في الوقت الذي بدأ فيه الجوار الشمالي للمغرب يشهد تراجعا ملحوظا في تفشي وفتك فيروس كورونا المستجد، الذي قسا على القارة الأوروبية في الأسابيع الأخيرة؛ تفاقم الفيروس التاجي في الجوار الشرقي والجنوبي القريب والبعيد للمغرب، حيث بدأ يستبد بالقارة الإفريقية التي كانت تعاني، بنيويا، قبل الأزمة، تدهور الأنظمة الصحية، وانتشار الأمراض، ونقص التغذية، وتصاعد النزاعات السياسية والإثنية والدينية. وفي هذا، لا يختلف المغرب عن أشقائه الأفارقة، حيث تجاوز عدد الإصابات، إلى حدود فجر يوم أمس الاثنين، 4065 مصابا و166 حالة وفاة، لكن انتشار الوباء في المغرب يبقى مستقرا، على العموم، مقارنة بالجيران الشماليين، فيما يبدو «مقلقا» مقارنة بباقي الدولة الإفريقية. هذا ما توصلت إليه «أخبار اليوم» بعد مقارنة تقارير الرصد اليومي لوباء كورونا التي تصدرها مؤسسات تابعة للاتحاد الإفريقي والمغرب والجزائروتونس ومصر وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا وألمانيا والمملكة المتحدة، إضافة إلى منظمة الصحة العالمية ووكالات وصحف عربية وإفريقية وغربية. المغرب والمغارب وإفريقيا سجلت القارة الإفريقية في الأيام العشر الأخيرة، منذ 17 أبريل الجاري، تزايدا ملحوظا في سرعة تفشي الوباء، حيث ارتفعت الإصابات والوفيات في هذه القارة، التي تضم 54 دولة، بنسبة 40 في المائة إلى حدود زوال أول أمس الأحد، وفق مركز المراقبة والوقاية من الأمراض، التابع للاتحاد الإفريقي. وأشار المصدر ذاته إلى تسجيل 31330 مصابا تقريبا، و1409 حالات وفاة، فيما هناك دولتان فقط في إفريقيا لم تسجل فيهما أي حالة إصابة، وهما ليسوتو وجزر القمر. وفي ظل غياب أي تفسير علمي، إلى حدود الساعة، للتباين الواضح في عدد الإصابات بين مختلف المناطق والدول الإفريقية، تحتل مصر، إلى حدود أول أمس الأحد، مركز الصدارة في ما يخص عدد الإصابات في القارة ب4534 مصابا، متبوعة بجنوب إفريقيا بنحو 4400 مصاب، والمغرب ثالثا ب4065 مصابا، والجزائر، رابعا، ب3382 مصابا، متبوعة بالكاميرون ب1550 مصابا، وغانا ب1300 مصاب، ونيجريا ب1200 مصاب، وساحل العاج ب1100 مصاب، وجيبوتي ب1020 مصابا، وغينيا ب1000 مصاب، فيما احتلت تونس المرتبة الحادية عشرة إفريقيا ب949 مصابا، فيما تحتل ليبيا المرتبة ال35 إفريقيا ب61 إصابة، في حين لايزال عدد الإصابات في موريتانيا في حدود 7 مصابين، منذ إعلانها قبل أيام القضاء مؤقتا على الفيروس. وفي ما يخص تصنيف الوفيات في القارة، تحتل الجزائر الصادرة ب425 هالكا بسبب الفيروس، إلى حدود أول أمس الأحد، متبوعة بمصر ب317 هالكا، والمغرب، ثالثا، ب161 هالكا، وجنوب إفريقيا، رابعا، ب86 هالكا، والكاميرون، خامسا، ب53 هالكا، وتونس سادسا ب38 هالكا، متبوعة بنيجيريا ب35 هالكا، فيما سجل هالكان في ليبيا، وهالك واحد فقط في موريتانيا. وفي ما يتعلق بحالات