دخلت العلاقة بين أولياء أمور تلاميذ عدد من المؤسسات التعليمية والمدارس الخاصة، وبين أربابها ومسؤوليها الإداريين، في مدينة طنجة، نفقا مسدودا، عقب تمسك كل طرف برأيه وموقفه بخصوص تدبير مرحلة “الفراغ” التي صاحبت وقف الدراسة الحضورية، منذ قرار وزارة التربية الوطنية، بداية شهر مارس الماضي، تعليق الدراسة بكافة المستويات في إطار التدابير الاحترازية للتصدي لتفشي الجائحة. وتحول محيط مؤسسات تعليمية خاصة إلى ساحات احتجاج شبه يومي للأسبوع الثالث على التوالي؛ فبعدما تمسك مسؤولوها الإداريون بأداء الأقساط الشهرية كاملة بالنسبة لأولياء التلاميذ الذين لم يتضرروا سلبا من التبعات الاقتصادية للجائحة، وبادرت مؤسسات أخرى إلى إيجاد توافقات وتسويات حسب وضعية كل ولي التلميذ، فإن الآباء والأمهات تكتلوا في معسكر مضاد لفرض شروط تعاقدية جديدة تأخذ بعين الاعتبار متغيرات الواقع المتسم بالأزمة. وقد أدخل الفراغ القانوني طرفي النزاع في متاهة وتصعيد متبادل، وصل حد تقاذف الاتهامات والشتائم، ونعوت ب “الجشع” من هذا الطرف، و ب “الجهل” من الطرف الآخر، وأدى إلى احتقان غير مسبوق في الأوساط التربوية، ذلك أن النظام الأساسي المنظم للتعليم الخصوصي في البلد، وهو القانون رقم 06,00، يتحدث في أحكامه عن الشروط العامة لالتزامات المستثمر في مجال التربية والتكوين، ومعايير التجهيز والتأطير والبرامج والمناهج المقررة والتدابير البيداغوجية الصرفة، ولم يتدخل في مسألة الأداءات الشهرية والسنوية. ونتيجة لهذا الاحتقان، استغل بعض آباء وأمهات التلاميذ المناسبة لإثارة مسائل التهرب الضريبي، وغلاء اشتراكات التأمين السنوية، وعدم احترام المعايير والضوابط الصحية المعتمدة في بعض المدارس، لكن مصادر من هيئة تسيير إحدى المؤسسات التعليمية الحرة قالت ل “أخبار اليوم”، إن أولياء الأمور قبلوا بالتعايش مع ما يصفونه ب “الخروقات”، فهل ظهرت هذه التجاوزات على السطح فجأة دون سابق علم؟ تتساءل نفس المصادر. أما أحد أرباب هذه المدارس الخاصة، فصارح مخاطبيه من أولياء أمور التلاميذ في تسجيل صوتي بث عبر مجموعة مغلقة عبر تطبيق التراسل الفوري “واتساب” قائلا: “على أولياء أمور التلاميذ أن يفهموا أنني مقاولة خاصة ربحية في مجال التربية والتعليم، أبحث عن الأرباح وهذا من حقي، ومن حقي أن أحدد سعر الأقساط الشهرية التي أقدر أنها تناسب العرض المدرسي والتربوي الذي تقدمه المؤسسة للتلاميذ، ومن حقنا التوسع في زيادة مدارس أخرى وما المانع، ولا حق لوزارة أمزازي للتدخل في عملنا”، يقول مدير إحدى المؤسسات الحرة في التسجيل الذي تحتفظ الجريدة بنسخة منه.
وكان لسياسة صم الآذان وغلق باب الحوار نصيب من المعاملة في بعض الحالات، حيث اضطرت قائدة الملحقة الإدارية الخامسة، بثينة بوكمزة، إلى التدخل يوم الجمعة الماضي، لدفع إدارة إحدى المدارس الابتدائية الحرة التي تقع ضمن نفوذها الترابي، إلى أن تنزل من برجها العالي وتنصت إلى وجهة نظر أولياء أمور التلاميذ، بعدما باءت كل المحاولات الودية عبر عدة قنوات بالفشل، تقول مصادر الجريدة، حيث تم عقد جلسة حوار تحت إشراف السلطة المحلية، لكن لم يتمخض عن مخرجاتها أي تقدم في الخلافات المطروحة. وقالت مصادر من المتضررين إنهم واعون بالتبعات الاجتماعية للمدرسين ومختلف المستخدمين العاملين بالمؤسسة التي يدرس فيها أبناؤهم، والمتواجدة في منطقة البرانس، كما أنهم ينوهون بوفائهم في متابعة تعليم أبنائهم عن طريق تقنية التعليم عن بعد، لكنهم يرفضون استغلال الإدارة هذه الفئة للي ذراعهم وفرض الأمر الواقع، حيث رفضت الإدارة أية مبادرة لتخفيض أداء المستحقات، برسم شهور أبريل وماي ويونيو، على غرار ما قامت به مدارس أخرى. بل أكثر من ذلك، بعثت إدارة نفس المدرسة إخبارا إلى أولياء الأمور عبر تطبيق “واتساب”، تخبرهم بأنها تعتزم فرض زيادات في مصاريف الدراسة ورسوم التسجيل، ابتداء من الموسم الدراسي المقبل، بمبلغ 200 درهم في الشهر، دون مراعاة التداعيات الاقتصادية السلبية على الآباء والأمهات غير الموظفين، والذين تأثر مدخولهم الشهري بسبب الأزمة التي نجمت عن تفشي فيروس كورونا.