في الوقت الذي تنخرط فيه مختلف الأجهزة الأمنية المغربية والإسبانية والأوروبية، في محاربة انتشار فيروس كورونا المستجد؛ يستغل أباطرة تهريب الحشيش المغربي إلى السواحل الإسبانية هذه الأزمة للرفع من نشاطاتهم، لا سيما في ظل الارتفاع الصاروخي لقيمة الحشيش المغربي في الأسواق الأوروبية منذ أواخر شهر فبراير المنصرم مقارنة مع الأيام العادية. وقد أدى إعلان حالة الطوارئ، مثلا، في إسبانيا إلى اختفاء نقاط بيع الحشيش بالتقسيط، نظرا إلى حظر التجوال والانتشار المكثف للأجهزة الأمنية، ما جعل الحصول على مخدر الحشيش صعبا، بحيث أن الغرام الواحد انتقل من 50 درهما، تقريبا في الأيام العادية، إلى نحو 200 درهم. ويبدو أن أباطرة تهريب الحشيش المغربي إلى إسبانيا يرغبون في استغلال فترة حالة الطوارئ المعلنة في المملكتين لتدارك الخسائر التي تكبدوها في السنتين الماضيتين بعد سلسلة من العمليات الأمنية، والتي مكنت من تدمير البنيات التحتية لشبكات الحشيش بين البلدين، وقادت، كذلك، إلى اعتقال كبار أباطرة الحشيش كما حدث مع الشقيقين “آل كاستانيوس” اللذين يسيطران على 70 في المائة من “تجارة” الحشيش بين البلدين، علاوة على اعتقال المغربي عبدالله الحاج، المعروف ب”ميسي”. وفي الوقت الذي أنعش فيه فيروس كورونا تهريب الحشيش ورفع من قيمته، جمد نشاطات شبكات تهريب المهاجرين من المغرب نحو إسبانيا، بحيث تراجع عدد “الحراكة” إلى الجارة الشمالية خلال الشهر الجاري. في هذا السياق، تمكنت عناصر الأمن والجمارك الإسبانية من اعتراض قارب على بعد 80 ميلا من أرخبيل “إيبيثا”، التابع لجزر البليار شرق إسبانيا، حيث جرى حجز 4 أطنان من الحشيش المغربي واعتقال مهربين بلغاريين. و”قد كان القارب يرسو في مياه جزر البليار أيام قبل أن يبحر في اتجاه المياه المغربية من أجل شحن الحشيش والعودة إلى إسبانيا”، وفق موقع “دياريو دي مايوركا”. وتعتبر هذه الشحنة من أكبر الشحنات التي جرى حجزها في السنوات الأخيرة بالجارة الشمالية. مصادر مقربة من التحقيق أكدت، أيضا، أن المراقبة الأمنية الشديدة في مختلف الموانئ الإسبانية بعد إعلان حالة الطوارئ لمحاربة فيروس “كورونا” سمحت برصد خروج القارب من ميناء “مايوركا”، لا سيما وأنه أثار انتباه عناصر الأمن بعد “اتخاذه مسارا خاطئا”، لهذا تمت مراقبته، وفق صحيفة “إلبيريوديكو”. وتابع المصدر ذاته أن “القارب رسا، لاحقا، قبالة السواحل المغربية، حيث جرت عملية شحن (الحشيش)، ثم عاد صوب جزيرة إيبيثا (الإسبانية)”. وفي محاولة تمويهية لمحو معالم الجريمة، أضرم الربانان البلغاريان النار في القارب لإبعاد الشبهات عنهما، لكن الأمن تدخل. من جهتها، اكتفت وزارة الداخلية الإسبانية بالقول إنها حجزت قاربا محملا بأربعة أطنان من الحشيش كان متوجها نحو إسبانيا، واعتقلت شخصين. وأردفت أن القارب يحمل العلم الهولندي. واعترفت وزارة الداخلية الإسبانية بأن أباطرة تهريب الحشيش لم يلتزموا ب”الحجر الصحي” المفروض بقوة قانون الطوارئ، مشيرة إلى أن “المنظمات الإجرامية المتخصصة في تهريب المخدرة لازالت مستمرة في تهريب كميات كبيرة من المخدرات التي تعبر البحر الأبيض المتوسط صوب أوروبا، مستعملة إسبانيا كوِجهة للبيع وقاعدة استراتيجية”. وعادت الداخلية الإسبانية لتقول إنها اعتمدت خطة تتلاءم مع الظروف الصعبة الحالية لمواجهة أباطرة المخدرات. وفي هذا تقول: “في ظل الحجر الصحي بسبب كورونا المستجد وإعلان حالة الطوارئ من قبل الحكومة، اتخذ المحققون مجموعة من الإجراءات لمحاربة الاتجار في المخدرات بعدما لاحظوا، أثناء تحليل معلومات استخباراتية، أن الاتجار بالجملة في بالمخدرات (وليس التقسيط) لازال مستمرا”. وتجنب البلاغ الإشارة إلى المغرب. فيما قالت المصادر المقربة من التحقيق إن العملية الأمنية شاركت فيها الأجهزة البريطانية والمغربية. وفي ظل صعوبة الوصول إلى القيمة الحقيقية للكيلوغرام الواحد من الحشيش، سواء في المغرب أو إسبانيا، في الظروف الصعبة الحالية التي يبدو أن استهلاك المخدرات فيها قد يتراجع بحكم حالة الطوارئ المعلنة في البلدين، زعمت صحيفة “البوبليكو” أن سعر الكيلوغرام الواحد في المغرب قد يصل إلى 3000 درهم، لكن بعد تهريبه إلى أوروبا قد يتراوح ما بين 13 ألفا إلى 19 ألف درهم، حسب البلد ونقاط البيع. وعلى غرار ارتفاع أسعار بعض السلع وحتى اختفائها بالجارة الشمالية، ارتفع سعر الغرام الواحد من الحشيش المغربي، ما بين 50 و60 درهما قبل الأزمة الحالية ليصل إلى 150 درهما وحتى 200 درهم في بعض الأحياء الإسبانية في ظل حظر التجوال، وفق صحيفة “إلثييري ديجيتال”. وخلص المصدر ذاته قائلا: “الحقيقة هي أن مهربي المخدرات تمكنوا من كسر حالة الطوارئ والغرامات وسنوات السجن التي يمكن أن تترتب عن ذلك. إنها مخاطرة مربحة تسمح لهم بالاستفادة الكاملة من الوضع الفوضوي والمؤسف الذي تعاني منه إسبانيا للرفع من أرباحهم” القائمة على تهريب المخدرات.