الشفاء، فإن الأرقام المتوفرة الشاملة لكل دول القارة هي تلك التي أوردتها صحيفة «إلباييس» بخصوص يوم السبت الماضي، حيث تحتل الجزائر الصادرة ب1479 متعافيا، متبوعة بجنوب إفريقيا ب1473 متعافيا، ومصر ب1114 متعافيا، والكاميرون ب697 متعافيا، والمغرب، خامسا في القارة، ب537 متعافيا، في حين سجل 207 متعافين في تونس، و18 متعافيا في ليبيا، و6 متعافين في موريتانيا. وقد تتغير هذه الأرقام في الساعات الأخيرة، لكن التصنيف لن يتغير بحكم أن عدد المتعافين في اليوم الواحد بإفريقيا لا يتجاوز 50 متعافيا تقريبا، وإن كان سيحدث تغير ما، فقد يهم تصنيفي الجزائروجنوب إفريقيا المتقاربين. زئبقية كورونا في المغرب وشهد المغرب كذلك، على غرار القارة الإفريقية، ارتفاعا واضحا في عدد الإصابات في الأيام العشر الأخيرة. إذ سجلت، مثلا، يوم 17 أبريل الماضي، 281 حالة إصابة جديدة، ويوم 18 أبريل 121 إصابة جديدة، ويوم 19 أبريل 170 إصابة جديدة، ويوم 20 أبريل 191 حالة، ويوم 21 أبريل 163 حالة إصابة جديدة، ويوم 22 أبريل 237، ويوم 23 أبريل 123، ويوم 24 أبريل 190، ويوم 25 أبريل 139، ويوم 26 أبريل 168 حالة إصابة جديدة. وتظهر الأرقام الأخيرة أن انتشار الفيروس مستقر ومحدود في المملكة، إلا أنه «زئبقي»، وهي الميزة التي اتصف بها الفيروس في دول وصل إليها قبل المغرب، حيث إن الأرقام ترتفع وتعود للاستقرار ثم تتراجع، وتعود للارتفاع ثم تستقر، وهو الشيء الذي ظهر في المغرب يوم 17 أبريل ب281 حالة إصابة جديدة، ويوم 20 أبريل ب191 إصابة جديدة، ويوم 23 أبريل ب123، ويوم 22 أبريل ب237 إصابة جديدة، ويوم ال24 ب190 إصابة جديدة. وهكذا سجلت ما بين 17 و26 أبريل 1783 إصابة جديدة في المغرب. أما حالات الوفيات في المملكة فتراجعت في الأيام العشر الأخيرة، حيث لم تتجاوز 6 حالات في حد أقصى، وأحيانا لم تكن تسجل أي حالة وفاة في اليوم. الجيران الشماليون يتنفسون الصعداء وإذا كان فيروس كورونا سائرا في الزحف على القارة السمراء، لاسيما أن منظمة الصحة العالمية تحذر من أن تفشيه في القارة في مراحله الأولى؛ فإنه بدأ يتراجع بشكل واضح عند الجيران والشركاء الاستراتيجيين الشماليين للمغرب في الأيام الأخيرة، لاسيما في ما يخص درجة الفتك وعدد الهالكين. وعرفت إسبانيا القريبة منا، أول أمس الأحد، أقل عدد من الوفيات منذ شهر، بتسجيل 288 هالكا جديد فقط؛ فيما سجلت فرنسا في اليوم نفسه 242 هالكا جديدا، وهو أقل رقم خلال أسبوع، فيما سجلت إيطاليا 260 هالكا جديدا، وهو أقل رقم يسجل منذ يوم 14 مارس الماضي، عندما سجل 175 هالكا؛ وسجلت المملكة المتحدة 413 هالكا جديدا. وحتى الإصابات بدأت تتراجع، حيث شهدت، مثلا، إسبانيا أول أمس الأحد 1729 إصابة جديدة فقط، فيما سجلت إيطاليا 2324 إصابة جديدة فقط، وكلها أرقام منخفضة مقارنة بتلك التي كانت تسجل من منتصف مارس