة لعمالة الإقليم، في الوقت الذي لا يتوفر فيه العديد من رجال السلطة بالإقليم (خلائف القياد) على سيارات المصلحة، أما باقي أعوان السلطة فمعظم يتنقلون بالدراجات النارية الموضوعة تحت تصرفهم والتي أصبحت متهالكة. واستدلت المصادر نفسها على المنزلة الخاصة التي يحظى بها عون السلطة المذكور لدى عامل الإقليم، بأن هذا الأخير أشاد، خلال اجتماع رسمي احتضنه، مؤخرا، مقر عمالة الرحامنة، بالجهود التي يبذلها هذا العون، الذي تم توظيفه، قبل حوالي أربع سنوات، في عهد العامل السابق للإقليم. وحسب مصادرنا، فقد كان عون السلطة، وهو برتبة مقدم حضري، يرتدي زيا نظاميا ميدانيا، طيلة الأسابيع الأولى بعد إقرار حالة الطوارئ الصحية، شبيها بالزي النظامي الذي يرتديه رجال السلطة، وتساءلت مصادرنا عن السر الكامن وراء هذه المعاملة التفضيلية التي يتمتع بها هذا العون، في الوقت الذي لم تتفاعل فيه السلطات الإقليمية والمحلية مع مطالب ساكنة دوار “الركَيبات الواد” بجماعة “بوشان”، بفتح تحقيق في شأن الاعتداء الجسدي الذي تعرّض له عون سلطة بمركز الجماعة نفسها، صباح اليوم الأول من إقرار حالة الطوارئ الصحية، متهمين عضوا بالمجلس الإقليمي للرحامنة وابن رئيس مجلس جماعي بالوقوف وراء هذا الاعتداء. يشار إلى أن العديد من المتتبعين للشأن المحلي بالإقليم، اعتبروا “تجاوزات” بطل الشريط لا تخرج عن سياق ما اعتبروه “اختلالات” أخرى يعيشها الإقليم، خلال أزمة “كورونا”، مستدلين على ذلك بما وصفوها ب”الخروقات” التي شابت توزيع المساعدات الغذائية، إذ تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي شريطا لسيارة جماعة تنقل مواد غذائية خارج مجالها الترابي، كما يجري حديث عن قيام مستشارين جماعيين بتوزيع المساعدات الغذائية، في خرق للتعليمات الصارمة لوزير الداخلية بإبعاد المنتخبين عن هذه المهمة واكتفائهم بالتنسيق مع السلطات المحلية، وهو ما دفع العشرات من السكان إلى تنظيم تظاهرات، كما حدث بحي “التقدم” (دوار اسحيتة) بابن جرير، للمطالبة بالاستفادة من المساعدات الغذائية، وللتنديد بما اعتبروه “غيابا للشفافية في إعداد لوائح المستفيدين من قفف رمضان”، ولشجب ما وصفوها ب”الخلفيات الانتخابوية التي تحكمت في العملية”. هذا واتصلت “أخبار اليوم” بعون السلطة لإبداء وجهة نظره في الموضوع، غير أنه لم يرد على اتصالاتنا الهاتفية، كما وجهت الجريدة رسالة نصية إلى مسؤول بعمالة الإقليم طرحت عليه فيها سؤالا حول هل تم فتح بحث إداري في شأن قضية عون السلطة، موضوع رسالة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان الموجهة إلى عامل الرحامنة؟ غير أنها لم تتلق منه أي جواب.