موازاة مع انشغال الأطقم الطبية والتمريضية والتقنية بالمعركة التي يخوضونها بالصفوف الأمامية، في مواجهة نزوح كورونا المستجد على مناطق جهة فاس–مكناس، وجدت المديرية الجهوية للصحة بفاس نفسها وسط فضيحة مدوية، فجرها المكتب الإقليمي للجامعة الوطنية للصحة التابعة لنقابة حزب العدالة والتنمية، تخص صفقة مواد معقمة ومطهرة وصفتها النقابة “بالمغشوشة”، بعدما جرى توزيعها على العاملين القريبين بحكم وظائفهم من مرضى “كوفيد-19″، بحسب ما جاء في بلاغ لنفس النقابة. وجاء في بلاغ المكتب الإقليمي للصحة بفاس التابع لنقابة حزب رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، (توصل “اليوم 24” بنسخة منه)، أن صفقة المواد المعقمة والمطهرة، والتي وصفتها النقابة ب”صفقة العار في زمن كورونا”، باتت تهدد سلامة وصحة الأطر الصحية، والتي تباشر عملها اليومي مع مرضى الفيروس القاتل والمعدي، حيث طالب البلاغ النقابي، وزير الصحة، خالد ىيت الطالب، ولجنة القيادة المكلفة باليقظة والرصد الوبائي، بفتح تحقيق شفاف ونزيه، لتحديد المسؤوليات ومحاسبة كل المتورطين في إبرام صفقة المعقمات والمطهرات المغشوشة. وفي هذا السياق، قال سعيد رميش، الكاتب الإقليمي للجامعة الوطنية لقطاع الصحة، المنضوية تحت لواء نقابة “البيجدي”، “الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب”، (قال) في تصريح خص به “أخبار اليوم”، إن “نقابتنا وبعدما شكت في مصدر المواد الصيدلانية، والتي وزعت منتصف الأسبوع الماضي على العاملين بالمستشفى الإقليمي الغساني بفاس، تخص مواد معقمة ومطهرة، “Gels Hydro Alcooliques”، موجهة للاستعمال من قبل الأطر الصحية والذين يتعاملون مع مرضى “كوفيد-19” والحالات المشتبه فيها، سارعت النقابة إلى دق ناقوس الخطر وكشف التلاعب بصحة وسلامة العاملين بالصفوف الأمامية في مواجهة كورونا، والتنبيه إلى أن المواد المعقمة التي يستعملونها مغشوشة ولن تحميهم من العدوى، بل إنها ستحولهم إلى ناشرين لها. وأضاف ذات المسؤول النقابي في حديثه للجريدة، أن شكوك نقابته كانت في محلها، بعدما تأكد لها أن المواد الصيدلانية الخاصة بالمعقمات والمطهرات المغشوشة، كانت موضوع صفقة أجرتها المديرية الجهوية للصحة بفاس مع شركة مجهولة، لم يرد اسمها ضمن اللائحة التي سبق لوزارة الصحة أن عممتها على كافة مصالح الوزارة ومديرياتها الجهوية ومستشفياتها، تضم أسماء الشركات التي تتوفر على الشروط العلمية والصحية والقانونية لتصنيع وترويج المواد الصيدلانية ومواد التعقيم والتطهير المستعملة بالمستشفيات، و”ما زاد من شكوكنا هو عدم وضع الشركة لملصق على مواد التعقيم تظهر مكونات المنتوج ومراجع تصنيعه، لذلك بادرنا إلى فضح هذه المواد والتي وزعت منتصف الأسبوع الماضي على الأطر الصحية، ونبهناهم من استخدامها لخطورتها على صحتهم ومناعتهم”، يورد المسؤول النقابي بقطاع الصحة بفاس. من جهته، قال مصدر آخر قريب من الموضوع، إن إدارة المستشفى الإقليمي الغساني بفاس، وبتنسيق مع المديرية الجهوية للصحة، والتي يوجد مقرها بنفس المستشفى، سارعت بداية الأسبوع الجاري إلى سحب المواد المعقمة والمطهرة، والتي سبق لها أن وزعتها على الأطر الصحية بالمستشفى، في محاولة منها لطمس الموضوع، وهو ما علق عليه رميش بقوله إن إدارة الغساني والمديرية للجهوية للصحة بفاس، تصرفا بعيدا عن القانون والإجراءات الإدارية، والتي تفرضها واقعة ضبط معقمات ومطهرات مغشوشة صادرة عن صفقة مشبوهة، كما سماها المسؤول النقابي، والتي تتطلب إنجاز محاضر معاينة، وفتح تحقيق لكشف ملابساتها، وإخضاع المسؤولين المتورطين فيها للمحاسبة، خصوصا أن المواد المعقمة المغشوشة وزعت على باقي مستشفيات الجهة بالأقاليم التسعة التابعة لنفوذ المديرية الجهوية للصحة بفاس، وما يعنيه ذلك من تعريض صحة الأطر الصحية والمرتفقين الذين يلجون هذه المستشفيات لمخاطر المعقمات المغشوشة، دون أن ننسى تبعات ذلك على المنظومة الصحية الموجودة في قلب المعركة ضد انتشار فيروس “كوفيد-19”. “أخبار اليوم” اتصلت بالمدير الجهوي للصحة، المهدي البلوطي، للرد على اتهامات المكتب الإقليمي بفاس لنقابة “البيجيدي” بالصحة، بخصوص صفقة المعقمات المغشوشة، والتي أبرمتها المديرية مع شركة يوجد مقرها بمدينة مكناس، لكن المدير لم يرد على الهاتف.