الماضي. ودفع هذا التحسن الطفيف الحكومة الإسبانية إلى رفع الحجر الصحي بشكل تدريجي، وهو الشيء الذي قالت الحكومة الإيطالية إنها ستشرع فيه ابتداء من 3 ماي المقبل. وبخصوص انتشار الفيروس في الضفة الشمالية للمملكة، تحتل إسبانيا الصدارة أوروبيا ب208 آلاف مصاب، و23190 هالكا، و99 ألف متعاف تقريبا، متبوعة بإيطاليا ب195 ألفا و351 مصابا و26384 هالكا و63120 متعافيا؛ متبوعة بفرنسا ب161 ألفا و644 مصابا و22648 هالكا و45372 متعافيا؛ تليها بألمانيا ب156 ألفا و513 مصابا و5877 هالكا، و109 آلاف و800 متعاف؛ تتبعها المملكة المتحدة ب149 ألفا و569 مصابا و20381 هالكا و774 متعافيا، وفق صحيفة «إلباييس». وإذا كان المغرب سجل، إلى حدود أول أمس الأحد، 4068 مصابا و161 هالكا و593 متعافيا، وسجلت إفريقيا 31330 مصابا تقريبا، و1409 حالات وفاة؛ فإن أوروبا سجلت مليونا و345 ألفا و510 مصابين، و123 ألفا و188 هالكا، و436 ألفا و79 متعافيا؛ فيما اقترب العالم برمته من 3 ملايين مصاب، و204 آلاف هالك و826 ألف متعاف. كورونا عرى ضعف القارة على ضوء ما سبق يبقى الوضع في إفريقيا، لاسيما في دول إفريقيا جنوب الصحراء، مقلقا، في ظل ضعف الأنظمة الصحية، والنقص الحاد في اختبارات الكشف عن الفيروس التي تجرى في اليوم، إلى جانب النزاعات المنتشرة التي تفرض على العديد من الأجهزة الأمنية والعسكرية والاستخباراتية والصحية المواجهة في أكثر من واجهة. وقد سبق لمنظمة الصحة العالمية أن حذرت من احتمال إصابة نحو 10 ملايين شخص في إفريقيا بالفيروس في غضون 6 أشهر. فحتى مايك رايان، المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ الصحية بمنظمة الصحة العالمية، قال، الأسبوع الماضي: «نحن في بداية الفيروس في إفريقيا». وعلى غرار منظمة الصحة العالمية والأممالمتحدة، دق جون نكينجاسونج، مدير مراكز المراقبة والوقاية من الأمراض بالاتحاد الإفريقي، ناقوس الخطر بشأن ما يحمله الفيروس للقارة السمراء في الأيام المقبلة، حيث أكد أن السواد الأعظم من البلدان لديها قدرات اختبار الكشف عن الفيروس «محدودة جدا». بل أكثر من ذلك، منذ شهرين تقريبا من تسجيل أول حالة في القارة، أجري أقل من 500 ألف اختبار فقط، علما أن عدد سكان القارة يصل إلى 1.3 مليار نسمة، فيما تعتقد الأممالمتحدة، التي توقعت إصابة ملايين الأفارقة، أن القارة برمتها تحتاج إلى 74 مليون جهاز كشف عن كوفيد-19 و30 ألف جهاز تنفس. مع ذلك، يبقى المغرب في وضع أحسن حالا مقاربة بأغلب الدول الإفريقية، حيث إن الأممالمتحدة قالت في تقرير سابق لها إن المغرب يمكنه مساعدة أشقائه الأفارقة طبيا، علما أن المغرب يتوفر على الاكتفاء الذاتي في الكمامات ودواء الكلوروكين الذي يستعمل لعلاج كوفيد-19 منذ أسابيع، وليس من المستبعد أن يشرع المغرب في الأيام المقبلة في تصدير هذه المواد الحيوية في الوقت الراهن.