جرت بعد ظهر يوم الجمعة الماضي، أطوار الجلسة الثانية من محاكمة أحد القياديين بحزب العدالة والتنمية بفاس، والمتابع في حالة اعتقال بسبب شكاية تقدم بها ضده رجل سلطة وعدد من أعوانه وعناصر القوات المساعدة، يتهمونه، بتدبيره لصفحة على “الفايسبوك” تُشَهر بالسلطات المحلية، وتتهمهم بالتواطؤ مع حزب التجمع الوطني للأحرار، وبالتورط في توزيع غير قانوني لقفف رمضان وتفريخ البناء العشوائي بأحواز فاس، وإشاعة سوء التدبير بجماعة أولاد الطيب، وهي الجماعة التي يرأسها البرلماني والمنسق الإقليمي لحزب الحمامة، رشيد الفايق، ضمن أغلبية مطلقة لحزبه. وبحسب مصادر “أخبار اليوم”، فإن جلسة محاكمة الكاتب المحلي لحزب العدالة والتنمية بجماعة أولاد الطيب، وعضو شبيبته بالجهة، مصطفى البويحياوي ومن معه، تحولت يوم الجمعة الماضي إلى معركة قانونية حامية، تخللتها ملاسنات قوية بين دفاع القيادي بحزب العدالة والتنمية بفاس، وقاضي الجلسة وزميله ممثل الحق العام، نائب وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية، بسبب رفض محامي المتهم ومن معه إجراءات محاكمتهما عن بعد، في ملف يكتسي طابعا سياسيا يستوجب حضورهما الفعلي للدفاع عن نفسيهما حيال التهم الثقيلة المنسوبة إليهما. وفي هذا السياق، قال المحامي أحمد حورمة، وهو عضو ناشط بحزب العدالة والتنمية بفاس، في حديثه ل”أخبار اليوم”، “تقدمنا إلى المحكمة بجلسة الجمعة الماضي بطلب أولي، عبرنا فيه عن رفضنا للمحاكمة عن بعد للقيادي بحزب “المصباح”، وحجتنا على هذا الرفض هو اعتبار هذا التدبير الاستثنائي للجلسات بالمحاكم المغربية لا يوفر شروط المحاكمة العادلة، كما هو منصوص عليها في المواثيق الدولية التي يلتزم بها المغرب، وكذا الضمانات القانونية الموجودة في دستور البلاد، وقانون المسطرة الجنائية في مادته الأولى، لذالك التمسنا إثبات رفضنا للمحاكمة عن بعد بمحضر الجلسة لاستعماله في مرحلة النقض”. واشتكى المحامي عينه معية أعضاء فريق الدفاع عن القيادي بحزب العدالة والتنمية المعتقل، من عدم قدرة موكليهم والموظف الملحق بالمصالح الإدارية لولاية جهة فاس المتابع هو الآخر في حالة اعتقال، من تتبع جلسة محاكمته عن بعد، والتفاعل من داخل قاعة السجن مع ما يجري بقاعة الجلسات بالمحكمة الابتدائية، حيث إن المتهم لا يمكنه رؤية سوى القاضي الذي يرأس الجلسة ويسمع صوته لوحده فقط، بدون أن يرى دفاعه ويسمع مرافعاتهم، وهو ما جعل محامييه يتشبثون برفضهم لهذه المحاكمة عن بعد، والتي تعتريها كما قالوا للمحكمة اختلالات قانونية وتقنية، ربطوها بعدم تجهيز قاعة الجلسات بالمحكمة الابتدائية بفاس، بالكاميرات الكافية لنقل ما يجري بالقاعة للمعتقلين الذين يحاكمون عن بعد، وتمكينهم من رؤية جميع جوانب القاعة، وتتبع مرافعات الدفاع ومحاميي الجهة المشتكية، وكذا مرافعات ممثل النيابة العامة، بحسب ما جاء في مبررات رفض الدفاع لتدابير محاكمة عضو “البيجيدي” عن بعد. هذا ورد القاضي رئيس هيئة الحكم لدى الغرفة الجنحية التلبسية بالمحكمة الابتدائية، على رفض الدفاع لمحاكمة موكلهم عن بعد، بقوله إن هذا الإجراء جاء كتدبير استثنائي فرضته الحالة الوبائية لمرض كورونا والذي ضرب المغرب منذ بداية شهر مارس الماضي، مشددا على أنه عرض هذا التدبير على المتهم خلال مثوله أمام الكاميرا بداخل قاعة مخصصة بالسجن، فأعلن قبوله لمحاكمته عن بعد، أما بخصوص مواجهته لصعوبات في تتبع كل ما يجري بقاعة جلسة محاكمته بالمحكمة، بحسب ما أثاره دفاعه بجلسة الجمعة الماضي، أجاب القاضي بأن “الموجود من الإمكانيات لدينا هو هذا”، في إشارة منه إلى أنه يتواصل مع المتهم بالسجن عبر كاميرا الحاسوب الذي يستعمله القاضي، مردفا كما قال، “لا يمكن لي وأنا أترأس الجلسة، بأن أقوم بتوجيه كاميرا الحاسوب نحو الدفاع أو ممثل النيابة العامة، لنقل مرافعاتهم للمتهم”، وهو ما تشبث به الدفاع لأجل تمكين موكلهم من تتبع جلسة محاكمته، والتدخل للدفاع عن مصالحه كلما تطلب الأمر ذلك، ضمانا لشروط محاكمته العادلة كما شدد على ذلك دفاعه. وتبقى مفاجأة الجلسة، وضع البرلماني والمنسق الإقليمي للأحرار رشيد الفايق، عبر محاميه فؤاد المهتدي، طلبا للمحكمة يلتمس دخوله طرفا مدنيا إلى جانب القائد ومن معه، في مواجهة القيادي بحزب العدالة والتنمية، والذي يتهمونه بتدبير صفحة على الفايسبوك شهرت بهم، حيث التمس دفاع منسق “حزب الحمامة” درهما رمزيا، طالبا من المحكمة عدم التساهل مع المتهمين ومواصلة محاكمتهما في حالة اعتقال لخطورة ما اقترفاه في حق رجال السلطة بجماعة “أولاد الطيب” ضواحي فاس ومنتخبيها، يُورد محامي البرلماني رشيد الفايق في مرافعته أمام المحكمة. وتنتظر أطراف هذه القضية جولة جديدة حدد لها القاضي جلسة ال29 من شهر ماي الجاري لاستدعاء المشتكين، وهم القائد و3 من أعوان السلطة وعنصران من القوات المساعدة، إضافة إلى ستة مصرحين سبق للضابطة القضائية أن استمعت إليهم، جلهم ناشطون في المجال الجمعوي، حيث سيمثل أمام هذه الجلسة القيادي “بالبيجيدي”.